Pages

مملكة الفضائح اسرار القصور الملكية السعودية



الجزء الاول
دار الإنسان
بيروت ـ لبنان
"تمهيـد"
القرف ..
الاشمئزاز..
القشعريرة
الرعب ..
تلك اخف الاحاسيس التي تنتابني كلما قرأت شيئا عنا "آل سعود"، حتّى لو كان كاتبه من بطانة تلك العائلة.
قتل .. انتهاك حرمات.
ابتزاز .. اختطاف
ارهاب..
سياسة دائمة لهذه العائلة المجرمة، تمارسها ضدّ العرب والمسلمين في داخل الجزيرة وفي خارجها.
فضائح تزكم روائحها الأنوف.
سقوط اخلاقي
دناءة
ليال حمر
بيع الوطن على موائد القمار
تهتك
جهل ودجل
وضاعة وحقارة
تلك صورتهم في العالم وفي وسائل الاعلام العالمية المرئية والمسموعة والمقروءة، على الرغم من ملايين الدولارات المنهوبة يوزعونها على الجرائد والمجلات لتلميع صورتهم القذرة ، فلا يزيدهم التلميع الا وضوحا وانكشافا.
لست ممن يعن بفضائح الناس، ولكنني مروع، يكاد القرف والاشمئزاز من هؤلاء يقتلني..
صدقوني ... لو ان غيرهم فعل ما فعلوه، لربما اغضبت الطرف، ووكلت الامر إلى من تهمه الفضائح..
ولكن مع هؤلاء، المسألة تختلف ..
هؤلاء يحكمون اقدس ديار المسلمين..
هؤلاء يتربعون على عرش ينتهك حرمات الله ..
هؤلاء متسلطون على بيت الله الحرام، وعلى قبر نبيه الكريم (ص) ..
هؤلاء يتلقون مئات الالاف من الحجاج كل عام..
هؤلاء يعلنون انهم يطبقون الإسلام ..
هؤلاء يقطعون كف المواطن ان سرق، ويجلدونه ان زنا، وهم من اكابر اللصوص، وأغرق الناس في الموبقات والمحرمات على أنواعها.
هؤلاء يتسمى ملكهم مرة بالامام، ومرة بامير المؤمنين، ومرة بحامي الحرمين، ومرة بخادم الحرمين..
هؤلاء منحوا لأنفسهم حق التكفير، فاصدروا احكام شيخهم محمد بن عبد الوهاب في تكفير المسلمين كل المسلمين...
هؤلاء يطبلون ويزمرون لفلسطين وشعب فلسطين، ويلوكون لفظة (الجهاد) كما يلوكون المال الحرام، واللحم الحرام، حيا وميتا..
هؤلاء وضعوا لهم علما عليه الشهادتان المقدستان...
ثم يفسقون ، سرا وعلانية..
ولا تأخذهم في الفسق لومة لائم ..
ولا يردعهم عن موبقاتهم عذل عاذل..
ولا تردهم عن غيهم آلاف النصائح.
حسنا، فهمنا أنهم فسقة قتلة مجرمون، فهمنا ان قصورهم مباءات لكل رذيلة، ولكن .. لماذا يتجاهرون بذلك؟!
لماذا صور الانخاب، وذكريات الليالي الحمر؟!
لماذا سهرات المقامرة، وموائد الخمر، وكاميرات الصحافة؟!
لماذا يلبس مليكهم الصليب علانية في لندن؟!
لماذا الشذوذ ؟!
لماذا الاصرار على المجاهرة بكل ذلك؟!
ان للمجاهرة، ها هنا، معنى.
نعم ان كثيرا من الملوك والحكام في ارض المسلمين لا يلتزمون بتعليمات الاسلام، ولا يهتمون ادنى اهتمام بالالتزام الاخلاقي.. ولكنهم.. في الغالب الاعم.. لا يصرّون على علانية افعالهم.. ويبذلون جهدهم ألا يصل شيء من أفعالهم تلك إلى الصحافة والاذاعة وشاشات التلفزة.
فلماذا لا يستتر "آل سعود" في جرائمهم ؟!
بالطبع نحن لا نؤيد (الفسق السرِّي) فالفسق فسق .. والفاسق فاسق.. في السر والعلن.
نحن لا نريد (الحرام).. لا نريد الفضائح . . لا نريد الخيانة .. لا في السر ولا في العلن..
لكننا نلاحظ عند "آل سعود" ما لا نلاحظه عند غيرهم..
غوص إلى آخر دركات الجريمة ..
تشبع حتّى الثمالة وحتى نخاع العظام بالخيانة والسقوط الاخلاقي والانساني..
ثم المجاهرة .. والاصرار على المجاهرة..
فلماذا ؟!..
الجواب سهل ميسور .. ولولاه، ولولا انّه صادر من "آل سعود" حكام مكة والمدينة.. لما اختنقنا بروائح فضائحهم...
الجواب مسهل ميسور ... فهؤلاء المتسلطون على اقدس ديار الإسلام .. يجب أن يكونوا افسد الحكام...
دعوة وهابية إلى الإسلام ...
وتطبيق مزور مزيف لبعض الحدود والعقوبات...
ومجاهرة بالحرام..
فهل هناك طريق افضل من هذا لتسقيط الاسلام، واهانة المسلمين؟
هل هناك سبيل افضل من هذا لتحطيم القيم الاخلاقية عند الشعوب الإسلامية؟ فما دامت هذه أعمال خادم الحرمين، فهذا هو الإسلام اذن ؟! فما علينا الا وضعه جانبا بل والقضاء عليه..
وما دامت وسائل الاعلام تنشر غيضا من فيض من جرائمهم وفضائحهم، وهم يفتخرون بذلك، ألا يعطي ذلك انطباعا عالميا مشوها عن الإسلام والمسلمين.
لو غيرهم فسق..
لو غيرهم لبس الصليب..
لو غيرهم سجن وقتل وشرد..
لو غيرهم بدد الاموال على موائد القمار ...
لو .. ولو .. ولو...
لما كان له ما لأعمال هؤلاء من اثر في نفوس الجيل الجديد،ولا في خدمة مخططات الصهيونية التي تريد تدمير الاسلام، وتحطيم العرب.
حكام "آل سعود"، ينصبهم اعلامهم، باعتبارهم المثل الاعلى للأمة الاسلامية، للعرب ، للشباب..
اقرؤوا جرائدهم ، ومجلاتهم ، وانظروا إلى صورهم في الحج وغير الحج...
ملائكة ؟! انبياء ؟ ! اكثر واكثر..
من هم الملائكة الذين خلقوا بلا خطيئة إلى جانب هؤلاء (البشر) الذين خلصوا انفسهم من الخطيئة فصاروا عند الله افضل من الملائكة..
نعم ا يها السادة هكذا يقول اعلامهم..
ثم اقرؤوا..
ومن هم الانبياء ؟!
ألم يكن إبراهيم الخليل (ع) شاكا، فعبد القمر، وعبد الشمس، واخيرا اهتدى ؟!
ألم يخطئ موسى (ع) في سياسة قومه فتركهم لعبادة العجل ؟!
ألم يفشل عيسى (ع) في هداية قومه ؟!
ألم يخسر محمد (ص) معركة احد ؟!
فمن هم الانبياء، إلى جانب "آل سعود" ؟!
انهم المثل التاريخي الأعلى لكم ايها الشباب..
انهم القادة النماذج للشعوب الاسلامية، وعلى كل الحكام ان يحجوا إلى قصورهم، وتصفق لهم شعوبهم حين يستجدون "آل سعود" كومة من الدولارات، مقابل حفنة من الجواري والغلمان، والتذلل لبني اسرائيل ...
هذه هي اللعبة..
نفاق ودجل ..
يعبثان في صالح المخطط الصهيوني الخبيث : تشويه صورة الاسلام، وابراز الشذوذ باعتباره نموذجا يحتذى، وقدوة يقتدى بها، تمهيدا لتسقيط الاسلام، وتحطيم الامة.
فالعالم يحتقر الإسلام لأن صورته هي صورة "آل سعود".
والعالم يحتقر العرب لأن صورتهم هي صورة "آل سعود"..
والشعوب الإسلامية ما بين مقلد "لآل سعود" باعتبارهم النماذج والقادة والمثل الاعلى، وما بين رافض للاسلام لأنه رافض "لآل سعود".
وقلة واعية ذكية.
واعية بالمخطط الصهيوني الخبيث ..
والتهويد النشيط لكل معالم العروبة والاسلام.
نعم .. ذلك هو المخطط.
ولولا ان ابطاله الممثلين له يحكمون دار الإسلام باسم الإسلام .. لما وضعت هذه المرآة أمام وجوه "آل سعود" الكالحة، وعيونهم الخبيثة..
لست من المعنيين بالفضائح والمتفاضحين..
ولست ممن يتتبع عورات الناس...
والله يحب الساترين...
ولكن المسألة، ها هنا، تتجاوز كونها مجرد اغلاط، وانسياقا وراء الهوى، وطيش الترف..
انها مؤامرة خطيرة على الإسلام والمسلمين، عربا وغير عرب..
بل انها مؤامرة لتدمير القيم الاخلاقية، وتحطيم التعارف بين الشعوب والامم، حين يكون "آل سعود" وسيلة من وسائل تسبيب النظرة الاحتقارية التي يواجه بها العرب والمسلمون اينما رحلوا في بلاد العالم.
أي مجرمين هؤلاء ؟!
واي دور مخرب وخبيث يلعبون ؟!
انظر إلى دار قمار في لندن اسمها (مكة)..
انظر إلى الافلام السينمائية، وكيف تصور العرب والمسلمين على غرار الصورة القذرة لهذه العائلة القذرة..
مرة كنت ازور مستشرقا في احدى دول اوروبا، وما ان دخلت عليه وعلم اني عربي، حتّى رفع يديه إلى رأسه يرسم صورة العقال، ثم رسم بيديه في الهواء صورة (برميل بترول) وكشر عن اسنانه بضحكة صفراء... وأراني صورة لفهد وهو يتبادل الانخاب مع الرئيس الامريكي..
انظر إلى ما تعرضه التلفزيونات في فرنسا وبريطانيا والمانيا وايطاليا واسبانيا والولايات المتحدة وغيرها، واستمع إلى اذاعاتهم، واقرأ صحفهم، ستطالعك فضائح هذه العائلة بكل سخرية وشماتة، حتّى تشعر بالمذلة ولو كنت من اعداء "آل سعود"..
ولا تحسبن ان هذا الذي يعلن يهدف إلى تشويه صورة "آل سعود"...
كلا .. لا وجه لهذا الحسبان..
انها مؤامرة متفق عليها مع "آل سعود"، في مقابل بقائهم على العرش، ولقد رأيت ان واجبي، يدعوني إلى فضح مؤامرة "آل سعود"، ورد الكيد الصهيوني الصليبي الاهوج، والكشف عن اخطر مؤامرة تسري نتائجها اليوم في جسد الأمة، ودعوة الغيارى والمخلصين إلى الضرب بيد من حديد على رؤوس الفساد في بلاد العرب...
فكان ان فكرت بوضع كتاب يؤرخ لهذه الاسرة الحاقدة.
وفعلا ابتدئت بذلك...
لكن المهمة كانت عسيرة.. والرحلة في مضمار ذلك البحث تكلفني ما لا طاقة لي به ماديا ومعنويا..
حاولت ان اتجاوز الموضوع، وأن أدع المهمة لغيري..
لكني اعترف .. أن الدواعي كانت اقوى من العقبات...
وكان الهدف يدعوني إلى ان ارتفع إلى مستواه، والى ان اقوم بواجبي الذي استطيعه.
فبدأت الرحلة الشاقة المضنية..
قرأت ما كتب عن "آل سعود" من قبل مريديهم وازلامهم والمسبحين بحمدهم..
ثم قرأت ما كتبته الاقلام النزيهة الشريفة من أبناء الجزيرة العربية ..
وقرأت ما كتبته بعض عناصر فصائل المعارضة الوطنية والقومية والاسلامية واخيرا تجولت في رحاب ما كتبه الاوروبيون عن الجزيرة ، والملوك، والامراء، وغير ذلك.
وبذلك تجمعت في ذهني الملامح التي يجب ان يسير بموجبها البحث...
وهنا ظهر التحدي مرة أخرى.
لأن تاريخ هذه العائلة حافل بكل الاعمال اللاانسانية واللاخلاقية، وأن تاريخها سيحتاج إلى مجلدات ومجلدات..
لذلك ارتأيت ان اقتسم العمل إلى مراحل..
وكانت المرحلة الاولى متمثلة في هذا الكتاب .. باعتبار مادة شاملة واسعة ومنوعة، ربما تغني عن غيرها في تحقيق الهدف المنشود من وراء الكتابة النزيهة عن "آل سعود".
ان منهج هذا الكتاب سيترك للحقيقة حق الكلام، سيستـنطِقها، وسيتركها تظهر نفسها كما يحلو لها.

المقدمة
يقول العلامة المصري الافريقي (ابن منظور) في لسان العرب مادة (فضح) : "الفضْح: فعل مجاوز (أي : متعدّ) من الفاضح إلى المفضوح . والاسم: الفضيحة ويقال للمفتضح: يافضوح . ويقال : افتضح الرجل يفتضِحُ افتضاحاً إذا ركب أمرا سيّئا فاشتهر به).
وهذا المعنى ينطبق انطباقا تاما كاملا على "آل سعود". فهم دائما يرتكبون الأمور السيئة، وهم دائما مشتهرون بها.
ان كل لحظة من لحظات (آل سعود) يحدث فيها من (الأمورالسيئة) ما يحدث، فحياتهم سلسلة متصلة الحلقات من الفضائح.
إن (الفضائح) هي التاريخ الحقيقي "لآل سعود".
فضائح في السياسة لأنهم ذيول للدول الكبرى وخاصة امريكا، ينفذون كلما يملى عليهم. من هم الذين رسخوا وجود الكيان الصهيوني ؟ من هم الذين فجروا حرب الدمار بين العراق وايران؟ من هم الذين وراء كل تخريب على طول العالم العربي والعالم الإسلامي كله؟ من هم الذين فتحوا الجزيرة أمام الدنس الاستعماري؟... الخ..
وفضائح داخلية تتمثل في الارهاب والقتل والسجون وسمل العيون وانتهاك الاعراض ومصادرة الأموال والاختلاسات واشاعة الفسق والمجون والمخدرات.. الخ..
وفضائح اخلاقية من السكر والعربدة والقمار وكل أنواع الشذوذ والجنس الحرام...
وفضائح الرشاوي وبيع الوزارات وميزانياتها على موائد المقامرة .. (فضائح لا تعرف الحدود) ذلك هو العنوان الذي يجب ان يكتب على جباه "آل سعود" رجالا ونساء.
ولقد جمع كتابنا هذا - (غيضا من فيض) - من تلك الفضائح، واشار إلى بعضها الاخر مما لا تمكن كتابته .. على أمل استكمال المشروع..
الفصل الاول
دعامتا المُلك : الجنس والدم
الخطوة "السعودية" الاولى : فساد مكشوف
كان "عبد العزيز" يحارب يوما قبيلة العجمان. وكانت حملة "آل سعود" ضدها في حالة يرثى لها إذ لم تعد هنالك بارقة من أمل في النصر. وكان رجال "آل سعود" قد بدأوا يفقدون الأمل. وبدأ البدو يهربون ليلا بعد أن تلاشى أمل الحصول على الغنائم. لقد فقد "عبد العزيز" مهاراته.
وفي صبيحة أحد الأيام جرح "عبد العزيز" اثناء اشتباك مسلح حيث اصيب بطلقة في بطنه. وعلى الرغم من أنه طلب من رفاقه ان يبقوا الأمر سرا، سرعان ما انتشر الخبر بين أتباعه، فكان بمثابة نذير الشؤم الأخير. عندها استدعى "عبد العزيز" امير القرية التي كان قد نصب معسكره بجوارها. لغرض الاستفسار عن بنات ذلك الأمير وعما إذا كن في سن الزواج وهل هن عذارى. فرد الأمير بالايجاب. ولدى سماع "عبد العزيز" لذلك قال مخاطبا الأمير: في هذه الحالة انهض وأقم وليمة لأني سأتزوج أجمل بناتك هذه الليلة.
ونُحرت الاغنام والابل وأكل أفراد جيش "عبد العزيز" حتّى شبعوا. ولما حان الوقت دخل "عبد العزيز" على عروسه. وكانت العادة البدوية هي ان تدافع العروس عن عذارتها في ليلة الزفاف وتقاوم عريسها كتعبير عن عفتها، بينما تنصت النسوة خارج الخيمة لأصوات التي تنبعث من داخلها. وتثبت أصوات المقاومة شرف العروس، وقد تدوم وقتا طويلا.
ولكن في تلك الليلة لم تدم المقاومة الا قليلا. وسرعان ما خرجت النساء تحملن منديلا مضمخا بدماء الطهارة، الامر الذي يثبت عذرية العروس. غير ان جنود "عبد العزيز" رأوا في بقع الدم برهانا آخرا: ان قائدهم على الرغم من جراحه مقتدر كما عهدوه . (المملكة - روبرت لاسي).
تزوج "عبد العزيز" لأول مرة وهو في السادسة عشر أو السابعة عشرة من عمره، ويعلم كل مسلم ان الغاية من الزواج هي انجاب الاولاد. الا أنه لا يوجد هنالك رجل ينجب ثلاثة واربعين ولدا وعشرين بنتا (وهذا تقدير محافظ) في اقل من نصف قرن من الزمان بدافع الشعور بالواجب فقط، كما لم يدع "عبد العزيز" قط انّه لم يستمتع بعملية الانجاب أشد الاستمتاع. "انها متعة لا مثيل له على وجه الارض" - هذا ما قاله "عبد العزيز" ذات مرة للشيخ عبد الله السالم الصباح - (كتاب المملكة - روبرت لاسي).
بهذه المنطقة ، وبهذا الاسلوب يستهل "عبد العزيز" خطواته الاولى. هذا الذي يتفوه علنا بهذا الوصف، والذي لا يجد حرجا في انتهاك فتيات القرية بقوة الجيش الذي معه على ما يحدثنا به المؤرخون مما خففه مترجم كتاب (المملكة) في النص السابق، أيمكن ان يطلق عليه اسم (الامام) ؟‍! اللهم الا إذا كان امام في الفسق والفجور والانحلال الاخلاقي (وكل امة بامامهم).
وحين كانت الدول الكبرى تبحث عن المنبوذين وجدت في هؤلاء ضالتها : وارسلت اليهم بساقطات المخابرات مثل اليزابيث تايلر كالفيري ومس بل !!
الامير المراهق والفتيات
ولم يكتف الاعلام "السعودي" الاجوف بذلك بل خلع على "عبد العزيز" صفات الجمال (أي والله) وأن الفتيات كن يتساقطن على قدميه وهو (مغرور بجماله) لا يلتفت اليهن. ولكنهن لم ييأسن، فظلت محاولاتهن تبذل على قدم وساق، ولكن صحبه وقفوا لهن بالمرصاد. ونتركك ايها القارئ العزيز مع ص 206 - 207 من كتاب (شيم عبد العزيز):
وبقدر ما كان خلقه مغريا للفتيات الحسان اللواتي يحاولن ما استطعن فتنته وجلبه اليهن، ليصطدنه بسلاحهن الماضي، الذي يأسر القلوب، ويستوي الافئدة، كانت اخلاقه حافزات الفتيان المغامرين المتمردين، على أن يستثمروا تلك الصفات لانفسهم، وأن يبذلوا ما استطاعوا من الجهد الذي يمكنهم من حراسة الفتى من غزو الجنس اللطيف لفؤاده، وهيمنتهن على مهجته.
الفتى على مفترق الطرق:
كانت ناعسات الطرف يحاولن اغراء الفتى بشتى الوسائل، ومختلف الاسباب، وكان الفتيان واقفين لهن بالمرصاد، وكانت الفاتنات عرفن أنهن إذا لم يصِدْن الفتى الان، فانه من غير اليسير عليهن أن يظفرن به عندما يشغله رفاقه المهووسون بالمغامرات والثورات التي يؤمن بها، بل أردْن أن يظفرن به قبل أن يشغل هو نفسه بتنفيذ ما يدور في مخيلته من طموح يدغدغ آماله، وأمان تداعب أفكاره. ولذلك كن يترقبن غفلة الفتيان بفارغ الصبر من ناحية، ويحاولن اغراء الفتى بشتى وسائل الاغراء من ناحية ثانية، ليرمينه بسهامهن التي لا تخطئ الهدف.
كان الفتيان لهن بالمرصاد، وعلى جانب كبير من اليقظة والانتباه، لكل ما يبدينه من حركات وسكنات نحو فتاهم معقد آمالهم، ومحط أمانيهم، وكانوا يعلمون ان أي كسب تناله الفاتنات فانه سيكون على حساب امانيهم التي يحلمون بتحقيقها ، على يد فتاهم.
وهكذا ظل المتنافسان يصطرعان، وظل الفتى على مفترق الطرق، وهو إلى جانب الفتية أميل منه إلى جانب الساحرات، وان كان مهددا من الاسهم المسلطة عليه منهن في كل لحظة وحين.
انظروا إلى قول هذا المؤلف (في كل لحظة وحين) وكأن "عبد العزيز" كان يعيش في ماخور أو بيت دارة، لا في مجتمع البادية ومدينة الكويت ولا ندري عن اية (فاتنات - وناعسات الطرف) يتحدث هذا الكاتب. ولنستمر مع صاحب (شيم عبد العزيز):
(وفي غفلة من الفتيان نصبت احدى الفتيات الماهرات بالصيد شبكتها لتصطاد الفتى، وحينما دنا الفتى من الشبكة وأغراه الطعم، وأوشك ان يُلقي نفسه في قلب الفخ المنصوب، عند ذلك أخذ حذره وتراجع، وراح يفكر بالاستعانة بواحد من رفاقه ولكن رفيقه هذا لا يرضى هذا المسلك، لذلك الفتى الذي يبني عليه هو ورفاقه آمالا بعيدة المدى).
هذه رواية أحد كتابهم، وهناك كاتب آخر يدعي ان تلك البنت الساقطة نفسها وبعد ان اغرت "عبد العزيز" (جيمس دين الزمان) قالت له: كلا .. فأنت الذي ستقود الأمة ولا يصح لك هذا العمل ‍!!! وهكذا تتنبأ الساقطات بمصير "عبد العزيز".
فأي كلام يفي هؤلاء الدجالين حقهم ؟!
ثم يظهر ثالث يزعم ان الساقطين هم الذين كانوا يتوسمون في "عبد العزيز" البطل الالهي المنقذ والملهم، لا الساقطات . هنا يحكي روبرت لاسي (ص 14 - 15) القصة بهذا النحو، فيقر أن راويها هو احد ابناء "عبد العزيز" الصغار إذ قال ان والده سأل عبيده ورفاقه اين كانوا يذهبون ليلا، إذ ان سهراتهم كانت مثيرة جدا. لقد كان هؤلاء ينسلون ليلا تحت جنح الظلام عبر الازقة الخلفية الضيقة ولا يعودون حتّى مطلع الفجر، ولدى عودتهم كانوا يتحدثون عن الموسيقى والغناء والنساء. وسأل "عبد العزيز" هل بامكانه أن ينضم اليهم.
وبدون أي تردد أجابه احد عبيده "لا .. ابدا فأنت "عبد العزيز" ، انك تختلف عنا جميعا ويجب عليك ان لا تنسى ذلك ابدا. ينبغي ان تبقى هكذا إذ يجب علينا أن نتطلع دائما اليك، استعدادا لذلك اليوم الذي ستقودنا فيه من هنا" . وهكذا بقي "عبد العزيز" في البيت..
وحقيقة هذه الاقاصيص الملفقة يمكن استخراجها من بين سطور كتابات مرتزقة "آل سعود" انفسهم، حيث ان (الامام ابن الامام) "عبد العزيز بن عبد الرحمن" قد استدرج احدى المومسات، لكنها امتنعت عنه - حتّى المومسات! - وصرخت في وجهه بصوت عال:
- من أنت ؟ الست "عبد العزيز بن سعود" ؟ الست غلام الشيخ مبارك ؟ عد الي متى استطعت ان تحصل على شيء يمكنك ان تتباهى به.
(ملاحظة : خفف كتاب المملكة لروبرت لاسي هذه الواقعة، ويمكن الرجوع إلى النص الانجليزي ، ص 15 من كتاب المملكة.. حيث يقول لاسي:
لكن هنالك قصة أخرى رواها "عبد العزيز" نفسه في كبره لاحد مستشاريه وهو السيد جمال بك الحسيني، مفادها ان الشاب "عبد العزيز" تجرأ مرة وتسلل عبر الازقة الخلفية والتقى هناك باحدى المومسات. واقترح عليها "عبد العزيز" ان يختليا في مكان ما.
هنا سألته المومس بصوت عال ليسمعه الجميع "من انت؟ الست "عبد العزيز بن سعود" ؟ ألا تخجل ؟ كفاك مضيعة للوقت ولقوتك وروحك المعنوية. عد الي متى استطعت ان تحصل على شيء يمكنك ان تتباهى به وسنعرف كلنا مدى رجولتك عندما تتمكن من استعادة الرياض".
ولكن هذا التغيير والتخفيف لم يستطع ان يزيل رائحة "آل سعود" من حيث :
1 - اعترافه بمطاردة (الامام ) "عبد العزيز" للمومسات.
2 - رفض المومسات له، لنقص رجولته.
3 - ان المومس صرخت في وجهه بحيث يسمعها الجميع !! دلالة على استهتارها علنا بالامام!
فاما ان المومس تطالبه باستعادة الرياض فمسألة لا يصدقها احد، الا إذا كانت هذه المومس مستشارة سياسية "لابن سعود".
دروس في الانحراف "لعبد العزيز"
ولما كان شبيه الشيء منجذبا اليه، حدث اللقاء بين شيخ الكويت مبارك قاتل أخوية، والفتى (عبد العزيز) طريد شعب الجزيرة :
نزل "آل سعود" في الكويت ضيوفا على حاكمها الشيخ مبارك آل صباح، ذلك الرجل الداهية الذي حظي بقساوة كانت مبعث احترام كبير في الجزيرة العربية. وكان مبارك قد استولى على السلطة ذات ليلة من شهر مايو (ايار) عام 1896 م بعد أن قتل شقيقيه عندما كان الاثنان نائمين على سطح قصر آل صباح. ولم تكن حماية أو دعم مبارك "لآل سعود" من باب الخير والاحسان.
كان مبارك يؤمن بأن قوة الكويت تكمن في ابقاء وسط الجزيرة العربية منقسما على نفسه. ولقد ادى الاستيلاء على الرياض وهروب "آل سعود" منها إلى تعاظم قوة آل رشيد . وكان مبارك يريد الابقاء على آل رشيد في البوادي الشمالية المحيطة بعاصمتهم حائل، ومن أجل ذلك بادر إلى دعم الخطط التي كان "آل سعود" يعدونها لاستعادة الرياض. ولم يرد "عبد العزيز" ان ينتظر طويلا للشروع في تنفيذ خططه. ويروي انّه جمع ذات يوم عددا من اصدقائه الشبان واتجه راكبا ذلوله نحو الجنوب الغربي، وكان هدفه هو كسب تأييد البدو على طول الطريق واستعادة الرياض. ويقول الكابتن آرمسترونج، وهو من أوائل الذين كتبوا عن سيرة "عبد العزيز" والذي سمع هذه القصة في جدة عام 1933 م، ان الشيخ مبارك هو الذي شمل "عبد العزيز" برعايته ودله على طرق اكثر واقعية تكفل له تحقيق طموحاته - ان هذا الجزء من القصة، على الاقل، هو صحيح. إذ تحدث شهود عيان كانوا قد حضروا اجتماعات عقدت فيما بعد بين "عبد العزيز" ومبارك عن الاحترام العظيم الذي كان "عبد العزيز" يكنه للرجل الذي كان يكبره سنا. وقال مراقب آخر كان قد التقى بالشيخ مبارك عندما كان هذا الاخير قد شاخ ان عينيه كانتا تشبهان عيني السياسي الفرنسي العظيم ريشيليو، وحتى في السنوات الاخيرة من عمره كانت للشيخ مبارك، مثل ريشيليو، طموحات لم يستطع تحقيقها. لقد كان مبارك سياسياً بالفطرة، واعيا لكل حيل عالمه العربي، وكذلك - سرعان ما برهنت الاحداث ذلك لحيل العالم الاوسع من حوله حيث بدأت القوى العظمى تبدي اهتماما بالكويت وموقعها الاستراتيجي في رأس الخليج. ولم يكن باستطاعة "عبد العزيز" ان يلقى في كل الجزيرة العربية رجل دولة اكثر حنكة من الشيخ مبارك كي يتعلم على يديه مهنة السياسة. "المملكة - ص 13".
لقد تلقى دروسه الاولى قبل ان يحل في الكويت، فكان صاحب تجربة (عميقة) قبل ان يتصل (به) الشيخ مبارك، لذلك استطاع ان يعرف فضل الشيخ على غيره ممن (دخل) حياته سابقا، فلزمه لزوم العشق والوله.
ومن هنا نستطيع ان نعرف سبب تعلق ابناء "عبد العزيز" باسيادهم وراء البحار ، ألم يكن ابوهم عاشقا للشيخ مبارك لان عينيه تشبهان عيني ريشيليو، كما يزعم المؤلف المسكين ؟!
وكانت نتيجة خطة "عبد العزيز" الاندحار التام بسبب رفض شعب الجزيرة ان يتعاون معه، على الرغم من انّه كان مسندا بصاحبه مبارك واسيادهم الانجليز.
حوار تحت السطح !
"في الاعوام التي سبقت عام 1910 م وجد "عبد العزيز" لنفسه زوجة جديدة وأحبها حبا جما. وكانت تلك الامرأة شقيقة بن مساعد الذي كان احد شبان عائلة بن جلوي، التي ساعدت "عبد العزيز" في الاستيلاء على الرياض. وكان اسمها جوهرة.
انجبت جوهرة ولدين اسماهما والدهما محمد وخالد (الذي اصبح ملكا فيما بعد). وكان هذان الطفلان متعلقين احدهما بالاخر لدرجة انهما كانا يبكيان كلما فصلا عن بعضهما. وكان "عبد العزيز" متعلقا بأمهما إلى الحد الذي يجعله هو الاخر يجهش بالبكاء إذا ما ألم بها مرض أو اصابها ألم. ونادرا ما كان "عبد العزيز" يدع العاطفة تتغلب عليه فيما يتعلق بالنساء - على الاقل أمام الرجال الآخرين . وكان يتحدث بكل حرية عن جمال اجسام الفتيات وكثيرا ما كان الحوار بين "عبد العزيز" وأقرب اصدقائه يدور عن الجنس - وكما هي الحال بالنسبة إلى حديث الرجال فقد كان ذلك الحديث لا يخلو من ضروب المبالغة. وذات مرة قال "عبد العزيز" متباهيا: "لا اجد منفعة في نساء تجاوزن سن الثلاثين، إذ عندما يبلغن ذلك السن اطلقهن من دون توان". غير أن ذلك لم يكن صحيحا، إذ انّه بقي متزوجا من بعض نساء جاوزن الثلاثين من أعمارهن وبقين معه إلى آخر ايام حياته. وكان "عبد العزيز" اكثررقة وعاطفة مما كان يحب أن يتظاهر به .
وتجرأ أولاده الكبار مرة، وهم يفكرون في سرعة غضبه واستعداده لينهال ضربا على الرجال بمن فيهم اولاده، على توجيه السؤال التالي لأم طلال، التي كانت زوجته المفضلة عندما تقدم به العمر: "كيف استطعت البقاء لفترة طويلة مع اسد كهذا؟". ضحكت أم طلال وأجابت: "انكم لا تعرفون أباكم كما يجب، انّه معنى رجل مختلف عن ذلك الرجل الذي ترونه".
وذات مرة فاجأ أحد أحفاد "عبد العزيز" جده - عبد العزيز - عندما كان هذا الاخير في جناحه الخاص بعد الساعة التاسعة ليلا. وكانت تلك الساعة هي الوقت الذي اصبح أمره نكتة لدى الحاشية والذي كان فيه "عبد العزيز" يتململ من الضجر وينظر إلى ساعته ثم ينهض من مجلسه ويتوجه إلى الحريم. ولدى نهوضه كان الرجال يتغامزون ويبتسمون سرا فيما بينهم، إذ كانوا بلا شك يتخيلون اسد نجد وهو يسرع بكل ما اوتي به من قوة إلى مخدع الزوجة التي وقع عليها اختياره ليقضي معها تلك الليلة. غير ان العجب تملك حفيده ذاك الذي اكتشف ان جده "عبد العزيز" كان لا يزال في تلك الساعة يجلس بكل هدوء في جناحه. وكانت هنالك احدى العبدات تحلق ذقنه وترش العطر عليه. وكان "عبد العزيز" قد استحم ومشط شعره وكان يهم بلبس ثوب ابيض نظيف وكأنه يبدأ نهارا جديدا.
قال "عبد العزيز" "ان زوجتي هي الاخرى تعد نفسها، الا تعتقد بأنه يجب علي أنا الآخر أن أعد نفسي لها؟". عندها انصرف "عبد العزيز" وسار على احد الجسور المغطاة التي تربط بين القصر الرئيسي والجناح المخصص للنساء والى عالمه الخاص الذي لم يكن باستطاعة أي رجل ان يتبعه إليه. وكان "عبد العزيز" غالبا ما يقول : "لقد وعدنا الله سبحانه وتعالى بأربعين حورية في الجنة غير أنني آمل نظرا للخدمات التي قدمتها للاسلام في أن يزيد الله عز وجل من حصتي تلك" (المملكة ص 59 ).
هل من سخرية بمقدسات الإسلام اكبر من هذه ؟‍! عن اية حوريات يتحدث هذا المجرم ؟! وعن اية خدمات قدمها للاسلام ؟ !
فليضحكوا كثيرا، وليسخروا ما طابت لهم السخرية .. فالذي راح راح . والغد آت لازاحة هذه العائلة عن صدر الجزيرة.
"وكان حب "عبد العزيز" لصحبة النساء قد اصبح من الحقائق الاسطورية، غير ان ذلك الحب تجاوز حدود الشهوة المجردة. وكان يحب ان يستريح في المكان المخصص لنسائه، يشرب القهوة ويلاعب اطفاله، وكان مع نسوته يحيا حياة مختلفة لا نعرف عنها سوى ان بعضا من نسائه كن مهمات بالنسبة له وبقين معه طوال حياته. وفي عام 1981 م كانت هنالك اربع من زوجات "عبد العزيز" على قيد الحياة. وكانت ام طلال يوميا وعند الساعة التاسعة ليلا تبدأ باعداد القهوة لتستعيد ذكرى ذلك الرجل الذي لم يعرفه ابناؤه كما كان يجب" (المملكة ص60).
فإذا كانت اربع من زوجاته على قيد الحياة في سنة 1981 م ، وكان قد سبقهن إلى القبر في سنة 1953 م عن عمر بلغ حوالي السابعة والسبعين سنة فكم كان عمرهن حين تزوجهن؟ وكم كان عمره؟
ثم إذا كن الباقيات إلى سنة 1981 م اربع زوجات فكم كان عددهن؟! اجيبوا الشعوب ايها المرتزقة.
ويتحول "عبد العزيز" - في كتابات المرتزقة - إلى سوبرمان والى طرزان والى ارسين لوبين والى شارلوك هولمز والى ... روميو .. فهو بطل صنديد، وشاعر عنيد يستلهم وحيه من ... جوهرة بنت مساعد .. فتنفرج أمامه الدنيا .. اقرأ ما جاء في كتاب المملكة ص 60 :
"وكان "عبد العزيز" ينظم القصائد الشعرية التي تعبر عن حبه لجوهرة، وفي ذات مرة في أواخرسنوات حياته ائتمن محمد أسد على سر فقال: "في كل مرة بدت فيها الدنيا مظلمة من حولي ولم يكن بمقدوري أن أرى مخرجا لأتخلص من المخاطر المحدقة بي ومن المشاكل التي تواجهني كنت أجلس وأنظم ابياتا من الشعر لجوهرة، ولدى انتهائي من ذلك كانت الدنيا تشرق فجأة في عيني وكنت اهتدي إلى ما كان علي ان اقوم به"..
الدروس الأخلاقية !
بطبيعة الحال، لم تكن الكويت كنجد، فالأخيرة كانت معقلا للتزمت الوهابي، لا زالت اثاره المحافظة انذاك ، ترخي بسدولها على الوضع الاجتماعي والديني والثقافي، كما ان نجد - وبحكم موقعها الجغرافي - منطقة بعيدة عن التيارات والتأثرات الخارجية. . بينما كانت الكويت مفتوحة على العراق وايران والهند وغيرها .. لذا لم يكن لتقاس محافظة أهالي الكويت يومها مع أهالي نجد.
وقد أكد المؤرخون "السعوديون"، ان الاستفادة الحقيقية "لابن سعود" خلال العشر سنوات التي قضاها في الكويت "1309 - 1319 هـ " تكمن في تفهمه لبعض الألاعيب والحيل السياسية، والتي اكتسبها من خلال مجالسته هو وأبيه ، لحاكم الكويت مبارك الصباح، المشهور بارتباطه الصارخ مع الانجليز، وبتحلله وفساد اخلاقه.
ولم يتطرق المؤرخون لأي تأثير ديني عله خلال وجوده في الكويت، خصوصا وهو حينها كان يمر بمرحلة المراهقة.. ومن المؤكد انّه لم يكن يفكر في غير الملك واستلام الحكم، ولم يدر بخلده، مسألة الاسلام، والرسالة وحملها.
بل ان أجواء الكويت، وقربه من اميرها الفاسد، ساعداه على التحلل من الدين، ولم يشتهر عنه أنه كان متمسكا حتّى بأساسيات الدين.. وهناك شواهد كثيرة سطرتها كتب المعارضة عن هذه الحالة الشاذة التي كان يعيشها، الا أننا نكتفي بشاهد واحد نقله "كشك" عن "جون فيلبي" العميل البريطاني المعروف ورفيق "ابن سعود" لمدة ثلاثة عقود تقريبا. . و "كشك" الذي حاول في كتابه ان يطرح "ابن سعود" كصاحب رسالة في كل ما ذكر، يصف حاله في الكويت في ص 206 إلى ص 209 بالقول:
(كان يتمتع بفحولة لم تعرف لرجل من قبله ولا بعده، ولكنها لم تشغله عن الملك، بل لعلها كانت احدى الوسائل الفعالة لتثبيت هذا الملك، ولا استطاعت ان تفرض نفسها على سلوكه ومواقفه، ووعيه الشديد بمسؤوليته كطالب ملك، ثم صاحب رسالة، ومؤسس دولة. قيل أنه عندما راهق في الكويت، سمع ان بعض اصدقائه يستفيدون من الجو الخاص في الكويت، بتصريف الكبت الجنسي مع بعض الفتيات، فأراد مشاركتهم، ولكن صديقا واعيا بمسؤوليات الملك منعه بشدة، فاستغرب "عبد العزيز" ذلك وقال له: "ولماذا تفعل أنت ذلك إذا كنت تراه معيبا؟!".
فرد ذلك الصديق النادر : "هو لا يعيبني .. ولكن أنت "عبد العزيز آل سعود" .. أنت طالب ملك .. لا يجوز لك يا "عبد العزيز" ما يجوز لنا..")..
من خلال المقطع السابق، يتوضح لنا هم "عبد العزيز" الاول وهو طلب الملك، وأن اصدقاءه هم من المدمنين على ممارسة المحرم والعياذ بالله، وان التزامه بالدين ضعيف جدا ومختل، ثم أن ما يمنعه هو كونه طالب ملك، وليس حامل رسالة، عليه ان يلتزم بها. وهو الأمر الذي لم يحدث بالفعل..
ويدِّرس "السعوديون" تاريخهم لطلابنا على أن "عبد العزيز" تعلم السياسة من مبارك الصباح، الذي يصفونه بالدهاء السياسي حتّى يشمل "عبد العزيز" جزء منه، بينما لم يتحدثوا عن تأثير صلاته معه من الناحية الأخلاقية.. فالاستاذ، لابد وأن ينقل لتلميذه بعضا من فنونه وجنونه.
يقول مؤرخ الكويت عن مبارك:
(جاهر في آخر ايامه بترك الشعائر الدينية والتساهل بالصلاة والصيام، ومال إلى اللهو والقصف والتهتك والخلاعة، فاستقدم الراقصات من مصر وسوريا، وأقام لهن المسارح في قصوره الشاهقة وانغمس في هذا الامر انغماسا عظيما)..
وهنا ينفي جلال كشك تأثر "ابن سعود" السلبي بأجواء الكويت وقصور مبارك، ويرد على الزاعمين بذلك في قوله: (هذا هو المناخ الذي امضى "ابن سعود" فيه صدر شبابه، وسنوات تكوينه النفسي والخلقي، والتي يزعم بعض المؤرخين ان هذا الجو كان مدرسة له، ان صح ذلك.. فبمفهوم المخالفة)، بينما يرى المؤرخون الآخرون عكس ذلك تماما..
ومهما يكن من أمر، فان حالة "عبد العزيز" في الكويت اثبتت أنه ذو نزعة سلطوية، ويسعى لايجاد حكم له من منطلق قبلي، ولم يكن يفكر في يوم ما انّه اكثر من أي فرد طامع للسلطان، لا يمت إلى الدين بصلة من قريب أو بعيد . (الإسلام والوثنية "السعودية" - فهد القحطاني - ص 12 - 14).
بلا تعليق
بدأت حياة "عبد العزيز" في عالمه الجديد (الكويت) شبيهة بحياة اقرانه من الفتيان العرب.. فيشعر بأنه يعيش في وسط الكون، ولكن ذلك لم يصرفه عن هدفه، فتح الجزيرة العربية. ألم (يرسله الله لهذه الغاية) فانقذه من الموت في الصحراء !! "بنوا ميشان - ص 58 " .. (تأمل بالله عليك).
دون كيشوت
صادف ابن عبد الرحمن في السوق قبل ايام (قبل ايام من ماذا ؟!) رعاة قادمين في قافلة من نجد، فاستطلعهم احوال البلاد، فأسروا إليه بأن اهل الرياض متألمون من ظلم ابن الرشيد وبأنهم لا ينتظرون سوى عودة "السعوديين" ليقفوا إلى جانبهم.
سارع "عبد العزيز" إلى استعادة (سرقة) جمل (اعرج اعور قدر على سرقته) من والد أحد مضيفيهم وانطلق وحيدا (كما انطلق دون كيشون لأول مرة من غير تابعه سانشو) في الصحراء ليؤسس مملكته، ولكن الأمور لم تجر مع الاسف (بحسب ما يقول المؤلف) كما كان يتوقع. فاما ان مخبريه كانوا متفائلين اكثر من اللازم واما أنهم خدعوه مستغلين لاستقباله، وعرج جمله الهرم والاجرب بعد ثلاثة ايام ثم انكسرت رجله فاستلقى على الرمال ورفض ان يخطو اية خطوة.
بكى "عبد العزيز" (دون كيشوت الجزيرة) حنقا وغيظاً، وقطع مرحلة من طريق العودة سيرا على قدميه، إلى ان صادف قافلة اصطحبته، وقفل راجعا إلى الكويت على ظهر حمار محمل بالأمتعة!! "بنوا ميشان - ص 58 - 59".
"السعودي" المختار من الله !
"إنّ تلك السجايا في شخصية فتى "كعبد العزيز" خليقة بأن تجعل منه زعيما لجيله، وسيدا لقومه، سيادة يعترف بها مواطنوه بفضله من أجل فضله، بصرف النظر عن مجد أهله المكسوب. وانما من أجل مجده الموهوب.
"فعبد العزيز" من الرجال الذين اختارهم الله ليجعل منهم قادة لبني الإنسان.
وخلاصة القول: هو أن كل من عرف أخلاق "عبد العزيز" عن كثب، أو درس مثله وشيمه بتدبر وعمق، حكم له بدون تردد، بأن في كيانه رصيدا لا ينضب معينه من مؤهلات الزعامة، وصفات القادة.
الأمر الذي لو وقف "عبد العزيز" بمفرده في وسط ساحة فيها ملايين من البشر، ووقف زعماء عصره في نفس هذه الساحة وأجري له ولهم انتخاب شعبي لما وجد من يفوقه بكسب الاصوات، بل ولم يجد من يدنو منه بالأسهم التي سينالها بشرط ان يكون هذا الانتخاب حرا لا مجال فيه للتحيز العنصري ولا القبلي" (من شيم "الملك عبد العزيز" - فهد المبارك - ص 205).
"عبد العزيز " - اذن - رجل اختاره الله لينقذ امته وهم جميع بني الانسان، "وعبد العزيز" اعظم زعماء الزمان، ولو اجتمعت البشرية على انتخاب زعيم واحد للكرة الارضية لما انتخبوا سوى هذا الظالم المستهتر.
وليس من العجيب ان يكفر ابن الله المختار !! ووليه المنتجب كما يصفه اعلام المرتزقة، بهذه النفسية المريضة المستوحاة من الروائح الكريهة التي كان يعج بها بيتهم في الكويت قبل ان يصطفيه شيخ الكويت خليلا له، هذا ما يحدثنا به روبرت لاسي:
لكن عندما تزوج "عبد العزيز" لأول مرة لم يتوفر لديه آنذاك المال الكافي للحصول على زوجة واحدة فما بالك بحريم من المحظيات؟ لقد كان "آل سعود"، كما قيل لنا، معدمين جدا عندما انتقلوا من البادية إلى ميناء الكويت في اواخر القرن التاسع عشر ولم يكن هنالك مال للزواج. واضطر "عبد العزيز" إلى تأجيل زواجه إلى ان أشفق عليه وعلى العائلة أحد التجار ووفر له ما لزم من المال.
غدا عسر الاحوال هذا نمط حياة خلال فترة الاقامة الطويلة التي قضتها العائلة في الكويت. فمنذ وصولهم إلى الكويت عام 1894 أو 1895 م وحتى السنوات الاولى من القرن العشرين عاش "آل سعود" في بيت من الطين مكون من ثلاث غرف يقع في حي قديم من الازقة المطلة على البحر، حيث كانت روائح زيت السمك والبراز هي الروائح السائدة كما ذكر ذلك زائر قام بزيارة الكويت عام 1904 م . وكانت مياه المجاري في الكويت انذاك تصرف في بالوعات عمومية كبيرة، وعلى الرغم من أن الاثرياء كانت لهم مراحيض خاصة على ساحل البحر - عبارة عن أكواخ خشبية متداعية - فان الناس البسطاء كانوا يقضون حاجتهم بالتقرفص على الشاطئ تاركين امر تنظيفه بعدئذ لمياه المد والجزر . وكان البيت الذي يسكنه "آل سعود" غير صحي، وبعد انقضاء ستة اشهر على زواج "عبد العزيز" توفيت زوجته الأولى.
ولم يكن يطيب "لعبد العزيز" ابدا ان يستعيد ذكريات السنوات الست التي عاشها في الكويت بالمقارنة بالقصص التي كان يحلو له سردها والمتعلقة بالفترة الاقصر بكثير التي عاشها بين المرة. غير ان صلة "عبد العزيز" بالبادية لم تنقطع إذ أن الجزء الاعظم من الكويت، حتّى في الوقت الحاضر، هو عبارة عن ارض جرداء يكسوها الحصى. وحيث تنتهي المدينة تبدأ الصحراء على امتداد البصر. وكان بامكان المرء حتّى المدة الاخيرة ان يشاهد خيام البدو السوداء مبعثرة بين الشجيرات التي تقتات عليها الابل. وكانت تعيش هناك جماعات كثيرة من البدو، وفي مطلع القرن الحالي بدت مدينة الكويت وكأنها جزء من الصحراء.
وصلت الآنسة اليزابيث تايلور كالفيري إلى الكويت عام 1912 لتباشر عملها في الارسالية الامريكية العربية وكتبت لدى وصولها تقول ان البيوت المنخفضة الرملية اللون كانت بالكاد تكسر خط الافق، ولاحظت ان المنظر بكامله كاد يخلو من شجرة واحدة أو بقعة خضراء.
ان هذه البقعة الصغيرة من الرمال الواقعة في ابط الخليج، والتي لم تكن آنذاك تبشر بأي خير، هي اليوم اغنى بلد على وجه الارض من حيث الدخل للفرد الواحد من السكان. غير أن مساح الحكومة البريطانية في عام 1904 م لم يعلق اية اهمية خاصة على "القار الذي كان ينضح من باطن الارض من حفرة قرب تل البرقان"، في الوقت الذي كانت فيه باخرة تابعة لشركة ستاندارد اويل اوف نيوجيرزي تزور الكويت مرة واحدة في العام لتجلب الكاز "الكيروسين" الذي كان الناس يحتاجونه لاضاءة مصابيحهم وايقاد مدافئهم في فصل الشتاء) "المملكة - لاسي - ص 10 - 11).
بلا تعليق أيضاً
"فكم من مرة تنحى "عبد العزيز"، وانسحب إلى قفر موحش من الصحراء للتعبد والتأمل (!!) اليست العزلة هي التي أمدت أفضل ابناء الإسلام جيلا بعد جيل باسمى الوحي والالهام؟ كان يغوص في اغوار نفسه لينجو من عذابه، ويغمض عينيه عن الجحيم الدنيوي الذي يتلظى بنيرانه.. نيران تلتهم كل شيء بألسنة عمياء (!!) من اللهيب. لقد أكدوا له مرارا (من هم؟!) انّه خلق لتحقيق أمر عظيم . فأي أمر عظيم هذا ان يحيا حياة المنبوذين وسط أناس لهم، بالكاد ، سحنة البشر (!!) وجهه وسحنته احلى واجمل) .. فهل ضل سبيل الهدى حتّى يكون في هذا المصير ويقضى عليه بالشقاء الابدي؟ وهل كان من الذين اصم الله آذانهم عن سماع كلامه ليستحق ما هو فيه ؟‍!
ويسجد "عبد العزيز" (لمن ؟‍!) فتشعره الصلاة (لمن؟) براحة واطمئنان (!!) وتوقد في نفسه جذوة الحماسة (!!).
وخيِّل إليه في احدى الامسيات، وهو يؤدي صلاة المغرب والشمس تتوارى ملونة الرمال والحجارة بلون ارجواني (لأنه كان يبادر إلى الصلاة في أول وقتها؟) بأنه يرى في الأفق سعودا الأكبر (؟!) ومحمدا بن عبد الوهاب (!!) وفي الافق الأبعد ، قادة الفتح العربي (!!) وخلفاء النبي الأولين (!!).
ما أعظم ان يكون المرء واحدا من هؤلاء.
وكان "عبد العزيز" يشعر بالهام وقوة (من قبل من ؟!) "بنوا ميشان - ص 54 - 55).
من نتائج الالهام
"جمع عبد الرحمن في خيمته ابنه والحراس والغلمان الذين بقوا في صحبته وقال لهم وهو يستجمع آخر قواه : بات من واجبي ان احدثكم صريحا، اني سأموت هنا..
لا .. - قال "عبد العزيز" - لن نموت هنا.
وما الذي جعلك واثقا من ذلك ؟
لأنني سأصبح ملكا على الجزيرة العربية عندما أكبر".
"عبد العزيز آل سعود" - بنوا ميشان ص 56 ".
(انّه علم الغيب بلا شك، ولكن المشكلة ان القوة انذاك لم يكونوا يستعملون كلمة ملك وحتى يذكر كتاب "آل سعود" وازلامهم ان "عبد العزيز" قد اجبره الناس على قبول كلمة (ملك) التي كان "آل سعود" يشنعون على الشريف حسين استعمالها).
[ابن سعود] : روبين هود القرن العشرين !
حيكت عشرات القصص الاسطورية عن احتلال "عبد العزيز" للرياض، رغم ان "عبد العزيز" نفسه هو مصدرها جميعا، وهي في غالب الوقت متناقضة، ولكنها متفقة على شيء واحد، وهو تضخيم ذلك الحدث رغم دناءته وخسته، فقصة قتل ابن عجلان لمن لم يقرأها - وبأي صورة - هي قصة تعدي على النساء والبيوت ، والغدر، الخ ..
عن تناقضات اسطوريات الاحتلال "السعودي" للرياض، قال لاسي متسائلا ص 26 :
"هل امسك بن جلوي بعجلان مرة أخرى من رجله داخل الباب مباشرة وقتله مما ادى إلى استسلام الحامية؟ هل قتل بن جلوي عجلان بالسيف (كما يقول آرمسترونج) ام انّه قتله رميا بالرصاص (كما يقول الزركلي) بينما كان يعدو صاعدا درجات الجامع (كما يقول فان ديرميولين) أو داخل باب المسجد بعد أن لجأ عجلان إلى هناك ولكنه جر إلى الخارج مرة أخرى (كما يقول "أحمد بن عبد العزيز")؟
أو ربما كان "عبد العزيز" نفسه هو الذي تمكن بصورة ما وفي مكان ما من سحب خنجره وقتل الحاكم، كما كان الوزير البريطاني ريدر بولارد يعتقد بعد أن سمع القصة من "عبد العزيز" نفسه عام 1937 م ؟
ان "عبد العزيز" نفسه كان دائما يقول ان الفضل يعود إلى ابن عمه، لكن ذلك ليس مهما إذ أن النتيجة كانت واحدة . فقد استسلمت حامية ابن رشيد واصبحت الرياض تابعة "لعبد العزيز" . وعند ظهر ذاك اليوم تجمع بضعة آلاف من الناس وبايعوا البطل الشاب "عبد العزيز" ثم صلوا وراءه صفوفا في الجامع. واصبح "آل سعود" مرة أخرى سادة بينهم وبقوا كذلك منذ ذلك التاريخ".
والمؤلف نفسه يتنبه إلى المبالغات الكبيرة الموجودة في القصة ، لأن "عبد العزيز" أجبن من أن يواجه عدوه وجها لوجه، لذلك يعتبر بأنها قصة كاذبة مختلقة في بعض جوانبها ، فيورد قوله في ص 22 - 23 ما يلي :
"لقد اختلفت الحكايات التي رواها "عبد العزيز" فيما بعد لأناس مختلفين في أوقات مختلفة عن الملحمة الشهيرة، إذ أنه كان يحب ان يحيا هذه القصة البطولية ثانية. لقد كانت تعيده إلى عالم اصغر وأبسط وكان "عبد العزيز" يقص على سامعيه المغامرة بصوته الموسيقي . وكان ابهاماه ينحنيان إلى الوراء بدرجة كبيرة تثير الدهشة في الوقت الذي كان يقوم بتحريك يديه للتأكيد على ما كان يقوله.
ولم تكن الأميرة اليزابيث(من الاسرة المالكة البريطانية) تعرف العربية، لكنها حين التقت "بعبد العزيز" عام 1938 احتاجت إلى ترجمة لكلمات قليلة كي تفهم خلاصة حديثة وذلك بسبب غنى تعبيراته الدرامية وحركات يديه. لقد كانت تلك المغامرة الفاتحة المعتادة لأي محادثة مع الزوار الاجانب من دبلوماسيين وممثلي شركات النفط. وفي شهر مارس (آذار) 1950 قص "عبد العزيز" روايته هذه على اول سفير للولايات المتحدة لدى المملكة العربية "السعودية"، الذي بعث بتفاصيلها إلى واشنطن واصفا اياها بأنها ذات أهمية تاريخية.
ولقد سمع اولاد "عبد العزيز" الرواية مرات ومرات حتّى باتوا يحفظونها، وأخذ مؤرخو سيرة "عبد العزيز" الأوائل تفاصيل الملحمة من فم "عبد العزيز" نفسه. وكان من بين اصدقاء "عبد العزيز" الذين تعين عليهم الاستماع إليها مرارا مع بعض التغييرات على فنجان قهوة على مدى اكثر من ربع قرن من الزمن السير هاري سانت جون فيلبي الذي بات يشعر بالضجر عند سماعها لدرجة أنه لاحظ عندما عهد إليه في منتصف الخمسينات كتابة التاريخ الجازم "للمملكة العربية السعودية" بأن "تفاصيل تلك الرواية الدرامية قد رويت كثيرا ولا تحتاج إلى التكرار هنا". ويعرف كل تلميذ سعودي الرواية. ان "عبد العزيز" بالنسبة لهؤلاء الأطفال هو بمثابة روبين هود القرن العشرين - رجل جريء، مندفع ، كلل بمجد القلة التي خرجت لمحاربة الاكثرية، ولقد اصبحت غارته العظيمة على الرياض بالنسبة للجزيرة العربية بمثابة اجتياح سجن الباستيل في فرنسا.
غير أن الاسطورة محاطة بغشاوة على الراغم من أنها رويت مرارا وتكرارا على لسان "عبد العزيز" نفسه، وذلك بسبب اختلاف كل منها عن الاخرى بدرجة كبيرة تحول دون التوصل إلى الرواية الجازمة بالمعنى التاريخي الغربي - وأنت بكل تأكيد لن تجدها في الصفحات التالية. وتكمن الصعوبة إلى حد ما في أن "عبد العزيز" كان يتهيج حينما يعيد روايتها بلغة البادية الامر الذي كان يجعل متابعة القصة من قبل المستعربين الاجانب امرا صعباً. ولكن الفرق الأعمق هو بين المفهومين الغربي والعربي للحقيقة التاريخية. وتشكل الترجمة الغير دقيقة جزءا من القصة لأن معظم مستمعي "عبد العزيز" كانوا يفهمونه تماما وفهموا كذلك أنه كان يبتدع شيئا أثمن من مجرد سرد للوقائع . انّه كان يطوع التاريخ بنفس الطريقة التي قام بها كتاب العهد القديم بتأليف اساطيرهم. "حدثه عن قصة رحلتك إلى الرياض" قال فيلبي "لعبد العزيز" لدى تقديمه احد الشبان الامريكيين العاملين في مجال البترول إلى "عبد العزيز" في اواخر الاربعينات. وامتثل الملك العجوز للطلب.
وقال فيلبي "لعبد العزيز" بعد ذلك "لم يسبق لي أن سمعتك تروي القصة على هذا النحو من قبل؟" فأجابه "عبد العزيز" بعد ذلك " هذا صحيح. فلم يسبق لي ابدا ان رويتها على هذا النحو. واحببت اليوم أن أسردها بشيء من التغيير".
الطبيب اليهودي "مان " في الخدمة !!
ان يكون الطبيب نصرانيا يبشر بنصرانية .. لا يهم !
وأن يكون "يهوديا" لا يهم !
المهم أن يكون مرضي عنه "بريطانيا" !
"لقد كان "عبد العزيز" يطلب دائما الاطباء من البريطانيين. وكان يعاني من وسواس المرض الذي يعاني منه عادة حكام الشرق ويبدي احتراما لرجال الطب تجاوز قدراتهم الطبية المحضة فالذي يوثق به لعلاج طبي يوثق بنصحه في المجالات الأخرى. وحتى يومنا هذا فان الدكتور رشاد فرعون، السوري الاصل الذي وصل الرياض عام 1936 للعمل كطبيب خاص "لعبد العزيز"، واصبح فيما بعد الطبيب الخاص للملك "فيصل" والملك "خالد"، لا يزال اكبر مستشار سياسي في البلاط "السعودي".
وعندما تفشى الوباء المأساوي في الرياض عام 1919 م كان "عبد العزيز" قد دعا اطباء الارسالية الامريكية في البحرين إلى نجد، ولكن السير بيرسي كوكس شك في أن هؤلاء الأمريكيين اثاروا مشاعر معادية لبريطانيا. وعندما طلب "عبد العزيز" عام 1921 م طبيبا آخر، اقترح كوكس الدكتور الكس مان، وهو طبيب يهودي كان يعمل ضمن موظفيه. وثبت ان ديانة مان لم تكن عقبة بالنسبة "لعبد العزيز" الذي منحه كل الثقة التي كان يضعها عادة في رجال الطب، وعينه عام 1922 م ممثلا له في لندن. وخصص له راتبا مقداره 1000 جنيه استرليني في السنة وفي لندن اتصل مان بمجموعة من المضاربين (ايسترن آند جنرال سنديكت) كانت تتخصص في شراء الامتيازات البترولية وبيعها لشركات اكبر" . (المملكة ص 125).
التلميذ و "الامام " ابن سعود يعلن :
كوكس ابوه وأمه وصانع حكمه !
"ابن سعود" عند بائعي الضمير هو الحاكم العربي المستقل والاول، الذي استفاد من بريطانيا دون أن يتنازل عن استقلاله وكرامته.
فالى هؤلاء المأجورين الذين سطروا كتب التاريخ بالزفت الأسود!
والى أزلام الصحافة "السعودية" المنافقة، وأدوات "آل سعود" في الخارج من رؤساء تحرير لصحف ومجلات لندن وباريس!
نقدم لهم قصة تراجيدية يرويها المعتمد السياسي في الكويت وقبلها في البحرين الميجور "هـ. ر . ديكسون" في كتابه : "الكويت وجاراتها"، كما نقلها عنه باحثون عديدون منهم استاذ التاريخ الحديث المساعد في جامعة عين شمس الدكتور جمال زكريا قاسم في كتابة "الخليج العربي - دراسة لتاريخ الامارات العربية".
يروي ديكسون القصة، انّه بعد تعثر مفاوضات العقير عام 1922 م والتي اشرف عليها السير بيرسي كوكس قائد الحملة البريطانية على العراق والمعتمد السياسي الاول لدى بريطانيا في الخليج . . وكانت المفاوضات تهدف إلى تحديد الحدود النجدية - الكويتية - العراقية.. يقول ديكسون ان بعد التعثر المذكور حدث الآتي:
"وفي اليوم السادس للمؤتمر تدخل بيرسي في الامر، وأبلغ الطرفين انّه إذا استمرت المفاوضات على هذا الشكل فانهما لن يتوصلا إلى أي اتفاق قبل سنة من الزمان. ففي اجتماع خاص ضم السير بيرسي "وابن سعود" وأنا فقط، فقد السير بيرسي صبره واتهم "ابن سعود" بأنه تصرف تصرفا صبيانياً في اقتراح فكرة الحدود العشائرية. ولم يكن السيربيرسي يجيد اللغة العربية فقمت أنا بالترجمة. ولقد ادهشني ان أرى سيد نجد يوبخ كتلميذ وقح من قبل المندوب السامي لحكومة صاحب الجلالة، الذي ابلغ "ابن سعود" بلهجة قاطعة انّه سيخطط الحدود بنفسه بصرف النظر عن كل اعتبار. هكذا انتهى هذا الفصل من المسرحية، فانهار "ابن سعود" وأخذ يتودد ويتوسل معلنا ا ن السير بيرسي هو أبوه وأمه، وانه هو الذي صنعه ودفعه من لا شيء إلى المكانة التي يحتلها، وأنه على استعداد لأن يتخلى عن نصف مملكته، بل كلها إذا امر السير بذلك". واضاف ديكسون قائلا: "وحسبما اذكر لم يلعب "ابن سعود" دورا يذكر في المحادثات تاركا الامر للسير بيرسي ليقرر مشكلة الحدود. وفي اجتماع عام للمؤتمر اخذ السير بيرسي قلما أحمرا ورسم بعناية فائقة على خارطة للجزيرة العربية خطا للحدود من الخليج إلى جبل عنيزات في الاردن، بالقرب من حدود شرق الاردن، وبذلك يكون قد اعطى العراق مساحة كبيرة من الاراضي التي تدعي نجد ملكيتها. وارضاءا "لابن سعود" حرم الكويت بدون شفقة من ثلثي اراضيها تقريبا وأعطاها لنجد".
ثم يمضي ديكسون فيقول: "وحوالي الساعة التاسعة من ذلك المساء حدثت مقابلة مدهشة، فقد طلب "ابن سعود" مواجهة السير بيرسي على حدة، وصحبني السير بيرسي معه، فوجدنا "ابن سعود" واقفا وحده وسط خيمة الاستقبال بادئ الاضطراب. وبادر "ابن سعود" السير بيرسي قائلا بصوت كئيب:
يا صديقي لقد حرمتني من نصف مملكتي. الافضل ان تأخذها كلها ودعني اذهب للمنفى. وظل ذلك الرجل القوي العظيم واقفا رائعا في حزنه وانفجر باكيا. وتأثر السير بيرسي كثيرا، وأمسك بيد "ابن سعود" وأخذ يبكي هو الآخر والدموع تنحدر على وجنتيه. ولم يكن حاضرا تلك اللحظة سوى نحن الثلاثة. وأنا اقص هنا ما شاهدته بكل امانة. ولم تدم تلك العاصفة العاطفية طويلا، فقال السير بيرسي، وهو لا يزال ممسكا بيد "ابن سعود": "يا صديقي انني اعرف حقيقة شعورك، ولهذا السبب اعطيتك ثلثي الكويت، ولست اعرف كيف سيتلقى ابن صباح هذه الصدمة". ثم يعلق ديكسون على ما سمي بمؤتمر العقير على النحو التالي: "فقد سيطر بيرسي على كل شيء وعلى كل شخص وكسب الجولة
الخيانة أبا عن جد
"عين ابن الرشيد (سالم) حاكما على المدينة، وكان ابن الرشيد قد عفا عن "عبد الرحمن آل سعود" والد "عبد العزيز" ، وابقاه في موضعه في بيت "آل سعود".
وجه "عبد الرحمن آل سعود" دعوة إلى (سالم) حاكم المدينة في صبيحة عيد الفطر من عام 1890 لتناول الغداء في بيته، وفي الوقت نفسه اوعز إلى عدد من انصاره المخلصين ان يختبئوا وهم مزودون بالسلاح، ثم ينقضوا على عامل ابن الرشيد حينما يأتي إلى بيت عبد الرحمن.
وصل سالم يحوطه بعض اصحابه حوالي الظهر، فاستقبله "عبد الرحمن آل سعود" استقبالا حافلا، وتبادل الطرفان عبارات المجاملة والاطمئنان، وعلى حين غرة، اعطى عبد الرحمن لازلامه الاشارة المتفق عليها، فاقتحموا الغرفة وهم يشهرون سيوفهم، واطبقوا على سالم وصحبه، (وهم في ضيافة "عبد الرحمن آل سعود"!!) وكانت مجزرة رهيبة، (شهد "عبد العزيز" فصولها، وقد تلطخ بالدماء، وظلت صورة المعركة محفورة في ذاكرته).
وفي ذلك اليوم تعلمت - كما قال "عبد العزيز" فيما بعد - ان على المرء ان يبادر إلى توجيه الضربة الاولى عندما يشعر بأنه مهدد بالخطر" (بنوا ميشان - ص 48 - 49).
• ولا ندري أي خطر يأتي من ضيوف عزل في ضيافة بمناسبة العيد!! ثم ما ندري اين قيم العرب التي يتشدق بها "آل سعود"، والمعروف ان الغدر ، من اقبح الصفات سواء في الجاهلية ام في الاسلام، فكيف إذا كان الغدر بالضيوف الآمنين؟!!
• انتبه إلى ان هذه الحادثة قد ذكرها احد ازلام النظام في الكتاب الآنف الذكر، الذي تمسح به بحذاء (الملك) فيصل.
دونكي [عبد العزيز]
و"عبد العزيز" هذا مجاب الدعوة حتما، أليس هو الذي اختاره الله ليقود الإنسانية يبكي على اقدام كوكس وفيلبي وروزفلت، ويسيره الشيخ مبارك وكل شياطين المخابرات الانجليزية؟!
اليكم يا عشاق المغامرات، مغامرة (دونكي "عبد العزيز") التي تحبس الانفاس، ويقف لهولها شعر الساقين، رواية يرويها الصادق ابن الصادقين في كتابه (من شيم "الملك عبد العزيز") (ص 236 ـ 238).
"كان "عبد العزيز" عندما عسكر في (صفوان) قد ترك الثقيل من مؤونته في مكان يسمى (اللصافة) ولم يكن معه في غزوته هذه الا الخيل، والجيش ـ أي الابل النجائب ـ وكان الامر الطبيعي بعد ان حقق هدفه ان يعود إلى (اللصافة) التي فيها المؤونة بكاملها، وهكذا عاد مسرعا، ولكنه عندما بات في موقع قريب من (اللصافة) لم يشعر في الصباح الا وقد رأى النار مشتعلة في ذلك العشب اليابس ـ واصبح لهيبها يطوق قوم "عبد العزيز" من جميع الجهات، وخاصة الجهة المؤدية إلى (اللصافة) أما الجهة التي جاء منها القوم، فان السبيل اليها متيسر ومفتوح، ولكن عودة القوم إلى سبيلهم الذي جاؤوا منه سوف تعرضهم لان يموتوا ظمأ على اعتبار أن الابار التي فيها الماء بعيدة بعدا يحول دون وصولهم اليها دون الهلاك ظمأ ، فكر "عبد العزيز" ودبر، ووجد ان خير وسيلة يتخذها ان أمر الفرسان ان يركبوا خيولهم لعل الخيل تحرث بحوافرها الأرض، بصورة تكون هذه الأرض المحروثة حاجزا يمنع سريان النار، كان الاجراء سليما، ولكن الذي حصل ان لهيب النار كان اقوى من ان تقهره حوافر الخيل، ويؤكد الشيخ الصحابي ان لهيب النار بدأ يدنو من القوم، وأصبح للرواحل حنين "وضجيج" من هول المنظر المخيف الرهيب، وفي حالة كهذه حتّى الشجعان الافذاذ البواسل يفقدون اتزانهم، لانه لم يكن امامهم عدو ينتضون سيوفهم لينازلوه ويقاتلوه دفاعا عن النفس، وانما امامهم نار مشتعلة تلتهم الاخضر مع اليابس، مع العلم بأنه لم يكن في الصحراء ـ على حد ما نقله الراوي ـ الا العشب اليابس .
ويمضي الصحابي قائلا : وإذا كان جميع اولئك القوم اصيبوا بذهول افقدهم صبرهم وشجاعتهم، بما فيهم العدد الوافر من الفرسان المجربين، فان "عبد العزيز" لم يفقد ايمانه بالله الذي كان دائما وأبدا هو مصدر ثباته وشجاعته وانتصاراته لا على انداده من اعدائه الشجعان الابطال، بل مصدر ايمانه حتّى على النار التي لم ينجه من هولها والتهامها له ولقومه الا ايمانه بالله القائل : (ادعوني استجب لكم) ـ صدق الله العظيم ـ
في تلك اللحظة التي بلغت فيها الروح الحلقوم وضاقت بالقوم الأرض بما رحبت، وبدأ لهيب النار يدنو من الرجال زاحفا رويدا رويدا، في تلك اللحظة التي تقلصت بها الآمال، ونضبت بها الافكار، رفع "عبد العزيز" يديه إلى السماء ودعا الله ان ينزل عليهم المطر، فنزل مدرارا حتّى اطفأ الله النار" بفضل دعاء "عبد العزيز"، ابن الله المختار والعياذ بالله !
ولذلك يجب ان يفهم الناس جميعا ان سكوت "آل سعود" عن الصهاينة هو امهال لا اهمال، وأنه حين تصل الأمور إلى خواتيمها، فان "ابن عبد العزيز"، ذاك "فهد"، سيرفع كفيه إلى السماء ويصقع بني اسرائيل بدعوة من دعواته المستجابة، وحينذاك تتبخر بنو اسرائيل وتطفئ جذوتهم، كما اطفأ الله النار للوالد "عبد العزيز" ... أفهمتم الآن ؟!؟
ومن بطولاتهم الآتي
ارسل "عبد العزيز" إلى مبارك حاكم الكويت في ربيع عام 1904 م رسالة عن الاحداث التي وقعت خلال تلك الفترة، وحفظت الرسالة بترجمتها الانجليزية إلى يومنا هذا في ملفات وزارة الهند في لندن، تقول الرسالة : "حفظكم الله ... كنا قد بعثنا فيما مضى إلى سموكم برسالة شفوية مع خادمكم مادي اخبرناكم فيها بأن في نيتنا القيام بحملة . وهكذا فاننا قمنا بالتحرك ضد ماجد الذي وجدناه في خيامه في منطقة حملان التابعة لعنيزة.. وبعون من الله وبفضل مساعدتكم وصلنا عند الفجر إلى العيثية. وفي الساعة الرابعة ليلا تحركنا إلى عنيزة .. ارسلنا عبد الله بن جلوي ومعه 100 رجل من اهالي الرياض وتحركنا ضد ماجد وعندما شاهدنا فرسانه تخلى الله (سبحانه وتعالى) عنهم وأعاننا عليهم . فقضينا عليهم. وذبحنا منهم 370 رجل. وتمكن ماجد بن حمود آل رشيد من الهرب ولكن كان من سوء حظ اخيه عبيد ان وقع في الاسر ووجد نفسه وجها لوجه امام سيف "عبد العزيز". وليس من المؤكد ما إذا كان عبيد قد ارتكب جرائم قتل في الماضي مما استوجب الثأر منه أو ان "عبد العزيز" كان مندفعا بنشوة الاستيلاء على عنيزة. وتذكر "عبد العزيز" فيما بعد تلك الحادثة قائلا: "ضربته بسيفي على رجله فجعلته مقعدا، وبعدئذ عالجته بضربة على رقبته فسقط رأسه جانبا وتدفق الدم من عنقه كالنافورة، ووجهت الضربة الثالثة إلى قلبه ورأيت قلبه ينشطر شطرين، وكان لا يزال ينبض على هذا النحو.. لقد كانت تلك لحظة سعيدة وقمت بتقبيل سيفي"... " (المملكة ص 44 - 45).
هذه هي بطولات "آل سعود" ... كما وردت في ابواق دعايتهم . وهذه هي انسانيتهم التي يفاخرون بها.
انظروا كيف عاملوا اسيرا من اسارى غدرهم وخيانتهم: (ضربته بسيفي على رجله فجعلته مقعدا. وبعدئذ عالجته بضربة على رقبته فسقط رأسه جانبا وتدفق الدم من عنقه كالنافورة. ووجهت الضربة الثالثة إلى قلبه ورأيت قلبه ينشطر شطرين. وكان لا يزال ينبض على هذا النحو.. لقد كانت تلك لحظة سعيدة، وقمت بتقبيل سيفي..).
أهذه تعاليم الاسلام؟ اهذه قيم العرب ؟ أهذه انسانية؟!
ان الوحوش .. حتّى الوحوش.. اكثر (انسانية) من هؤلاء الجبناء القتلة.. الحاقدين المارقين.
الغدر "السعودي"
ابن هندي وبتّال السهليّ جاءا إلى "عبد العزيز" في مخيمه وهو محوط بحرسه وحشمه، آتياه مسالمين لا محاربين، فماذا كانت النتيجة ؟ نحيلكم إلى بوق من ابواق "آل سعود" انفسهم، إلى ص 172 وما بعدها من كتاب (شيم "الملك عبد العزيز"):
جاء ابن هندي إلى "عبد العزيز" وبجانبه المجرم المغرور (بتّال السهلي) جاء الاثنان ومعهما لفيف من فرسان قبيلة ابن هندي، وكان "عبد العزيز" جالساً في خيمته بجواره عدد من زعماء قبائل نجد وفرسانها، نظر "عبد العزيز" إلى ابن هندي، وإذا بجانبه بتال السهلي، فقفز "عبد العزيز" من مكانه، وتناول السيف الذي كان موضوعاً بجانبه ، معلقاً في عمود الخيمة، وانتضى السيف الصارم ووثب على مرتكب الجريمة، وبسرعة تشبه سرعة البرق الخاطف ضرب عنقه، وإذا برأسه يتدحرج بين قدمي مجيره ابن هندي.
ثم انحرف إلى ابن هندي، وشهر السيف بوجهه، وصرخ عليه صرخة لها دويٌّ كزئير الاسد المتحفز للوثوب على فريسته. وقال والسيف يقطر دماً : (هو معك يا ابن هندي)؟!
فما كان من ابن هندي الشجاع الرابط الجأش الا ان قال: (اهِبَّ !! الرجل وقتلته، وشْ تريد مِنّي بعد) أي اكفني اذاك ماذا تريد مني ما دمت قتلت الرجل)!!
يقول الرواة الذين شاهدوا ذلك المنظر الرهيب : ان "عبد العزيز" عندما رأى السهلي، ثم انتضى سيفه، انقلب في اعين ناظريه من ذلك الإنسان المتواضع الوديع إلى ا سد هصور، إلى درجة ان احد الفرسان الحاضرين في تلك الخيمة عندما لامه اللائمون قال للائميه: انكم تلومونني لماذا لم أمنع "عبد العزيز" من قتل الرجل، فلو نظرتم بأعينكم "عبد العزيز" بالعينين اللتين نظرت إليه بهما لما جاز لواحد منكم ان يلومني، فوالله انني حينما نظرته عندما انتضى سيفه تمنيت ان يكون لي منفذ اهرب منه لا نجو بنفسي، ووددت ان اخرج من خلف رُواق الخيمة ...") .. الخ.
امّا قوله (كالليث الهصور) فليس من عادة الليث الغدر، وانما هي عادة الذئب وابنه فهد الذي بحجّاج بيت الله الحرام.
وانظر جيّداً إلى ما قاله المؤلف المرتزق (انكم تلومونني لماذا لم امنع "عبد العزيز" من قتل الرجل؟).. على ماذا يدل هذا القول ؟ لماذا يلومونه على انّه لم يمنع "عبد العزيز" من قتل الرجل؟
القضية واضحة ان القتل تم غدراً وبطريقة جبانة وحشية، وحتى لو كان ذلك الرجل يستحق القتل، فقد جاء إلى "عبد العزيز" مسالماً، وكان بامكانه ان يحاكمه وان ينفّذ فيه قصاص القضاء "السعودي" ذاته.. لكن هذه الزمرة لا تعرف الا لغة الوحوش، اساليب الذئاب وخباثة الجبناء.
خونة وجبناء ... رغم معونات الانجليز
"كان "عبد العزيز" يتفاوض مع العجمان، كما قيل، عندما اقنعه اخوه، الاصغر بشن هجوم مفاجيء. وكان من المقرر ان يتم التوصل إلى اتفاقية سلمية في اليوم التالي، إلا أن سعد كان يطلب الدم. ولقي سعد العقاب على الغدر الذي حث عليه. إذ ان العجمان الذين بوغتوا بالهجوم "السعودي" المفاجيء قاموا بحشد قواتهم بسرعة ضد "السعوديين" وأبلوا بلاء حسناً وذبحوهم بلا رحمة. ولقد كانت كنزان اكبر هزيمة على الاطلاق تحل "بعبد العزيز".
ولن يعلم احد عذر سعد لهذه الكارثة لانه قتل باحدى الرصاصات المتطايرة في الظلام، بينما جرح "عبد العزيز" الذي كان بجانبه. وتعين على "السعوديين" الفرار إلى الهفوف طلبا للأمان ومعهم عدد من الجنود يكفي بالكاد للدفاع عن البلدة، تاركين الاحساء تحت سيطرة العجمان، كما جاء في تقرير للمخابرات البريطانية. وسيطر العجمان على جميع الطرق، فأصبح "عبد العزيز" في الواقع اسيرا في الهفوف وكان محظوظا عندما تمكن من الهرب بمساعدة قوات نجدة بقيادة شقيق محمد وسالم، ابن الشيخ مبارك. ان السلطة "السعودية" لم تنحط إلى هذا المستوى منذ عام 1902 م" . "المملكة ص 87).
الظلم أساس الملك ! ووراء كل مذبحة مظلمة
يقول "وليمز وارمسترونج" ، في الصفحة 88 :
"فرأى "ابن سعود" انّه لا بد من عمل سريع جدا وأنه لا بد من مغالبة الجرح الذي احدثه في جسده رصاص الاعداء العجمان ليظهر للناس رجولته على الاقل.. وسأسرد عليك نبأ غريبا وغاية في الدهشة وربما يضحكك لانه شاذ لا يتصوره العقل ولكن يدل على ان العبقرية تسبح في فلك غريب جدا لا كتلك الافلاك التي يسبح فيها سائر الناس! . وخلاصة هذا النبأ : ان "ابن سعود" وسط تلك الشدة طلب إلى شيخ من قرية مجاورة ان يحضر له فتاة عذراء في الحال تكون ملائمة له ليتزوج بها! وجيء بالفتات فعلا واحتشدت الجماهير المقاتلة حول الخيمة التي اقيمت في ميدان القتال! .. ترقص طربا لنكاح "ابن السعود" لفتاتهم. وبهذه الطريقة "السعودية" المضحكة انقذ الموقف !.. إذ احيا السرور والمرح في نفوس رجاله اليائسين وأتى لهم بمنظر شاذ انساهم متاعب الهزيمة، التي كان ابطالها العجمان، واخرج "عبد العزيز" جنده من دائرة الرعب والفزع إلى دائرة الرقص والمرح المصطنع .. وعند ذلك فكر ثانية في قتال العجمان "وتأديب" سالم الصباح"!..
كان هذا ما قاله الكاتب الانكليزي ذيل "آل سعود" ـ في الصفحة 88 من كتابه المذكور.. إلى ان قال في الصفحة 89 :
"وأخيرا انتصر "ابن سعود" بعون الانكليز بعد قتال طويل واحرق قرى العجمان وقتل رجالها والنساء والاطفال بلا شفقة ولا هوادة!... وفر زعيمهم ومعه بعض رجاله إلى الكويت فطلب "ابن السعود" تسليمهم. لكن سالم الصباح رفض تسليمهم، وكان ذلك الرفض بداية خروج سالم الصباح عن الدائرة الانكليزية، وبذلك اوعز الانكليز "لابن السعود" بمحاصرة الكويت فحاصرها وقتل الكثير من اهل الكويت بما عرف في مذبحة الجهراء، حتّى اذعن سالم الصباح وعقد اتفاقية الحماية مع الانكليز، فانسحب جيش "آل سعود"!..
هذا هو بعض ما قاله اصدقاء "آل سعود" بذكرهم لنبذة عن عمالة "آل سعود" لليهود وللمخابرات الانكليزية التي كونها اليهود اصلا وسيطروا عليها، فجعلوا من "آل سعود" "السماد الطبيعي" لهذه البذور اليهودية في فلسطين وما زال "آل سعود" وأمثالهم سماد اليهود الطبيعي.. الذي به نبت اليهود، وبدونه لن تعيش "اسرائيل" في فلسطين.. انها الحقيقة التي لن تمحوها مزاعم انتسابهم للعرب وطمعهم في الصلاة في القدس وأقاويلهم في مباول الاعلام وتجارة الكلام، عن عونهم التافه لبعض الفلسطينيين، هذا العون الذي ما هو الا صدقة يراد بها الأذى" . (تاريخ "آل سعود" ص 562 - 563 ).
شجاعة من نوع آخر
وخلاصة هذه الشجاعة كما رواها شاهد عيان هي ان "عبد العزيز" جرح في تلك المعركة وسقط عن جواده، وذلك في الوقت الذي كان فرسان ابن رشيد هاجمين عليه هجوما عاما، فلم يسع فرسان "آل سعود" الا ان يكروا بقدر ما لديهم من السرعة لينقذوا حياة قائدهم "عبد العزيز"، الذي باتت فرسان العدو منه قاب قوسين أو ادنى، فكروا جميعا بقصد انقاذ قائدهم ويمضي الامير الفارس قائلا: اننا عندما دنونا من "عبد العزيز"، واردنا حمله صاح بنا قائلا: دعوني في مكاني والله لا ارضى ان تحملوني قبل ان تهزموا خيل العدو الهاجمة علينا. ويسترسل الراوي فيقول: لم يسعنا الا ان غامرنا وكررنا كرة رجل واحد، فارجعنا فرسان آل رشيد على اعقابهم، مولين الادبار، ثم عدنا إلى "عبد العزيز " بعد هذا النصر، فركب جواده منتصرا.
ولكي نعرف مدى هذه الشجاعة التي ابداها "عبد العزيز" هو انّه إذا اراد الشعبيون ان يطروا فارسا ما ويعدونه مضرب المثل بالشجاعة قالوا عنه: "فلان اشجع ممن ينطح الخيل كرَّح" ... "من شيم "الملك عبد العزيز" ص 187).
كل المؤرخين يؤكدون ان الهزيمة كانت نصيب "عبد العزيز" في اية مواجهة حربية، ولم يكن يستطيع ان يكسب اية موقعة الا بالغدر والطعن في الظهر، وهي اجبن الطرق واخسها لا يلجأ اليها الا الانذال. فاما المروي في النص السابق فهو من روائح بترول الجزيرة.
ذلك البترول الذي حول "عبد العزيز" إلى وكيل للاله سبحانه وتعالى، "عبد العزيز" هذا تطعنه امرأة في عينه لتدافع عن شرفها الذي اراد انتهاكه، يتحول إلى بطل، وتتحول الطعنة إلى رصاصة في رواية (شيم "الملك عبد العزيز" ص 201 ) يقول صاحب "الشيم !!":
"بقدر ما أدخلت الرصاصة التي اصابت "عبد العزيز" سرورا في نفوس اعدائه، فقد احدثت حزنا مؤلماً في نفوس اعوانه ورجاله، بل كادت تحدث وهنا يشبه اليأس في نفوسهم، لو لم يقلب "عبد العزيز" سرور اعدائه إلى احزان ومآتم، ويجعل حزن اعوانه وبؤسهم ينقلب إلى أفراح وأهازيج، (وعرضات حربية)، وسرور وغبطة، وايمان بالنصر، وآمال سعيدة، وبعيدة المدى".
ثم تتحول إلى رصاصتين في رواية خير الدين الزركلي الذي يضيف ان الدكتور رشاد فرعون قد اشاد بصبر "عبد العزيز" على الألم، وأنه رفض استعمال البنج لأنه اقوى من الألم.
"قال الدكتور رشاد فرعون: اردت ان أُخرج رصاصتين استقرتا في بطن جلالته اثناء احدى المعارك، فأتيت بالمخدر (البنج) لاحقنه به.. قال لي : ما هذا:
قلت ـ البنج.
قال ـ لماذا؟
قلت ـ للتسكين حتّى لا تتألم.
فضحك .. وقال : دعك من هذا ، وبعد البنج ماذا تنوي أن تفعل؟..
قلت : بعد ذلك اشق بالمبضع جلد البطن في موضع الرصاص وأخرج الرصاص ثم اخيط الجلد..
فطلب مني المبضع. وتناوله بيده، وشق موضع الرصاص، واخرج الرصاصتين.
ثم قال لي : الان تستطيع خياطة الجرح، ولا تحتاج معي إلى البنج..
قال رشاد : لقد كان اقوى من الألم".
فيا أطباء العالم، ومديري الاقسام الجراحية في المستشفيات، هل مرت بكم مثل هذه (الحادثة / النموتة).
أفيدونا دام عزكم..
ولو اقتصر المؤلف على تقرير أن "عبد العزيز" يتحمل (الألم والجروح) لأمكاننا تصديق ذلك لأنه تعلم الصبر على (الخوازيق) من صغره. أما أن يشق جلد بطنه ويستخرج رصاصتين، وكأن الرصاصتين معلقتان في الجلد، فهذه مسألة لا تصدقها حتّى العقول الخرفة.
خاصة وان المؤلف نفسه يعود فيقول في ص 215 انها رصاصة واحدة وان الذي اخرجها هو العميل البريطاني المعروف الدكتور الدملوجي من العراق قال:
"يقول الشيخ الخيال: ان الدكتور الدملوجي حدثه عن رصاصة دخلت في جسم "عبد العزيز" في احدى المعارك القديمة، وان الدملوجي بصفته طبيبا - حاول ان يستعمل مهارته الطبية لاخراج الرصاصة ، الا ان "عبد العزيز" لم يدع له مجالا يقوم به، بل قام هو بنفسه وأخرج الرصاصة من بدنه، ودمه ينزف، وكأن لم يكن هناك فيه اية اصابة من هذا النوع، أو كأن الرصاصة في جسم جمل بازل لا في جسمه هو".
وحقيقة هذه البطولة .. نجدة انجليزية عاجلة.
"لقد قتل العجمان العديد من جيش "عبد العزيز"، ومن ابرز من قتلهم "سعد آل سعود" شقيق "عبد العزيز"، كما اصابوا "عبد العزيز آل سعود" نفسه بجرح بليغ في بطنه مما دعا الانجليز إلى الاسراع في اسعافه ومحاولة نقله لعلاجه في الكويت أو في العراق، لكن الانجليز رأوا في نقله ما يشيع الهزيمة في نفوس من تبقى من جنوده الذين قتل ـ العجمان ـ وجرحوا العديد منهم وهرب الكثير، فرأى الانكليز ان يستدعوا الطبيب الكابتن "روي" بطائرة حربية خاصة نقلته من البصرة على عجل لعلاج "عبد العزيز"، فأجرى له عملية خياطية لجرحه وحجروه في خيمة خاصة لازمه الطبيب فيها لمدة سبعة ايام حتّى اطمأن على نجاح العملية وعاد الطبيب الانكليزي إلى البصرة.. ومع ذلك فقد احتقرته القبائل وتركه سالم الصباح الذي شاركه في بداية المعركة" . (تاريخ "آل سعود" ـ ناصر السعيد، ص 562 ).
ذبح "إسلامي"
(ما هدأت ثورة "القصيم" حتّى انفجرت ثورة أخرى في الجنوب. وكان "العجمان" هذه المرة هم الذين حاولوا التمرد على سلطة "ابن سعود". واندلعت شرارة ثورتهم من مدينة "ليلى" بتحريض جماعة من المعتصبين المتزمتين الدينيين وكانت اشد خطورة من سالفتها. فهي اقرب إلى الرياض وتهدد بالامتداد إلى العاصمة، وتثير في الوقت نفسه اضطرابا دينيا مسمما للافكار. لذلك كان سخط "عبد العزيز" كبيرا، فقرر أن يقمع الفتنة بقسوة وعنف بالغين. انها في هذه المرة معركة بين الاصلاح والتطور!! وبين الجمود والتخلف!!
اقتحم "عبد العزيز" مضارب "العجمان" واجتاح ديارهم، وامر فرقتين من جنوده بتدمير قريتي "القطين" و "الحوطة" ومحوهما من الوجود وعدم الابقاء على حجر فيهما فوق حجر، ولا على اثر ينبئ بمكان وجودهما .
فلما نفذت اوامره بدقة، مشى إلى مدينة "ليلى" فهاجمها وتغلب على مقاومتها، وأرغم حاميتها على الاستسلام، وحكم بالاعدام على تسعة عشر شخصا كانوا نواة الثورة ومتزعميها.
أجّل "ابن سعود" تنفيذ احكام الاعدام لمدة اربع وعشرين ساعة، وأوفد الرسل إلى مختلف الاقاليم يدعون الناس إلى "ليلى" ليشهدوا انزال العقاب بالمجرمين. وأمر باقامة منصة مكشوفة امام المدينة خارج الاسوار حيث تتجمع القوافل عادة، فاحتشد عند الفجر سكان المدينة والقرى المجاورة وعدد كبير من البدو، واحاطوا بالمنصة من جوانبها الثلاثة، بينما اصطف الحرس النجدي في الجانب الرابع امام المنصة. ووصل "ابن سعود"، فاجتاز الساحة وسط صمت رهيب، ثم صعد إلى المنصة محاطا بالشيوخ والحرس الخاص. وكانت قامته المديدة والغضب الشديد المرتسم في تقاطيع وجهه، يثيران الرعب في النفوس.
وفتحت ابواب المدينة واقتيد المحكومون مكبلين بالاصفاد، وارغموا على الجثو امام المنصة، فأومأ "ابن سعود" بيده مشيرا إلى الجلاد فبرز في الساحة زنجي عملاق عاري الصدر بيده السيف وخلفه مساعداه، فوقف على رأس صف المحكومين.
وتلا احد الفقهاء نص حكم الاعدام معددا الاسباب التي اوجبت موت المتمردين. وروعيت بكل دقة المراسم والشكليات التي ترافق عادة احكام الاعدام. فقد كان "ابن سعود" حريصا على التأكيد بأنه لا يتصرف بدافع الانتقام، بل ليفرض على رعاياه اطاعة القانون!!
ومضى الجلاد يمارس مهمته في المجرمين واحدا بعد الآخر. ثماني عشرة ضربة فاصلة، وثمانية عشر رأسا تدحرجت فوق الرمال. فلما تقدم المحكوم التاسع عشر إلى مصيره، اشار الملك إلى السياف وأمره بالابتعاد، وخاطب الرجل الجاثي امامه بقوله:
انني اعفو عنك، اذهب فأنت حر، وحدث في كل مكان بما شهدت، وانقل إلى اهل الصحراء كلها كيف يطبق "ابن سعود" العدالة.
ولما انتهى تنفيذ الاعدام خطا ملك نجد إلى مقدمة المنصة وخاطب الجمهور موضحا الجريمة التي ارتكبها العصاة، والعقاب الرهيب الذي سيتعرض له كل من يحذو حذوهم". (عن الكتاب "السعودي عبد العزيز آل سعود" سيرة بطل ومولد مملكة - ص 106 ـ 107).
(نورة) والعائلة الشريفة!
"كان احسن صديق "لعبد العزيز" طوال حياته هي امرأة ـ شقيقته "نورة" التي كانت تكبره بسنة واحدة وكانت شريكته في اللعب ايام الطفولة في باحات الرياض المغبرة، وشاركته ركوب ذلول واحد عندما طرد "آل سعود" من مدينتهم في شهر يناير (كانون الثاني) عام 1891 م. وفي الثلاثينات عندما وصل الهاتف إلى الرياض قام المهندسون بمد اول خط هاتفي بين قصر "عبد العزيز" وقصر شقيقته "نورة". وكان "عبد العزيز" يبوح بأسراره لنورة ويأتمنها على تلك الاسرار. وكان يقول ان "نورة" هي التي ساعدته على المحافظة على ثبات عزيمته خلال الايام العصيبة التي عاشها في الكويت. كان باستطاعة "عبد العزيز" ان يبوح لها بأشياء لم يكن باستطاعته ان يبوح بها لأي شخص آخر. وعند زواجه من جوهرة بنت مساعد قبل عام 1910 م بدت حاجة "عبد العزيز" إلى اكثر من المشاركة الجسدية واضحة للعيان" .. (المملكة - ص 60).
هذه نورة اذن ؟ وهذه منزلتها. . فلنتابع كتاب المملكة.
"قررت العائلة المالكة ان شقيقة "عبد العزيز" كانت في الحقيقة تزاول بعض الاعمال المحظورة، وطبقا لقانون البادية اعتبرت تلك الاعمال ماسة بشرف شقيقها اكثر مما اعتبرت ماسة بشرف زوجها. وأدى كل ذلك إلى تساؤلات كثيرة وحيرة في الرياض، لكن ليس في مخيم "سعود" الكبير الذي ضحك ملء شدقيه لدى سماعه تلك الاخبار ـ تماما مثلما فعل "عبد العزيز" عندما اكتشف انّه وقع في الفخ. إذ ان "نورة" على ما يبدو لم تشارك شقيقها المفضل ذلك السر الصغير!" (المملكة ـ ص 64).
حسنا جدا..
"نورة" الملهمة .. العبقرية المتوقدة .. الفتاة الساحرة... الباهرة... يتزوجها "سعود" الكبير، ثم يتركها في معسكر اخيها، ويهرب، وبعد اكثر من سنة ونصف من ذلك الحدث، وبعد تسعة شهور من قتال الديدان فيما بينها، يظهر الحمل على "نورة"، فمن أين جاء ذاك اللقيط؟! وكيف استقبل "عبد العزيز" (الامام ابن الامام) ذلك الخبر؟!
ليس اكثر من انّه ضحك ملء شدقيه كما ضحك زوجها الغيور.. . فما اشرف هذه العائلة الشريفة!!!
اسرى
"لقد ذاق "عبد العزيز" المهانة، لذا فانه بادر وهو يحتدم غيظاً إلى قمع تمرد ابناء عمومته. وكانت عائلة الهزاني التي كانت تحكم آنذاك بلدة ليلى الواقعة على حافة الربع الخالي والتي تبعد مسافة 150 ميلا جنوب الرياض قد انضمت إلى تمرد العرافة، غير ان "عبد العزيز" وضع حدا لذلك بالاستيلاء على البلدة والقى القبض على كل كبار عائلة الهزاني المتمردة تقريبا. وكان بين الاسرى أيضاً "سعود" بن عبدالله ، ابن عم "عبد العزيز" واحد قادة العرافة. وكان "عبد العزيز" زوجه من شقيقته ، "هيا".
ومنح "عبد العزيز" اسراه مهلة امدها 24 ساعة، وارسل رسله إلى كافة اطراف البادية المجاورة. وبسرعة تم نصب منصة خارج اسوار المدينة المبنية من الطين. وفي صباح اليوم التالي احتشد البدو في الساحة، واقتيد افراد عائلة الهزاني ممن كانوا قد اعانوا العرافة الواحد تلو الآخر واجبروا على الركوع امام "عبد العزيز"، وباشارة منه نفذ سيافه الزنجي حكم الاعدام بهم علنا.
وكان السياف ينخز كل واحد منهم في ظهره أو جنبه بقوة برأس سيفه فينتصب من الألم أو الهلع وفي تلك اللحظة كان السياف يهوي بسيفه على رقبة الضحية فيفصل رأسه عن جسده. وفي ذلك الصباح هوى السيف 18 مرة، وعندما ركعت الضحية التاسعة عشرة أمامه اوقف "عبد العزيز" المذبحة إذ نهض من مكانه وعفا عن ذلك الرجل ثم دعا المتفرجين والرجل الذي عفا عنه إلى الذهاب إلى البادية واخبار القاصي والداني بما شاهدوه من عدالة "عبد العزيز". وحذرهم بأن ذلك هو ثمن التمرد، وبأنه لن يتردد في تحصيله مستقبلا.
وهنالك قصة مفادها ان الرجل التاسع عشر الذي عفا عنه "عبد العزيز" في اخر لحظة كان "سعود بن عبد الله"، نسيب "عبد العزيز"، غير ان ذلك يبدو بعيد الاحتمال إذ انّه من غير المعقول ان يقوم "عبد العزيز" بتعريض أي قريب له لمثل هذه الاهانة العلنية. لقد صفح "عبد العزيز" عن حياة ابن عمه "سعود" الذي ظل مخلصا له منذ ذلك الحين فصاعدا . غير ان "سعود" الكبير وابناء الاعمام المتمردين الاخرين ظلوا طليقين، في حين استمرت قبائل كعجمان ومطير في تحديها للسلطة المركزية في الرياض، وكانت شهية الشريف حسين بن علي قد انفتحت.
لقد كان الاستعراض المسرحي الرهيب خارج اسوار ليلى هو عودة إلى اساليب الارهاب القبلي التقليدية. لقد حسمت هذه الطرق بكفاءة امر زعماء الهزاني نهائيا ولكنها لم تكن السبيل إلى توحيد شبه الجزيرة العربية على اسس راسخة ثابتة". (المملكة ص 65 _ 66).
حينما لا يجدون محيصا من الاعتراف ... يخففون وقع الجريمة
"كان الخبر الذي جاء به كتاب بن غصن يؤكد ان مارقا وقع في قبضة "ابن سعود"، ولكنه لا يثبت ولا ينفي الاشاعة التي راجت والقائلة ان "عبد العزيز بن سعود" عندما ظفر بمارق شدخ رأسه" . (من شيم "عبد العزيز" ص 62 ).
نقض العهود...
هذا دين "آل سعود"، ويروي مؤلف كتاب المملكة ص 65 هذه الحادثة :
"فجأة وجد الشريف نفسه وبحوزته احسن رهينة ـ شقيق "عبد العزيز" المفضل. ولم يتردد الشريف في استثمار هذه الهبة من السماء بسرورة غامر، إذ سارع لمطالبة عبدالعزيز بدفع فدية سنوية مقدارها 4500 دولار ان هو اراد تخليص شقيقه . ولم يكن "لعبد العزيز" بد من قبول ذلك لان تمرد "سعود" الكبير والعرافة حال دون تمكنه من التحرك ضد الشريف حسين، وكان على استعداد لدفع أي مبلغ لقاء اطلاق سراح "سعد".
لكن حال عودة سعد سالما إلى الرياض نكث "عبد العزيز" في الحال بالوعد قائلا بأنه قطع قسرا لذا فهو غير ملزم، وفي الواقع فانه لم يدفع حتّى فلسا واحدا إلى الشريف حسين. غير ان الحادث كان مشينا، إذ وللمرة الاولى منذ الاستيلاء على الرياض اضطر "عبد العزيز" للاعتراف بهزيمة علانية. وشمت الشريف حسين "بعبد العزيز"، وذاع الخبر في كافة انحاء الجزيرة العربية. وكانت انتكاسة كبيرة للنجاحات "السعودية" ولم يكن بوسع "عبد العزيز" ان يفرج عن نفسه إلاّ بالتهكم على الشريف حسين".
ومن المعلوم ان افتداء الاسرى عرف عربي ثم إسلامي يحترمه الجميع غير ان "آل سعود"، انى لهم ان يوفوا بالعهد والميثاق.
حكم العبيد والجواري
اقرأوا يا "آل سعود"..
اقرأي يا صحافة "آل سعود" واقرأي يا شعوب البلاد العربية يا مسلمي العالم..
اقرأوا قصة ملوك الجواري والعبيد..
"قال الشريف حامد سعد الدين : "ان "آل سعود" معروفون بين سكان نجد بأنهم "اهل قيل وقال" وان رجالهم يستطيبون تناقل الاخبار، فيتلذذون بسماع أنباء البيوت والنساء واخبار العوائل، ويتداولون فيما بينهم عما يجري في حياتهم الخاصة. وكان "الملك عبد العزيز" يخصص مساء كل خميس ونهار كل جمعة لقضائه مع نسائه وبناته وجواريه، يستمع إلى ما يروونه له من قصص وانباء. وكان الملك يتثاقل من زيارات الناس له في تلك الاوقات ويمتنع عن رؤية الشؤون العامة، ويقول ان هذه الاوقات هي من حق الحريم والعيال. وكان عند "الملك عبد العزيز" (آغا) اسمه امين بن عبد العزيز وهو عبد مخصي، موكول إليه الاشراف والاتصال بعيال الملك وحريمه . كان هذا الاغا عندما يحضر إلى مكة يجمع الجواري والحسان فيحيون له ليالي الانس والسمر ويتمتع بلمس اجسادهن دون اتصال جنسي بهن. ومن العبيد الذين كانوا يتولون امور حريم الملك عبد العزيز عبد الرحمن الطبيشي وزير الدولة الحالي والذي كان يعرف يومئذ "برجّال الملك". واضاف الشريف حامد يقول: "ان الملك "سعود" يسير على خطى والده. فهو أيضاً يقضي اوقاته من بعد صلاة العشاء مع الحريم والنساء والجواري ليستمتع باحاديثهن" ("المملكة العربية السعودية" كما عرفتها ص 608) . ولكن من قال لك يا مميز انّه يستمتع بالاحاديث فقط ؟ الا ترى ان "ابن سعود" يعترف بأن له 36 ولدا واكثر من ضعفهم من البنات ، هذا غير الذين لم يعترف بهم. أولا ترى ان "الملك سعود" له 53 ولدا، و 107 بنات.. هذا هو الاستمتاع، وهذي هي نتائجه!
الملك (متعلق) بالانجليز
"تحدث الشريف حامد سعد الدين القائم باعمال المفوضية الاردنية في جدة عن مدى تعلق "الملك عبد العزيز" بالانكليز فقال: "كان بعض الانكليز قد زاروا ذات يوم "الملك عبد العزيز" في الرياض. وبينما هم في القصر اذن وقت الصلاة، فقام الملك ومن معه للصلاة، وامهم "المطوع" فقرأ في الركعة الاولى الآية القرآنية : "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار" . ثم كرر نفس الآية في الركعة الثانية. وما ان انتهى من الصلاة حتّى زحف الملك من مكانه نحو الامام واشبعه وخزا وركلا وهو يؤنبه قائلا: "وما لك بالسياسة با خبيث ، وما الذي تقصده من ترديد هذه الآية في كل ركعة ؟ أفلا توجد آيات غيرها؟".. " المميز - "المملكة العربية السعودية" كما عرفتها - ص 609).
ويختنق الامام بسبب "التعلق "!
قال جلال كشك في كتابه "السعوديون وا