Pages

رثاء شعب -الزبيري -




رثاء شعب



وأن شِعري إلى الدنيـــا سينعيــــــه

ما كنت أحسـب أني سوف أبكيـــــه

حيا أمزق روحـــــي في مراثيـــــــــه

وأنني سوف أبقى بعـــــد نكبتـــــــه

يوم الكريهة كانــــــوا من أعاديـــــــه

وأن من كنت أرجـــوهم لنجدتــــــــه

لأنهــــم حققـــوا أغلـــى أمانيـــــــه

ألقى بأبطاله في شـــــر مهلكـــــــة

حتى انمحى كل نـور في مآقيـــــــه


قد عاش دهراً طويلا في دياجـــــــره

ولا الصبــــــــاح إذا ما لاح يهديــــــــه أعلى

فصار لا الليـــــــل يؤذيه بظلمتــــــــه

خلاصة العمر ماضيــــــه ، وآتيــــــــه

فإن سلمت فإني قــد وهبت لـــــــه

وحـــدي فداء ويبقى كــل أهليـــــــه

وكنت أحرص لو أنــي أمـــــوت لـــــه

ما كـل مــن يتمنـــــــاه ملاقيــــــــــه

لكنه أجــل يأتـــــــــي لموعـــــــــده


أنفاس روحــي تفديــــه ، وترثيـــــــه

وليس لي بعده عمر و إن بقيت. . . .

ولسـت أقتــــات إلا من مآسيــــــــه

فلســـت أسكـــن إلا في مقابــــــره

تهيم بين رفـــــــات مــن بواقيــــــــه

وما أنـــا فيــــه إلا زفـــــرة بقيـــــــت

فوقي وجرَّت بيافوخي دواهيــــــــه

إذا وقفت جثا دهري بكلكـــــــــــــــه


على طريقي شباكا من أفاعيـــــــــه


وإن مشيت به ألقـت غياهبــــــــــه

في طعنة مزقت صدري وما فيــــــــه

تكتلت قـــوة الدنيا بأجمعهــــــــــــا

سهت فأبقته في روحي دواهيــــــه

أنكبــــــة مــا أعاني أم رؤى حلـــــم

تبكي النضال ، وتبكي خطب أهليــه

أعوامنا في النضـــــال المرّ جاثيـــــــة

تجلوه عاراً على الدنيــــــا وتخزيـــــه

بالأمس كانت على الطغيان شامخة

بهم ، ولا كان فيهـــم من تناويـــــــه

وارتاع منها طغـــــاة مــا لها صلــــــة

من كان عريـان منهم في مخازيـــــه

لكنهم أنسوهـا شعلـــــة كشفــــت

لكيدنــا كل مأجـــــــور ، ومشبـــــوه

فأجمعــوا أمرهــم للغـــدر ، وانتدبــوا

تسومنا كـل تجريـــــح ، وتشويــــــه

واستكلبت ضــــــدنا آلاف ألسنــــــة

أنا لنــــــا كـل تبجيـــــل ، وتنويــــــه

من كل مرتزق لو نـــــال رشوتنـــــــا

خيانــــــة الشعب جاءتنـــا تهانيـــــه

وكل طاغيـة لـــو ترتضــــي معـــــــه

عينيـــه ، فانفجـرت فينــــــا لياليــــه

وكل أعمــــــى أردنا أن نـــرد لــــــه

فيه الكـــــلاب لزكاهــــــتا مزكيــــــه

وكل بوق أصم الحس لـــو نبحــــــت

عليــــــه من كل تضليـل وتمويـــــــه

وألَّبوا الشعب ضد الشعب وانــــدرأوا

لم يقبلوا منـك قربانـــــــا تؤديـــــــــه

يا شعبنا نصف قرن في عبادتهــــــم

تنيلهــم كل تقـــــديس ، وتأليــــــــه

رضيتهم أنت أربابا وعشت لهــــــــم

ولم تذق راحــــــة ممــا تقاسيـــــــه

لم ترتفع من حضيض الرق مرتبــــــة

تطهير طاغية من سكـــرة التيــــــــه

ولا استطاعت دمـــوع منك طائلـــــة

حياتهــم لك في نصــح وتوجيـــــــــه

ولا أصخت إلينــا معشــــراً وقفــــــوا

ونسحق الصنــــم الطاغي فتبنيـــــه

نبني لك الشـرف العالي فتهدمـــــه

حيا ونشعـل مصباحـــــا فتطفيـــــــه

نقضي على خصمك الأفعى فتبعثــه

أرى بحضنـــــك ثعبانـــــــا تربيــــــــه

قضيت عمرك ملدوغـــــــا ، وهــــأنذا

الشكوى وأصل البلا فيمــا تلاقيــــــه

تشكو له مــا تلاقي وهــــو منبعـــث

ــــريها ورأسك تحت النيـــر تحنيـــــه

أحلى أمانيه في الدنيا دموعك تجــــ

سماً .. ، ويعطيه طبـا لا يداويـــــــــه

وجرحك الفاغـر الملســـوع يحقنــــه

الشكوى فيكفيك ماضيه ، ويكفيـــــه

فلا تضع عُمُر الأجيال في ضعـــــــــة

ولا سجودك في الأعتاب يرضيــــــــه

فما صراخك فـي الأبــــواب يعطفــــه


بطشا ، ولا دمك المسفوح يرويــــــه

لا عنقك الراكع المذبـــوح يشبعــــــه

منهم مــــلاذك مـن رق تعانيــــــــــه

فامدد يديـك إلى الأحـــرار متخــــــذا

جيل تؤججه الذكـرى ، وتذكيــــــــــه

ماتوا لأجلك ثم انبــــتَّ من دمهـــــم

درسا إلى مقبل الأجيال يمليـــــــــه

يعيش في النكبة الكبرى ويجعلهـــــا

عن نهجه في نضال ، أو مباديــــــــه

لا يقبل الأرض لـو تعطــى له ثمنـــــا

طاغ ، وبخدعه و عـــد ، ويغويـــــــــه

تدكان يخلبـه لفــــــظ يفــــــوه بـــــه

بلقمة سلها بالأمس مـن فيـــــــــــه

وكـان يعجبــــه لص يجـــــــود لــــــه

القديس من طول دمع كان يجريـــــه

وكان يحتسب التمســـــاح راهبـــــه

لأنه كـان بالأخـــــــــرى يمنيــــــــــه

وكان يبـذل دنيــــــــاه لحاكمــــــــــه

ظنا بأن ســــلام ألـــرق ينجيـــــــــه

وكان يرتاع من سوط يلـــــــــوح لـــه

دم ، وهزته فــي عنــــف معانيــــــه

واليوم قد شب عن طوق ، وأنضجــه

وفاتهـم أن عنف الحقــــد يحييـــــــه

رأى الطغاة بـــأن الخـــوف يقتلـــــــه

لى جهنــم تمحــــــوه ، وتلغيــــــــه

قالوا انتهى الشعب إنا سوف نقذفـه

ولينسحق كــل نبض من أمانيــــــــه

فلينطفىء كل ومض من مشاعــــره

الأعمى وتحترق الأنفاس في فيــــه

وليختنق صوته في ضجة اللهــــب ..

ولنحتسي الخمر دمعاً من مآقيــــــه

لنشرب الماء دمــا مـــن مذابحـــــــه

ولنضحك اليوم هزءاً مـــن بواكيـــــــه

و لنفرح الفرحة الكبـــــرى بمأتمـــــه

فنحن أولى بــــه من كل أهليــــــــه

ولنمتلك كل ما قـد كـــــــان يملكـــه

في الأرض ذلك شعب مــات نرثيــــه

ولينسه الناس حتى لا يقــــــول فـم

عربيدهــا الفظ يرديهـــــا وترديــــــــه

ويح الخيانات من خانت ، ومن قتلـت

من قاتليه ، وأدهى من دواهيــــــــه

الشعب أعظم بطشا يوم صحوتــــــه

وكي يجن جنونـــــــا من مخازيـــــــه

يغفو لكي تخدع الطغيان غفوتــــــــه

وكي يخرَّ وشيكـــــا في مهاويـــــــه

وكي يسير حثيثا صوب مصرعـــــــــه

بها إلى فوق ما قد كنت أبغيــــــــــه

علت بروحي هموم الشعب وارتفعت

حق القصاص على الجلاد أمضيــــــه

وخولتني الملاييـــن التــــي قتلــــت



شِعري بها شر قاض في تقاضيــــــه

عندي لشر طغاة الأرض محكمـــــــة

من عرشه تحت عبء من مساويـــه

أدعو لها كل جبـــــار ، وأسحبــــــــه

إذا رفعت لــــــــه صوتي أناديـــــــــه

يحني لي الصنم المعبـــــود هامتــه


حكمي ، وأدفنه في قبـر ماضيـــــــه

أقصى أمانيه منـــــي أن أجنبـــــــــه


صوت الملايين في شعري تناجيـــــه


و شر هول يلاقيـــــه ، ويسمعـــــــه

بكل ما فيـه للدنيـــــــــــا وأرويــــــــه


وأن يرى في يدي التـــاريخ أنقلــــــه

مني فيمعن رعبـــــا في توفيـــــــــه


يرى الذي قد توفي حلــــــم قافـــــة

في قبره ازداد مـــــوتا ، أو مرائيــــــه


وليس يعـرف أني ســـوف ألحقــــــه

أشد من موت عــــزريل قوافيــــــــــه


أذيقه المـــوت من شعــــــر أسجــره

الطغيان فازداد هولا في معانيـــــــــه



موت تجمع من حقد الشعوب علــى

عن الجحيم ، وما فيه ، ومن فيــــــه

يؤزه في اللظى غمــزي ،ويذهلـــــه


قد أنضجته قـــــرون من تلظيــــــــــه



سأنبش الآه من تحت الثــرى حُممـا


حكم الشرور من الدنيــا وأنفيـــــــــه



وأجمع الدمـع طوفـــانا أزيـــــل بـــــه


ــبرَّاق أو كيفمـــــا كانت أساميــــــه



أحارب الظلم مهما كــان طابعـــه الــ



ولحم نيــرون بالسفـــود أشويــــــــه



جبين جنكيز تحت السوط أجلـــــــده



أو جاء من " لندن " بالبغي يبغيــــــه



سيان من جاء باسم الشعب يظلمه



وعنق "جنبول" باسم الشعب ألويــه أعلى



" حجاج حجة " باسم الشعب أطرده