Pages

 أغرب من الخيال هذا الذي يجري في مملكة الظلام الوهابية النجدية!>السعودية 
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ 


أغرب من الخيال هذا الذي يجري في السعودية اليوم، السواد الأعظم من الشعب السعودي يأكلها الفقر ويطحنها الجوع، وتميتها عنصرية الأسرة الحاكمة، في الوقت الذي تتضخم فيه ثروات الفئات الطفيلية الحاكمة بصورة لم يسبق لها مثيل.

وعلى الصعيد الخارجي، نرى الملك السعودي المريض يهرع إلى الإمبريالية الأميركية، يرتمي على أقدامها ويترامى على عتباتها... ويجعل دولته في خدمة تنفيذ أغراض السياسة الأميركية... وحين يعترض كتاب السعودية الشرفاء والمعارضون وصحفيوها على الحماقات الصبيانية التي تجعل من السعودية الوهابية نظاماً مكروهاً لدى الشعوب العربية والإسلامية بعد الولايات المتحدة الأميركية، حين يعترض أي كاتب أو صحفي حر أو معارض شريف، فإنه يتهم بالخيانة العظمى وتسوقهم مخابرات آل سعود، إلى المحاكم الصورية وغياهب السجون والتعذيب.


وهكذا أصبح الرأي المعارض والكلمة الشريفة الحرة تشكل لدى أسرة آل سعود الوهابية، خيانة عظمى يعاقب صاحبها بالإعدام.
لا يزال نظام آل سعود مصراً على قمع الاحتجاجات السلمية التي تطالب بالعدالة الاجتماعية والتي تواجهها قوات آل سعود بالرصاص الحي في حين بلغ عدد المعتقلين في بلاد الحجاز أكثر من 35 ألف معتقل بينهم النساء وعشرات الأطفال .


وفي نظرة إحصائية أولية نجد أن هناك أكثر من 150 ألف مدمن على المخدرات معظمهم من العاطلين وأكثر من مليون ونصف المليون امرأة عاطلة عن العمل عن العمل وهناك عشرات آلاف السعوديين يرغبون بالهجرة عن بلادهم... طبعاً هذه كلها عناوين عريضة تلخص الواقع الحالي في بلاد نجد والحجاز بسبب سياسات آل سعود التي يؤكد مراقبون أنها أصبحت في مصاف أعتى الديكتاتوريات المناهضة لحقوق الانسان في العالم.‏


ففي ظل طبيعة الحكم البدوي والقبلي لآل سعود الذي يقوم على ركيزة النهب و سلب كل ما تصله اليد، فضلاً عن الجشع الجنوني للعائلة المالكة، وزعت مساحات واسعة للأمراء كهبات خاصة لأنهم طبعاً ملاك العباد و البلاد وتجاوزت نسبة الأراضي المملوكة من قبلهم الثلاثين بالمائة، بعد أن أصبح نهبهم لتلك الأراضي العقارية ظاهرة للعيان، وباتوا يتنافسون للاستحواذ عليها وعلى المخططات التي يتملكونها مجاناً ثم تباع من قبلهم على فقراء الشعب بمبالغ ضخمة، فيما يعاني أبناء المملكة عموماً والمنطقة الشرقية خصوصاً من مشكلات اجتماعية وصحية ووظيفية وحتى بيئية في صورة تشكل خرقاً فاضحاً لحقوق الإنسان ضمنها الإسلام لهم كسواهم من البشر، وضمنتها لهم شرعية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، لكن ثمة من يحاول التستر على هذه الخروقات وعدم إيضاح الممارسات والأرقام الخاصة بهذا الشان.‏
في الجزيرة العربية هناك شعب مصادر الإرادة، ولا توجد لإرادته أية تعبيرات في أي إطار تمثيلي كان، وهناك أشواق للحرية التي تُطارد أشكالها البسيطة جحافل هيآت ما يسمى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فما بالك بحرية التعبير وتشكيل الأحزاب وحرية الصحافة وحق الاعتراض على السياسات والصفقات... وهناك كرامة مسلوبة، حيث المناصب والمواقع العليا في هيكل (الدولة) وفي مؤسسة الجيش هي حكر على الأمراء من آل سعود وكأن باقي المواطنين غير جديرين بالمسؤولية، أو كأنهم ليسوا مواطنين في الأصل! وعندما نعلم أن دولة مثل السعودية بثرواتها النفطية والمالية الهائلة تعاني تراجعاً في نموها السكاني بعد أن كانت في مقدمة الدول الأربع عالمياً في الزيادة... بسبب وجود أزمة إسكان وبطالة متفاقمة، وعدم وجود فرص عمل جديدة، وارتفاع تكاليف المعيشة للمواطن السعودي... وارتباط هذا الواقع بتراجع المتغيرات التنموية فيها.


فَوَهْم الرخاء المالي يتبدد مع تزايد أعداد العاطلين وانتحار بعضهم، وتزايد أعباء الحياة التي تقلص وجود الطبقة الوسطى وتضغط عليها، والأهم وجود الفساد كثقافة وممارسة لم تترك للبلد النفطي إلا صوراً نادرة للنجاح التنموي والرضا الشعبي عن الخدمات والبنية التحتية.


والسؤال الذي يطرحه أي مواطن سعودي مطحون ومغلوب على أمره: هل يمكن لدولة تعتقل أكثر من 1 % من مجمل مواطنيها وتغيبهم وراء ضوء الشمس في سجون الرأي ومصادرة الحرية وتنكل بهم لتجعلهم عبرة لمن يعشق الحرية ويسعى لها أن تتغنى بالحرية أو حتى ترسم رسماً كروكياً لها؟ هل يمكن لنظام كهذا أن يهب للناس حريتهم التي كفلها الله لهم؟ وهل يمكن لدولة كهذه أن تسير بشعبها على صراط العدالة والعيش المشترك؟ لا أظن ذلك...


فإذا بدأنا بالحرية، أرجوكم ليخبرني أحد عن مقدار ما تتمتع به تلك المحميّات (بالقواعد الأجنبية) من حرية على صعيد قرارها الوطني المستقل بعيداً عن الإملاءات والأوامر الخارجية، أو على صعيد الحرية في الداخل، حرية الأفراد والمعتقد، والإعلام، والدراما، وحرية التعبير... وإذا انتقلنا إلى الديموقراطية والتعددية وتداول السلطة، أرجوكم ليخبرني أحد عن عدد الأحزاب وعن المعارضة في السعودية، وليشرح لي من انتخبَ هذا الأمير؟ ومن ولّى هذا الأمير؟ ليخبرني أحد ما عن الديموقراطية التي يمارسونها؟ وعن حق التظاهر وحق الشهيق والزفير، وعن الأناشيد الوطنية التي تبدأ بـ ''يحيا الملك ويحيا الأمير''!.


على صعيد التوزيع العادل للثروة، أخبِروني كيف تُوزَّع الثروات النفطية في بلاد الحجاز؟ من ينهبها؟ من يتصرّف بها، وأين تصرف؟ وعلى ماذا تصرف؟ وما نصيب الشعب السعودي منها؟ وكم عدد أولياء العهد وأخوتهم وأبناء عمومتهم وأخوالهم وكم عدد الزوجات وأبنائهن وعدد سموات الأمراء والأميرات والشيوخ والشيخات الذين تخصص لهم المرتبات الشهرية وهم لمّا يزالوا مشروع أجنة في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم؟ على صعيد الفساد، وسيادة القانون، أخبروني عن الرشاوى الطائلة التي تدفع لاستمالة مسؤولي المنظمات الأممية، أو الدول الفاعلة للسكوت عم جرائمهم ضد حقوق الإنسان السعودي، وعن امتيازات تأسيس الشركات القابضة والدافعة والمستثمرة والعابرة، لمن تمنح وبأية طريقة؟ ومن أين جاءت برأسمالها؟


أخبروني إن كان القانون يطبق على الأمراء وَنسلِهم المحبوب كما يطبق على عامة الشعب، أو إن كان يطبق على الشعب دون تمييز بين دين ودين أو طائفة وطائفة؟ أخبروني عن مصير المعارضين والمنتقدين وأصحاب الرأي المختلف؟ أخبروني عن حال سجونهم ومعتقلاتهم وغرف التعذيب عندهم؟ أخبروني إن كان للمرأة (نصف المجتمع) حق التصويت أو حق إبداء الرأي؟ وعلى صعيد التعليم ليجرِ أي كان مقارنة بسيطة بين ما خرّجتْ دولة نامية وما خرجوا هم من كفاءات وحملة شهادات وكفاءات علمية... أخبروني عن صناعاتهم الثقيلة، وزراعاتهم المثمرة، ومصادرهم البديلة وخططهم المستقبلية فيما لو نفذ النفط؟ على صعيد الفن والفنون، أذكروا لي مسرحية أو مسلسلاً أو فيلماً سينمائياً صنعوه وترك أثراً فكرياً أو تنموياً أو إصلاحياً أو نقدياً أو ترفيهياً...


اليوم، يشكل انتشار الحراك الشعبي المطالب بالتغيير في عموم مناطق الجزيرة العربية وعدم اقتصاره على منطقة دون أخرى، دليلاً واضحاً أن نظام القبيلة الفاسد الحاكم في بلاد الحرمين لم ولن يمكنه الافلات من التغيير، فها هي بشائر التغيير الجذري المرتقب بدأت تهب في عموم مناطق بلاد الحرمين بالرغم من القمع الوحشي الذي تتعرض له على يد أزلام النظام القبلي الوراثي المتخلف الذي ظل يسحق حقوق الانسان ويميز بين المواطنين على أساس المذهب والمنطقة لأكثر من ثمانية عقود من الزمن، فعلى الرغم من كل محاولات هذا النظام الهرب إلى الأمام، من خلال اللجوء إلى حصن فتاوى فقهاء البلاط الجاهزة تحت طلب الملوك والأمراء والشيوخ لتأمين ما يحتاجه البلاط من مواقف (دينية) تحميه من أية محاولة للتغيير، وعندما يتقاطر فقهاء البلاط ليفتوا بحرمة التظاهر تارة وبكفر الاعتراضات السلمية أخرى، وأخيراً بجواز قتل ولي الأمر لرعاياه إذا ما أزعجوه بشعار أو هتاف أو لافتة.‏


ويرى ناشطون سعوديون أن الاعتقالات تسند بفتاوى دينية كفتوى الشيخ ''عبد العزيز آل الشيخ'' مفتي عام السعودية الذي قال إن المظاهرات لا أصل لها في الشرع الإسلامي ورأى أنها لم تحقق خيراً، محذراً من ''المساس بالأمن والاستقرار'' وتأثير الفضائيات والإنترنت التي ''تشوه'' الإسلام وتدعو للفتن ونشر الفوضى والأكاذيب، مشدداً على ضرورة تكاتف ''الجميع مع ولاة الأمر''.‏ وهذه المظاهرات بحسب المفتي هي فوضوية وطريقة سيئة ومبدأ خطير لا يحقق أي خير، موضحاً أن فتح الفوضى ''للدهماء'' بهذا الشكل يجعل الأعداء يستغلونها كما استغلوها في بعض بلاد العالم الإسلامي في نشر الفوضى.‏


في بلاد يتهم المتنورون في عقيدتهم وتهاونهم لتغريب الفكر الاجتماعي ومسخه، في أرض يظن ساكنوها أنها الحرم المكي وأنهم مجتمع الطهر والقداسة، فيما يتوضأ حكامهم بماء الخمر في ليالي العهر، في (بلاد الحجاز)، السعودية كما يحلو لملوكها وأمرائها أن يسموها، تأمر السلطة الدينية فتطاع حتى لو كان الأمر يخصّ قضية إعلامية أو ثقافية أو حتى عمرانية.


والسؤال الذي يطرحه كل أحرار وشرفاء العالم: هل من وجود لديكتاتورية في القرن الواحد والعشرين لا تزال محمية من أكبر قوة ''ديمقراطية'' في العالم تزعم أنها مع ''الربيع العربي''؟ نعم... إنها السعودية.


ولو وصفنا ديكتاتورية آل سعود بأنها من أكثر الديكتاتوريات ظلامية على سطح الأرض... لقذفنا جميع ''مثقفي وكتاب وصحفيي إعلام عرب إسرائيل'' ـ وما أكثرهم هذه الأيام ـ بشتى أنواع التهم ولأطلقوا بحقنا كل ما يخطر على البال من عبارات القدح والذمّ.



أما إذا أكدنا أن السعودية هي ليست أكثر الديكتاتوريات ظلامية في التاريخ البشري فقط، وإنما هي تتمتع أيضا بحماية ''مطلقة'' من الولايات المتحدة الأميركية، لهاجمنا كل من هب ودب من الذين ينعمون بخيرات الريال على مدى العقود الماضية ولوصفونا بأننا لسنا سوى ''عملاء'' لإيران أو حزب الله.


ومن سوء حظنا أننا لسنا في عداد من وصف السعودية بالظلامية والديكتاتورية علانية. وفي الواقع أن هذا الوصف الرائع: ''السعودية الديكتاتورية المحمية'' ليس من ابتكارنا، وليس من اختلاق كاتب عربي متعصب للقومية العربية، أو ناصري لطالما أطلق زعيمه ''جمال عبد الناصر'' على الأنظمة الخليجية ـ وبخاصة السعودية ـ ''الرجعية العربية''، بل هذا الوصف ليس من صنيعة كاتب عربي أو إيراني، ولا حتى من صنيعة حزب إيديولوجي شرقي قريب من الإتحاد السوفييتي السابق أو روسيا حالياً.



فـ ''السعودية الديكتاتورية المحمية'' هو عنوان الكتاب الذي أصدره الفرنسي ''جان ميشال فولكيه'' عام 1995 عن دار ميدويست للنشر بباريس. والكتاب هو خلاصة ميدانية عاشها الكاتب على مدى عدة سنوات متنقلاً بين الرياض وجدة، وهو يروي بصفته ''شاهد عيان'' حقيقي ـ لا كشهود عيان الجزيرة والعربية ـ '' كيف تُنتهك حقوق الإنسان في مملكة آل سعود، وكيف تُحرم المرأة من حقوقها بإسم إسلام يُحرّف عن تعاليمه ومقاصده.


ويكشف ''فولكيه'' للعالم الغربي ـ وليس العربي ـ استحالة أن تجتمع الديمقراطية وحقوق الإنسان مع النفط في الشرق، مؤكداً أن السعودية نموذج صارخ لهذا التناقض، إذ استطاعت عائلة واحدة ـ وبمساعدة الولايات المتحدة ـ أن تمتلك بلداً بكامله أصبح يحمل إسمها، وأن تحافظ بالقوة على ديكتاتورية من أكثر الديكتاتوريات ظلامية على سطح الأرض!


وفي هذه المملكة الفريدة من نوعها في التاريخ، والتي ليس من مملكة تشبهها حتى في العصور الظلامية في أوروبا أو عصر الإنحطاط العربي... يصفها الكاتب الفرنسي ''فولكيه'' بـ ''بلد المحظورات الثلاثة:


ـ المحظور الأول: لا تتكلم، ففي بلاد يتفشى فيها الضجر، تصبح الإشاعة المتنقلة الشاغل الرئيسي للجميع، ويصبح الصمت حماية ضد الوشاة المدنيين أو ''الدينيين'' المتبرعين، أو المكلفين والذين يترصدون وينقلون الأقوال.


ـ المحظور الثاني: لا ترَ، إن تضافر العادات السائدة والرغبة المنافقة في تجنب التعرض للأذى قد ولد في هذا البلد ضرباً من العمى لا مثيل له إلا في الأنظمة الديكتاتورية، وإن كان أكثر حدة بسبب ثراء هذا البلد.


ـ المحظور الثالث: لا تسمع، ففي خضم الثرثرات والتفاهات المتبادلة في واقع الحياة الإجتماعية في جدة والرياض قد يوصلك قول أو نقد إلى الهلاك!


تجنب الشخص الذي نقله إليك همساً، واعلم أن المستمع الجيد إنسان معرض للمخاطر دوماً! وبالمختصر المفيد ينصح الفرنسي ''فولكيه'' كل من يريد العيش في السعودية بالتالي: كن أعمى وأخرس وأطرش، وستكون رجلاً مهاباً أو محترماً في السعودية، وبوسعك أن تجمع ثروة طائلة !


ولكن قد يسأل فضولي أو حشري ما: ماذا عن السفراء الغربيين والكتاب والصحفيين ورجال المال والأعمال الأميركيين والأوروبيين الذين زاروا أو عاشوا لفترة قصيرة أو طويلة في المملكة...


لماذا لا يشيرون إلى انعدام أي مظهر للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في السعودية؟!


هذا السؤال ''غير الإفتراضي''... أكثر من جيد! ولدى الكاتب الفرنسي ''فولكيه'' الجواب الشافي عليه والذي ينقله على لسان جميع هؤلاء وبخاصة على لسان الحكومات الأجنبية التي ترسل وزرائها الشحاذين على امتداد السنة، فجميعهم يسخرون من احترام حقوق الإنسان ويقولون لك: تتحدثون عن هذه الحقوق هنا ؟ إن الكلمة النهائية حتى إشعار آخر هي للريال، إنه كالرمال يخفي ويتكتم على كل شيء.


فالولايات المتحدة قدمت حمايتها للسعودية منذ تأسيسها عام 1932، لكنها تحولت إلى محمية أميركية بموافقة الملك ''فهد'' بعد حرب الخليج [الفارسي الثانية]، ويُعبّر البعض عن وجهة النظر هذه بطريقة أكثر فجاجة عندما يقولون إن العلاقة بين البلدين تُشابه إلى حد بعيد نمط العلاقات التي تقيمها المافيا مع زبائنها، والتي تعتمد على مبدأ ''أنت تدفع وأنا أقوم بحمايتك''!


هذه هي السعودية الديكتاتورية الأكثر ظلامية في تاريخ البشرية تريد اليوم أن تصدر للشرق العربي الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان عبر الفكر الوهابي المدعوم بالمال والسلاح والإرهابيين !


ورغم أن هذا النظام هو الأكثر انتهاكاً لحقوق الانسان وقمعاً للمدنيين ومطالبهم المشروعة إلا أن الولايات المتحدة ومن يلف لفها وكذلك الأمم المتحدة وهيئاتها المسيسة لا تجد غضاضة في أن تتعامى عن ذلك كله ما دامت المملكة تنفذ أجندة الغرب وتسير في فلكه، وحتى إذا صرحت هذه الهيئات فإن هذه التعليقات لا تعدو كونها استهلاكاً لإنقاذ ما تبقى من ماء الوجه.‏‏


ورغم الصمت الدولي المطبق ولاسيما من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على انتهاكات النظام السعودي لحقوق مواطنيه، إلا أن ذلك لم يمنع بعض المنظمات والجمعيات المدنية المدافعة عن حقوق الإنسان من توجيه انتقادات وإن كانت خجولة لهذه الممارسات حيث اعتبر مرصد القاهرة لحقوق الإنسان في بيان له قبل أيام أن ''السعودية نجحت في أن تصبح في مصاف أعتى الديكتاتوريات المناهضة لحقوق الإنسان سواء من خلال الاستمرار في قمع حريات وحقوق مواطنيها داخل المملكة أو من خلال مساعداتها غير المحدودة للحكومات القمعية في المنطقة في محاولة لمنع وصول المد الديمقراطي إليها'' في حين انتقدت منظمة إيفكس ''الممارسات القمعية التي يقوم بها النظام السعودي ضد المظاهرات والمبادرات الإصلاحية الوطنية والمطالبة بالديمقراطية وإعلاء المبادئ الأساسية للحقوق والحريات''.


وكشف تقرير حقوقي صادر عن منظمة العفو الدولية أن أعداد المعتقلين السياسيين في السجون السعودية يصل إلى أكثر من ثلاثين ألفاً يتعرضون لظروف قاسية من التعذيب والانتهاكات هذا في حين أكدت الباحثة السعودية ''إلهام فخرو'' أن هناك نحو ثلاثة ملايين شخص من أصل ثمانية عشر مليون نسمة يعيشون في الفقر مضيفة: إن البؤس لا يقتصر على المناطق الريفية بل حتى في العاصمة الرياض فيما تبلغ نسبة العاطلين عن العمل عشرة بالمائة وفق الأرقام الرسمية و20 بالمائة وفق الأرقام غير الرسمية.‏


بالطبع تسقط إحصائيات هيئة حقوق الإنسان السعودية التي أنشأها نظام آل سعود أمام التقارير والإحصائيات التي تنشرها بين الحين والآخر منظمات وهيئات حقوقية سعودية مدنية كان آخرها الإحصائية التي نشرتها وكالة الجزيرة العربية التي أكدت وجود أكثر من 35 ألف معتقل على خلفية حرية التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير بينهم عدد كبير من الأطفال الذين يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب بحسب تقارير صادرة عن مركز العدالة لحقوق الإنسان السعودي.‏


بالطبع هذه الممارسات وغيرها من الممارسات التي لا تنم إلا عن نظام ديكتاتوري قمعي يمارس بحق شعبه شتى أنواع القهر والإذلال دفعت عشرات الآلاف من السعوديين إلى التفكير بالهجرة إلى خارج البلاد بحثاً عن الاستقرار وهروباً من المشاكل والظروف الاجتماعية المختلفة وهذا ما أكده الكتاب السنوي الصادر عن مكتب إحصاءات الهجرة التابع لوزارة الأمن الوطني الأميركية أن عدد السعوديين المتقدمين للحصول على قانونية وضع الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة بلغ نحو 11721 شخصاً حتى أيار الماضي.‏


إذن الإحصائيات التي نقدمها ونتحدث عنها هي مؤشر واضح على واقع مرير تعيشه بلاد نجد والحجاز بظل القمع الوحشي الذي تنتهجه سلطات آل سعود المعروفة بعدائها للعروبة منذ نشأتها المشبوهة في تلك البلاد المقدسة وعملها الدائم ضد المصالح العربية خدمة للدول الغربية وإسرائيل بطبيعة الحال.


فممارسات نظام آل سعود وانتهاكاته لحقوق الإنسان ليست حديثة العهد وإنما كانت تمارس بشكل دائم ومتكرر منذ عشرات السنين بحسب مرصد القاهرة الذي أكد أن هذه الانتهاكات شهدت مؤخراً تصاعداً واضحاً حيث تمارس السلطات السعودية ضغوطاً أكثر شراسة على المدافعين الحقوقيين لمنعهم من رصد انتهاكات حرية الرأي والتعبير والتظاهر مطالباً برفع القيود التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان في المملكة والكف عن ممارسة أي شكل من أشكال الترهيب والإفراج عن المعتقلين.
ويستغل نظام آل سعود صمت المنظمات الدولية ذات الاختصاص بحقوق الإنسان لتصعيد حملاته القمعية ضد مواطنيه، الأمر الذي يؤكد مرة أخرى أن هذه المنظمات قد تحولت بالفعل إلى أداة سياسية بيد دول الغرب الاستعماري، تستخدمها متى تشاء ضد الدول الرافضة لهيمنة الولايات المتحدة التي تتشدق بالحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير، ما دفع العديد من المفكرين والكتاب الغربيين إلى السخرية من السياسة الأميركية المفضوحة، حيث يقول الكاتب الأميركي ''ستيفن ليندمان''، ''إن الولايات المتحدة تدعم النظام السعودي الذي يعد أشد الأنظمة قمعية في العالم لأن لديها هوساً بالتحكم بالمنطقة التي يوجد فيها ثلثا مخزون العالم المثبت من النفط وكميات كبيرة من الغاز... وإن تحالف السعودية مع واشنطن هو شراكة تعزز الفوضى الإمبريالية بتمويل من الحكومة السعودية التي تملك أموالا طائلة''.
والمتابع لما يحدث في السعودية من حركات احتجاجية وتظاهرات سلمية تنديداً بالظلم والاضطهاد الذي يقع على الشعب في المملكة، تتزاحم في ذاكرته عشرات الأسئلة، ربما يكون أهمها، كيف لدولة يحكمها آل سعود أن تنصب نفسها حامية لحقوق الإنسان في دول أخرى، وحقوق إنسانها ضائعة في ملفات الفساد الملكي والأميري من أكبر رأس حتى إلى من هم في المهد. إذاً فأولئك غارقون في الذنوب والخطايا ولم يصلحوا أنفسهم حتى يدعون لإصلاح غيرهم، فيما لو افترضنا أن الطرف الآخر بحاجة للنصح والإرشاد، فكيف إذا كان المستهدف بنصحهم لا حاجة له بما تنضح أوانيهم الملأى بالأحقاد والضغائن.‏



فحكام آل سعود ومن خلال الاعتماد على عصابات المجموعات الوهابية وإطلاق يدهم في قمع الشعب السعودي، وكمّ أفواه المواطنين ومنعهم من المطالبة بحقوقهم، حتى باتت أقبية زنزانات حكام آل سعود ملأى بمعتقلي الرأي وطالبي الحريات.‏ فحالة الاهتراء والتعفن الداخلي التي وصلت إليها مملكة آل سعود جراء ظلمهم وقهرهم للمواطن وحرمانه من أبسط حقوق الإنسان... دفعت بالطغمة الحاكمة إلى دعم الحركات الأصولية التكفيرية هنا وهناك... محاولة إشعال نيران الاقتتال الداخلي في العديد من الدول العربية، ظناً منها أنها بذلك ستكون بمنأى عن انتفاضة شعبية حقيقية تهز كراسي الظلم في قصور المجون.‏


وفي المحصلة يرى مراقبون أن الأنباء المتواترة حول التطورات الجارية في السعودية، تؤكد أن النظام السعودي الأوليغارشي الذي عطل أي إمكانية لظهور قوانين أو دساتير تنظم حقوق المواطنة والإنسان أصبح مهدداً في استمراريته جراء الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة الرافضة لتحويل الشعب السعودي إلى عبيد لدى العائلة المالكة التي بقيت حتى وقت قريب تنعت الغرب بالكافر لأنه يدعم أعداء الإسلام قبل أن تعلن دعمها للإرهاب وتخليها عن القضية المركزية للعرب والمتمثلة بالقضية الفلسطينية إرضاء للغرب المتآمر على المنطقة والإسلام المعتدل مقابل البقاء في الحكم.


في السعودية اليوم، تتهاوى الهيبة المعنوية والأخلاقية لنظام آل سعود الحاكم كما يظهر من التجاذب المفتوح بين النظام والقوى السياسية والاجتماعية. لدى غالبية سكّان المملكة قناعة راسخة بأن العائلة المالكة فاسدة مالياً وأخلاقياً، وغير جديرة بأن تحظى بالتقدير. واليوم فإن الشعب الذي يطالب بالحرية والعدل والمساواة، خرج من القمقم الذي وضعه فيه آل سعود، ويبدو واضحاً أن انفجار موجة التذمر والسخط التي نضجت ظروفها داخل البلاد جراء القمع الشديد للسلطات ضد المحتجين والمتظاهرين في أكثر من منطقة ومنها التي تشهد أحداثاً مأساوية بسبب القمع السلطوي، فالناس خرجوا يطالبون بحقوقهم جراء تفشي الفساد وغياب العدالة والاعتقالات الجماعية، وازدياد عدد المعتقلين السياسيين.‏


اليوم، تمرّ الهيبة الأمنية للنظام باختبار حاسم، بعد أن عقمت (ثقافة الخوف) عن أن تلد جيلاً من المذعورين، رغم أن الإمبراطورية الإعلامية السعودية تحوّلت الى ما يشبه جهازاً أمنياً وأداة تخويف محض، كما تنبئ عن ذلك مقالات الكتّاب والصحافيين والتقارير التلفزيونية. فقد أصبحت الرقابة على وسائل الإعلام الشريفة والإعلاميين الشرفاء شديدة ودقيقة، بل وعنيفة أحياناً. وبات الصحفي الناجح في مملكة آل سعود الوهابية هو الصحفي المتملق للحاكم وحاشيته وأدوات قمعه، والذي يبني في عقله ووجدانه ومخيلته أكثر من مصفاة افتراضية كي يضمن عدم تسرب كلمة واحدة من قلمه إلى بياض الورقة أو من فمه إلى المايكروفون، قد تثير شبهة أولي الأمر تجاهه.


وقد بلغت درجة التدجين والإذعان وانعدام المبادرة والعبودية الذهنية حداً في لا وعي الإعلامي السعودي، أن يقدس كل ما يتفوّه به أميره أو ''وليّ نعمته'' ناهيك عن مليكه، حتى ولو كان حماقة عابرة، فيسارع إلى تسويقها وتحليلها ممتدحاً مبجّلاً. فقد أصبح الإعلام في السعودية هو الدولة، يعمل على النقيض من رسالته، فلم يعد كشف الحقيقة وظيفة له، بل عكسها تماماً...


إن آل سعود الذين يعملون في خدمة المصالح الأميركية ويقفون ضد مصالح شعبهم وأمتهم العربية، يخشون من اتساع موجة الاحتجاجات في أنحاء البلاد، وهو ما يحصل فعلاً، مبشراً بقرب نهايتهم، وبخاصة أن واشنطن تسعى لتقسيم المملكة وإحكام سيطرتها على النفط وبسط هيمنتها، كما يؤكد خبير روسي فإن أفعال آل سعود المشينة ضد شعبهم سيقود حتماً إلى تقريب نهايتهم.‏