Pages


آداب المتعلم
 وَهَذِهِ وَصِيَّتِي يَا إِخْوَتِي

 لاَ أَبْتَغِي مِنْهَا ثِيَابَ الشُّهْرَةِ

 قِلاَدَةٌ مِنْ أَحْسَنِ الأَفْكَارِ

 نَظَمْتُهَا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ

 أَرْجُو بِهَا رِضْوَانَهُ يَوْمَ اللِّقَا

 لَعَلَّهُ لِرَقْبَتِي أَنْ يَعْتِقَا

 حَسْبِي دُعاءٌ مِنْ أَخٍ بِالْغَيْبِ

 إِنَّ الدُّعَا مُحَبَّبٌ لِلْقَلْبِ

 أَقُولُ قَوْلَ الْحَقِّ لِلإِخْوَانِ

 فَلْيَفْقَهُوا رَوَائِعَ التِّبْيَانِ

 مُرُوِّجًا لِلْعِلْمِ وَالتَّبْصِيرِ

 وَدَاعِيًا لِلْفِكْرِ وَالتَّنْوِيرِ

 الْفَضْلُ كُلُّ الْفَضْلِ لِلأُسْتَاذِ

 ذَاكَ الَّذِي فِي قُوَّةِ الْفُولاَذِ

 قَدْ عَلَّمَ الْعُلُومَ لِلأَجْيَالِ

 وَقَدَّمَ الآدَابَ لِلأَقْيَالِ

 فَانْتَفَعَتْ مِنْ فَضْلِهِ الأَمْوَاتُ

 وَاسْتَغْفَرَتْ لِذَنْبِهِ النَّمْلاَتُ

 فَلْتَحْتَرِمْهُ دَائِمًا مِثْلَ الأَبِ

 وَلاَ تُرَاوِغْ حَوْلَهُ كَالثَّعْلَبِ

 وَإِنْ قَسَا فِي دَرْسِهِ أَحْيَانَا

 لَكِنَّهُ فِي قَلْبِهِ يَهْوَانَا

 وَلْتَحْتَفِلْ بِوَجْهِهِ عِنْدَ اللِّقَا

 وَلاَ تَكُنْ فِي هَجْرِهِ أَهْلَ الشَّقَا

 وَاحْذَرْ بِأنْ يَلْقَاكَ بَيْنَ الحِينِ

 وَالْحِينِ فِي لَهْوٍ وَفِي تَدْخِينِ

 فَإِنَّهُ يُوَرِّثُ الأَسْقَامَا

 وَيَقْتُلُ الرِّعْدِيدَ وَالضِّرْغَامَا

 وَلاَتَكُنْ عَنْ شَرْحِهَ مَشْغُولاَ

 وَلْتَنْتَبِهْ وَلاَ تَرُمْ تَحْوِيلاَ

 وَلاَ تَكُنْ فِي الْفَصْلِ كَالضِّرْغَامِ

 مِنْ غَيْرِ قِرْطَاسٍ وَلاَ أَقْلاَمِ

 وَاحْذَرْ أَخِي مِنْ هَاتِفٍ نَقَّالِ

 مُسَبِّبٍ فِي الْفَصْلِ شَغْلَ البَالِ

 وَلاَ تُكَلِّمْ صَاحِبًا فِي الْفَصْلِ

 فَإِنَّهُ لَمُورِثٌ لِلْجَهْلِ

 وَلاَ تُؤَخِّرْ حَلَّ بَعْضِ الْوَاجِبِ

 وَاطْلُبْ إِذَا مَا شِئْتَ عَوْنَ الصَّاحِبِ

 وَاحْذَرْ أَخِي مَغَبَّةَ التَّأخِيرِ

 فَإِنَّهُ مَظِنَّةُ التَّنْفِيرِ

 وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْعِلْمَ زَيْنٌ لِلْوَرَى

 هَيْهَاتَ أَنْ يَمْشِي فَتَاهُ القَهْقَرَى

 فَكُنْ عَلَى الْوُضُوءِ وَالإِخْلاَصِ

 وَلْتَجْتَنِبْ فِي عَيْشِكَ الْمَعَاصِي

 فَإِنَّهَا تُسَبِّبُ النِّسْيَانَا

 كَمَا رَوَى عَنْ شَيْخِهِ مَوْلاَنَا

 أَعْنِي بِهِ ذَاكَ الإِمَامَ الشَّافِعِي

 لَمَّا شَكَا إِلَى وَكِيعِ الأَلْمَعِي

 مِنْ سُوءِ حِفْظٍ لِلْفَتَى النِّحْرِيرِ

 فَقَالَ ذَا دَلاَلَةُ التَّقْصِيرِ

 الْعِلْمُ نُورٌ مِنْ لَدُنْ رَبِّ السَّمَا

 هَيْهَاتَ أَنْ يَحْظَى بِهِ أَهْلُ الْعَمَى

 * * *

آداب المعلم

 أَقُولُ لِلْمُعَلِّمِ الْمَحْبُوبِ

 عَلَيْكَ بِالتَّرْغَيبِ وَالتَّرْهِيبِ

 وَلاَ تَكُنْ صُلْبًا عَلَى الطُّلاَّبِ

 وَاحْذَرْ أَخِي مِنْ كَثْرَةِ التِّغْيَابِ

 وَقَسِّمِ الدَّرْسَ عَلَى الأُسْبُوعِ

 وَاحْذَرْ مِنَ التَّأْخِيرِ وَالتَّضْيِيعِ

 وَلاَ تُحَدِّثْهُمْ عَنِ الأَوْلاَدِ

 وَالأَهْلِ وَالأَشْغَالِ وَالأَحْفَادِ

 وَاهْجُرْ هُمُومَ الْعَيْشِ وَالْمَأْكُولِ

 وَلاَ تَكُنْ كَالْحَاضِرِ الْمَشْغُولِ

 وَلاَ تَسَلْ عِنْ مِهْنَةِ الآبَاءِ

 وَاحْذَرْ أَخِي تَتَبُّعَ الأَهْوَاءِ

 وَلْتَبْتَعِدْ عَنْ مَقْعَدِ الطُّلاَّبِ

 وَاحْذَرْ مِنَ الْعُطَاسِ وَالأَلْعَابِ

 وَلاَ تَكُنْ فِي سُرْعَةِ الْكَلاَمِ

 فَرَاشَةً فَرَّتْ مِنَ الظَّلاَمِ

 وَلاَ تُهَدِّدْ طَالِبًا مُكْسِّلا

 فَقَدْ يَكُونُ مُتْعَبًا مُهَلْهَلا

 وَابْحَثْ أَخِي مَشَاكِلَ الطُّلاَّبِ

 لِكَي تُزِيلَ أَصْعَبَ الأَسْبَابِ

 وَلاَ تُفَضِّلْ بَعْضَهُمْ عَنْ عَمْدِ

 فَإِنَّهُ لَمُورِثٌ لِلْحِقْدِ

 أَبْنَاؤُنَا جَمِيعُهُمْ سَوَاءُ

 وَمَا لَنَا مِنْ بَيْنِهِمْ أَعْدَاءُ

 نَرْجُو لَهُمْ سَعَادَةَ الأَيَّامِ

 فِي عَالَمٍ يَمُوجُ بِالآلاَمِ

 وَأَحْسَنُ التَّقْوِيمِ لِلطُّلاَّبِ

 بِالرِّفْقِ لاَ بِالعُنْفِ وَالإِرْهَابِ

 فَثُلَّةٌ رَائِعَةُ الإِنْجَازِ

 تَفُوزُ بِالنَّجَاحِ بِامْتِيَازِ

 جَدِيرَةٌ بِالْمَجْدِ وَالْعَلْيَاءِ

 تَجِدُّ وَقْتَ البَرْدِ وَالرَّمْضَاءِ

 وَجُلُّهُمْ فِي الْغَالِبِ الْمَعْمُولِ

 مِنْ جَيِّدٍ جِدًّا إِلَى مَقْبُولِ

 وَبَعْضُهُمْ لاَ بدَّ مِنْ أَنْ يَرْسُبُوا

 لأَنَّهُمْ لَمْ يَبْذُلُوا أَوْ يَحْسِبُوا

 فَإِنْ أَعَادُوا رُبَّمَا اسْتَفَادُوا

 إِنَّ الْحَيَاةَ كُلُّهَا جِهَادُ

 وَالْخَيْرُ فِيهِمْ كُلُّهُمْ شُبَّانُ

 بِسَعْيِهِمْ تَفْتَخِرُ الأَوْطَانُ

 وَيَنْبَغِي أَنْ نَدْعُوَ الأُسْتَاذَ

 لأَنْ يَكُونَ الْحِصْنَ وَالْمَلاَذَا

 لِيَجْذِبَ الطُّلاَّبَ بِانْتِبَاهِ

 مُرَغِّبًا بِرَحْمَةٍ للهِ

 فِي مَظْهَرٍ مُمَيَّزٍ مَقْبُولِ

 لأَنَّهُ نِبْرَاسُ هَذَا الْجِيلِ

 * * *

المنهج التعليمي

 يَخْتَارُ لِلْمِنْهَاجِ حُسْنَ الْمَرْجِعِ

 فَلَيْسَ كُلُّ كَاتِبٍ كَالأَصْمَعِي

 مِنْ مَنْهَجٍ قَدْ جَمَعَ التَّجْدِيدَ

 وَالْفِكْرَ وَالإِبْدَاعَ وَالتَّرْشِيدَ

 حَذَارِ مِنْ جَهْلٍ بِعِلْمِ الْحَاسِبِ

 أَوْ سَيْبَرٍ وَبِيئَةٍ لِلْغَائِبِ

 وَكُنْ عَلَى مَعْرِفَةِ الإِبْدَاعِ

 فِي هِمَّةٍ كَاللَّيْثِ والأَوْزَاعِي

 مُسْتَخْدِمًا تِقْنِيَةَ التَّعْلِيمِ

 مُسْتَرْفِدًا مِنْ دَوْحَةِ الْقَدِيمِ

 تُرَاثُنَا فَخْرٌ لَنَا بَيْنَ الْوَرَى

 وَلاَ يُبَاعُ مِثْلُهُ أَوْ يُشْتَرَى

 وَالْبَحْثُ يَعْنِي زُبْدَةَ الأَفْكَارِ

 مِثْلُ الرَّحِيقِ صَفْوَةِ الأَزْهَارِ

 وَاحْرِصْ عَلَى التَّوْفِيقِ فِي الْفُهُومِ

 وَلْتَسْتَفِدْ مِنْ سَائِرِ الْعُلُومِ

 وَاسْتَخْدِمَنَّ الْوَصْفَ وَالتَّحْلِيلاَ

 وَاسْتَقْرِئَنْ وَجَرِّبَنْ طَوِيلا

 وَلْتَفْتَرِضْ بِالْوَهْمِ وَالظُّنُونِ

 فَرُبَّ شَكٍّ قَادَ لِلْيَقِينِ

 وَشَرْطُهُ أَلْعَدْلُ وَالإِنْصَافُ

 وَالعُمْقُ وَالتَّركِيزُ لاَ الإِسْفَافُ

 فَكَمْ بُحُوثٍ فَضْلُهَا كَالْمَاسِ

 وَبَعْضُهَا فِي الشَّرِّ كَالْوَسْوَاسِ

 * * *