الديكتاتورية المحمية
هل من وجود لديكتاتورية في
القرن الواحد والعشرين لاتزال محمية من أكبر قوة "ديمقراطية" في العالم
تزعم انها مع "الربيع العربي"؟
نعم .. انها مملكة الظلام
النجدية ( السعودية..!) !
ولو وصفنا ديكتاتورية آل سعود
بأنها من أكثر الديكتاتوريات ظلامية على سطح الأرض .. لقذفنا جميع "مثقفي
وكتاب وصحفيي إعلام عرب إسرائيل" ـ وما أكثرهم هذه الأيام ـ بشتى أنواع التهم
ولأطلقوا بحقنا كل مايخطر على البال من عبارات القدح والذمّ !
أما إذا أكدنا أن السعودية هي
ليست أكثر الديكتاوريات ظلامية في التاريخ البشري فقط ، وإنما هي تتمتع أيضا
بحماية "مطلقة" من الولايات المتحدة الأمريكية .. لهاجمنا كل من هب ودب
من الذين ينعمون بخيرات الريال على مدى العقود الماضية ولوصفونا بأننا لسنا سوى
"عملاء" لإيران أو حزب الله!
ومن سوء حظنا أننا لسنا في عداد
من وصف السعودية بالظلامية والديكتاتورية علانية ..
وفي الواقع أن هذا الوصف الرائع
: "السعودية الديكتاتورية المحمية" .. ليس من ابتكارنا ،
!
باختصار .. "السعودية
الديكتاتورية المحمية" هو عنوان الكتاب الذي أصدره الفرنسي جان ميشال فولكيه
عام عن دار ميدويست للنشر بباريس .
والكتاب هو خلاصة ميدانية عاشها
الكاتب على مدى عدة سنوات متنقلا بين الرياض وجدة ، وهو يروي بصفته "شاهد
عيان" حقيقي ـ لاكشهود عيان الجزيرة والعربية ـ "كيف تُنتهك حقوق
الإنسان في مملكة آل سعود ، وكيف تُحرم المرأة من حقوقها باسم إسلام يُحرّف عن
تعاليمه ومقاصده" .
ويكشف فولكيه للعالم الغربي ـ
وليس العربي ـ إستحالة أن تجتمع الديمقراطية وحقوق الإنسان مع النفط في الشرق ،
مؤكداً أن السعودية نموذج صارخ لهذا التناقض ، حيث استطاعت عائلة واحدة ـ وبمساعدة
الولايات المتحدة ـ أن تمتلك بلدا بكامله أصبح يحمل أسمها ، وأن تحافظ بالقوة على
ديكتاتورية من أكثر الديكتاتوريات ظلامية على سطح الأرض !
وفي هذه المملكة الفريدة من
نوعها في التاريخ ، والتي ليس من مملكة تشبهها حتى في العصور الظلامية في أوروبا
أوعصر الإنحطاط العربي .. يصفها الكاتب الفرنسي فولكيه بـ "بلد المحظورات
الثلاثة" :
ـ المحظور الأول : لاتتكلم ..
ففي بلاد يتفشى فيها الضجر تصبح الإشاعة المتنقلة الشاغل الرئيسي للجميع ، ويصبح
الصمت حماية ضد الوشاة المدنيين أو "الدينيين" المتبرعين ، أو المكلفين
والذين يترصدون وينقلون الأقوال .
ـ المحظور الثاني : لاترَ .. إن
تضافر العادات السائدة والرغبة المنافقة في تجنب التعرض للأذى قد ولّد في هذا
البلد ضربا من العمى لامثيل له إلا في الأنظمة الديكتاتورية وإن كان أكثر حدة بسبب
ثراء هذا البلد .
ـ المحظور الثالث : لاتسمع ..
ففي خضم الثرثرات والتفاهات المتبادلة في واقع الحياة الإجتماعية في جدة والرياض
قد يوصلك قول أو نقد إلى .. الهلاك !
تجنب الشخص الذي نقله إليك همسا
واعلم أن المستمع الجيد إنسان معرض للمخاطر دوما !
وبالمختصر المفيد ينصح الفرنسي
فولكيه كل من يريد العيش في السعودية بالتالي : كن أعمى وأخرس وأطرش .. وستكون
رجلا مهابا أو محترما في العربية السعودية وبوسعك أن تجمع ثروة طائلة !
ولكن قد يسأل فضولي أو حشري ما
: ماذا عن السفراء الغربيين والكتاب والصحفيين ورجال المال والأعمال الأمريكيين
والأوروبيين الذين زاروا أو عاشوا لفترة قصيرة أو طويلة في المملكة .. لماذا
لايشيرون إلى انعدام أي مظهر للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في السعودية ؟
هذا السؤال "غير
الإفتراضي" .. أكثر من جيد!
ولدى الكاتب الفرنسي فولكيه
الجواب الشافي عليه والذي ينقله على لسان جميع هؤلاء وبخاصة على لسان الحكومات
الأجنبية التي ترسل وزرائها الشحاذين على امتداد السنة .. فجميعهم يسخرون من
احترام حقوق الإنسان ويقولون لك : تتحدثون عن هذه الحقوق هنا ؟ ان الكلمة النهائية
حتى إشعار أخر هي للريال ، انه كالرمال يخفي ويتكتم على كل شيىء !
باختصار .. قدمت الولايات
المتحدة حمايتها للسعودية منذ تأسيسها عام 1932 لكنها تحولت إلى محمية اميركية
بموافقة الملك فهد بعد حرب الخليج ، ويُعبّر البعض عن وجهة النظر هذه بطريقة أكثر
فجاجة عندما يقولون ان العلاقة بين البلدين تُشابه إلى حد بعيد نمط العلاقات التي
تقيمها المافيا مع زبائنها ، والتي تعتمد على مبدأ "أنت تدفع وأنا اقوم
بحمايتك" !!
هذه هي السعودية الديكتاتورية
الأكثر ظلامية في تاريخ البشرية تريد اليوم أن تصدر للشرق العربي الحرية
والديمقراطية وحقوق الإنسان عبر الفكر الوهابي المدعوم بالمال والسلاح ..
والإرهابيين !