أمةٌ تغتالُ نفسَها
تعليقاً على هذا الإرهاب
المُجتاح لثقافتنا والمبتليةٌ به أمتنا و حتى لا أشارك الظالمين إجرامهم بالسكوت
عن أفعالهم. و لأن حالنا أصابه الخزي و العار من انحدار الأخلاق في أمة الأخلاق
التي هي أمة العدل و الرحمة, أمة العلم و العمل كما أمرنا خالقنا أن نكون فما كنا,
حيث أنّا ضللنا و شططنا و رجعنا الى الجاهلية بعد نهضة و بززنا الأمم السابقة
بالحماقة, لأننا حُمّلنا العلم فما حملناه و أهدرناه بالطيش و الغباء فصرنا بعد
عزٍ في فاقة و بعد نورٍ في ظلمة حتى حاصرتنا أممٌ استقت علومها من نبعتنا و بَنَت
قوتها على تخاذلنا و تفرقنا و استكبرت علينا بعد أن سرقت نفطنا و ثروتنا, و بعد كل
ذلك الخِزي وصلنا إلى الخزيٍ الأكبر إذ أنّا بعنا لهم أيضاً مدنيّتنا و إنسانيتنا
و ديانتنا, فصرنا لهم قتلة مأجورين, نقتلُ بعضنا البعض لنكسب رضا السارقين الذين
هتكوا حُرماتنا و عاثوا فساداً في أدمغتنا و باعوا و اشتروا بأرضنا لأننا سلمنا لهم بالأمس رقابنا يوم
سكتنا على البغي و الفساد في أوطاننا و رضينا بالسىء لنتقي الأسوء و أعرضنا عن
الحق لأن ثقيل حمله و قلنا مالنا و مالهم ليتأمّرونا ردحاً من الزمن و نحن علينا
بالدعاء و البكاء ولعن الظالمين الفاسقين في الخفاء و اكتساب رضاهم في العلن حتى
اختلط في قاموسنا الخطأ و الصواب و ما
عدنا نعرف الصادق من الكاذب و لا المؤمن من المارق و أورثنا أبناءنا زمناً قلبنا
فيه الموازين رأساً على عقب, إذ صاحب الحق فيه صار غاصباً وكاذباً و الشريف فيه فاسداً
و قاتلاً , و العميل فيه ثائراً مناضلاً في مجالس العالم مكرماً , و المقاوم فيه
مذموماً و كافراً لأنه يأخذ بلاده إلى الدمار و يتسبب بقتل الكبار و الصغار ,و
لأننا صرنا في زمنٍ المال فيه مغمساً بالدماء و الحرية فيه تؤخذ من إشلاء الضحايا
المقطعة. و في زمن صارت فيه الآذان صماء و العيون حولاء و الأمم امتهنت فيه التفرج
كالبلهاء, و لأننا في زمن رخص فيه الإنسان المستضعف حتى صار رقماً يضاف إلى غيره
في معادلات القذارة السياسية و الاعيب السيطرة الأممية وخطط كسب الأبار النفطية و ثورات الجهل المكيافلية, لدرجة الدوس على جثث الأطفال و
العبث بالدين وقتل القيم الإنسانية. و لأن يا ربي اللائذُ بغيرك مخذول و الشاكي
لغيرك مذلول و الطالب من دونك مردود فلا حول و لا قوة إلا بك و أليك أتوجه وأقول:
اللهم ارحم الشهداء المظلومين و
المقتولين بغير حق و أسكنهم فسيح جناتك و عوض عليهم بجنتّك و غفرانك و انتقم من
قاتليهم فرداً فردا و لا تمنحهم غفرانك أبدا واحرمهم من نعيمك في الدنيا و الآخرة.
اللهم اضرب قاتليهم ضربة لا يعودون بعدها إلى ما عملوه أبداً. اللهم و صُبَّ على
المجرمين غضبك صباً صبا, من مخططين منهم لهذا العمل و من منفذين له , ومن عاملين
عليه ومن ساعين لتحقيقه و على الهازّين
برؤوسهم مؤيدين و هم قادرون أن يمنعوا ذلك و لكنهم معرضون و راضون, و هم بالدم الذي يسفك غير
عابئين, لأنه ليس لإبنائهم او لإخوانهم أو لإحدٍ من أقاربهم أو لجيرانهم, مع أنه
دمٌ أبرياءٍ من أوطانهم و دمُ أناسٍ من ديارهم و دمُ عبادٍ من دياناتهم و بشرٍ من
أمثالهم, و دم أنفسٍ اللهُ حرّم قتلها و أوصى بحُرمتها و أمر بالإيثار لحفظها لأنه
هو خالقها و بارئها و بيده فقط أمرها و قضاءها و هو الذي أوصى بحفظها قائلاً:
(...من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها
فكأنما أحيا الناس جميعا...) المائدة آيه32 ,فأضاف نبيه آمراً: ( لزوال الدنيا
أهون عند الله من قتل رجل مسلم ) رواه النسائي و صححه ابن ماجة.
اللهم يا رحمن يا رحيم يا سامع شكوة الشاكين و مجيب دعوة
المضطرين, يا ساكن كل ضمير و بيده الأمر و المصير يا من إليه نتوجه في كل أمر و في
كل حين و نحن بقضائه راضون مسرورون ,فارحمنا برحمتك يا الله و فرج علينا بمغفرتك
يا الله
برفع البلاء عنا بقدرتك واغفر لمن أساء منا بغير علم واهده إلى اليقين و
أعِّنا على أن لا نسيء لأمتنا بأن تقوّي بصيرتنا و تكشف الجهل عنا بهدينا إلى
العلم الذي تحب وإلى المعرفة التي بها أمرت بتذكيرنا دائماً بأخلاق نبيك و بأخلاق
الصالحين من خلقك الذين اتبعوا نبيّهم فما ضلّوا و ما أضلّوا و هم بأمرك عملوا و
إلى الآن يعملون و إلى لقياك في الليل و النهار هم مشتاقون و من غضبك هم دائماُ فزعون
و لأجل حبك هم محبّون و بفضل رحمتك هم راحمون لجميع من خلقت و ما خلقت, و احفظنا
يا إلهنا من قومٍ هم عن أمرك معرضون و لأنفسهم و لغيرهم ظالمون الذين بغير حقٍ
خلقَك يقتلون و على الشيطان لا عليك يتكلون و الذين ثوبَ الكُره و البغضاء يلبسون
و بقطار الفتنةِ والجهل يركبون و هم بذلك
بعلمٍ منهم أو من دون علمٍ على قيمك يثورون و على تعاليمك يستعلون و من رحمتك
يخرجون.
ألهم لا تحرمنا رضاك أبداً و لا
رضا من أطاعَك و أَحبَك فأحبَبتَهُ و كرَّمتَهُ و أنر لنا عقولنا بالمعرفة و
المحبة الدائمين, و ثبتنا على طاعتك و ألحقنا بخدمة من تُحبهم و يُحبوك و تعرفهم و
يعرفوك, اللهم استجب لدعائي و صلي على خير خلقك محمد و على آله المطهَّرين و صحبِه
المُنتَجَبين.