Pages


 صنعآ المدينة الحلم, مدينة تمتلك سحراً لا يقاوم



 تأسرني صنعآ  فتدخل القلب وتسكن فيه, تشارك معشوقاتي الأربعة سكن القلب, فتأخذ حيزها بجوار مدن عشت فيها, فهي الحب والحلم, أقول دوماً لأصدقائي وأبنائي: اليمن كانت وستبقى قلب الأمة وتاريخها, عبق الحضارة والتاريخ!

 حين كنت امشي متأملاً جمال شوارعا , التقط بعض من صور الجمال, كانت روحي تحلق, كنت أرى فيه وجه طيفي الجميل يفرد شلال شعره فيه, كانت روحي تستمع لعزف التاريخ الذي مر من هنا, يعزف أنغامه على المزمار!> يغني....................... !

 التجوال في شوارع صنعآ القديمة له نكهة خاصة لمن لا يعرفها ويلتقيها لأول مرة, فأخترت باب شعوب ليكون نقطة البداية, في تجوالي في المدينة سيرا على الأقدام, لمعايشة المدينة ومعرفتها بعد غياب طال اكثر من 35 سنة, للتحليق بما تحمله المباني من علائم عبق تاريخها وحكاياتها, فأقف اتأمل المباني وفن المعمار ,أشعر بجدرانها , نوافذها الجميلة التصميم والابداع, شرفاتها تهمس لي بحكايا وقصص كانت شاهدة عليها, فالجمال في المكان هو أن يروي لي الحكاية, أحادثه وأهمس له ويهمس لي, وأعبر عن همسنا برسمه بالكلمات لذا حين تجولت في كل شوارعها!

 وحين تجولت سيراً على الأقدام في اسواقها القديمة، لم أشعر بالتعب أبداً, كنت أجلس في الأركان والدروب, أخرج عدسة التصوير والتقط بعضاً من الصور, أسجل في دفتري بعض من مشاعر الجمال, فهي صنعآ وسحرها و عبق التاريخ  يحمل في أنفاسه الحبو العشق والجمال.

 بعد أن تجولت في شوارع صنعآ القديمة, ذهبت لزيارة المتحف  الوطني والحربي وفي ساحته كنت أعانق اسلحة شاركت في ثورة المجد والخلاص من حكم عصابة بيت حميد الدين العنصرية المقيتة!
وبعض من آليات ومدافع, فأعادتني إلى لحظة من لحظات المجد المعاصر القليلة, فعادت بي الذاكرة للبطولة والتضحية التي أثبتت قدرة الثوار ! وتذكرت و ترحمت على الشهداء جميعاً, فهم كانوا وسيبقون أكرم منا جميعاً, واتأمل المدافع القديمة فأرى فيها إشراقة تاريخ وذكرى أجداد قاتلوا وناضلوا, وأسمع المدافع في صمتها تصرخ ألماً على صمت المدافع من أحفادها, والأوطان تغتصب والقدس تأن الماً, والمدافع صامتة وشعوب تذبح!

 أجول المتحف الحربي الذي تروي كل زاوية فيه قصة وحكاية وتاريخ, فيتمازج الألم مع الفرح, والماضي مع واقع مؤلم, والحلم مع المستقبل, فنغادر المتحف بعد جولة طويلة لنعانق آثار مسجد القبة,فأشعر بكل حجر من الحجارة, بكل زخرفة بقيت, بالمآذن والمنابر, تروي الحكاية من جديد, تحلم بالآتي والحلم, ليحضننا مسجد صنعآ الكبير’ فأصلي تحية المسجد كما اعتدت في كل مسجد يضمني في رحابه, فأجول بين الباحة والمسجد أستمع لحكايات التاريخ وروايته, لهمس الأجداد وألمهم على ما وصلنا إليه من حال, ومن ساحة خلف المسجد تعانق روحي شوارع صنعآ! لنخرج باتجاه صنعآ الجديدة!

 صباح يوم كان معبق بسحر صنعآ زهرة المدائن, تغير منها بغداد ودمشق وعمّان والقاهرة و......!
**************************************************