Pages

لا تآتي يا عيد!

بمجيئك ستؤجج الحسرات، وتحرك لواعج النفس، وتؤلب علينا الحنين...

ياعيداً سرُّ مجيئك "الفرحة" تمنحها أو تستمدها، وسر الفرحة الطفولة، والطفولة اليوم مقتولة...فبماذا تأتي، ولماذا تأتي؟!

لطالما اعتقدت أنك يومٌ رمز من أيام الدهر فلا أنت خارج قيود الزمان، ولا أنت خارج نظام الكون وسيرورته، ولا فيك تتحق الأمنيات، ولا بك تتقارب الآمال...

إننا نحن من نمنحك الجمال، نحن من نوفّر أفراح العام كله لكي ننفقها في ساعاتك المحدودة، لكأننا نهبك كل جميل وكل بهي وكل ممتع فنجعلك متربعا على عرش السعادة ثم نزهو بك، ونطوف حولك معتقدين أنك أنت الجميل بذاتك، متجاهلين أننا صانعو جمالك وسعادتك...

وانطلاقا من هذه الحقيقة التي كثيرا ما نغضُّ الطرف عنها ولا نواجهها لكي نعيشك فنحقق لأنفسنا سويعات فرح احتفالي هي سويعات وَهم أكثر منها سويعات حقيقة، ولأن شيئاً طفولياً في هذا النهج الذي واظبنا السير عليه، كان الأطفال أكثر السعداء بك، وأكثر الحالمين بك، وأكثر المترقبين لحضورك، وأكثر من يُعمل لمجيئك الخيال، فتجدهم يؤجلون كل شيء إلى حين يومك، لكأنك لهم، أو لكأنهم لك !!

ومابهجتنا بك إلاّ لأننا نرى فيك بهجة أطفالنا، إنها تلك البهجة التي ينعكس لطفها على سويعاتك فتضفي إليها الرونق البهيّ الذي يجعلنا نهيم بك...

وإن كنت، ياعيد هذا العام، ستخطف لجمالك من جمال حسناواتنا، فقد انكفأ الحسن عن وجوههن وذوى في قلوبهن، شحبت الوجوه فمن عذراء مغتصبة، إلى زوجة ثكلى، إلى أم مكروبة، إلى مشردة حزينة تائهة...تجد أن الموت ليس الأسوأ دائما بل هناك ماهو أشد وطأة على نفوسنا وقلوبنا...

وإن كنت تأمل بأن تنهل الحب والصفاء من قلوب رجال صفا لها الزمان فتواثبت نبضاتها امتلاءاً بصفاء تلك الأرض المحبة الحنونة المعطاءة الثرية...فاعلم أنك لن تجد أكثر من بقايا نبض، بالكاد يحفظ الرمق، فقد غادرت القلوب النابضة الديار غادرت الدار لتسكن الجبال والوديان والثغور، تَردُّ بما استطاعت بعض اعتداء على حريتها وكرامتها وشرفها وعرضها...يدافعون عن وطن حَوَّله المجرمون إلى مأساة، لأنهم لا يريدون له أن يكون وطناً يعانق الحرية، يريدون فصله عن حضارته وتاريخه وعراقته...

لكل زمن وجه يعطيه لك أيها العيد...ولكل وقت شعور يمنحه لك و معنى...وعندنا اليوم وجه لا ككل الوجوه، ومعنى ليس ككل المعاني...فتوقع إن أتيت أنك لن تكون عيداً ككل أعياد الزمان...
عيدك يا وطني!
******************



>لا عيد إلا أنت أيها الوطن.. ها نحن نستيقظ كما في كل يوم على حبك.. تزدان جباهنا بأكاليل الإشتياق إليك.. ترفرف أرواحنا عشقا في فضاءاتك.. تهيم إحساساتنا في مغانيك نشوانة.. فسلام عليك أيها الوطن الذي افتديناه بكل غال ونفيس.. سلام على كل نسمة تنفحها بياراتك الغناء.. سلام على كل ذرة تراب من ترابك المقدس.. سلام على أزاهيرك.. على أطيارك.. على ربوعك ..على جبالك.. سلام عليك فأنت هو العيد.. أنت هو العيد.. ولا عيد لنا إلا أنت يا وطني!.

>لا عيد إلا أنت أيها الوطن الساكن في العيون, المحفور على شغاف القلوب. أنت الحب ولا حب إلا أنت. ذرات ترابك.. أنسامك.. صيفك شتاؤك.. ربيعك خريفك.. أطيارك أزاهيرك.. لياليك نهاراتك ملحمة عشق لعشاقك.. بلسم لجراحات الغربة .. عيد يلون فضاءاتك أعيادا وأكاليل غار!.

>لا عيد إلا أنت أيها الوطن الساكن في وجدان إنسانك.. والمسكون فيك هذا الإنسان. مازال عشاقك يدخلون محرابك أفواجا أفواجا يرتلون لك أنشودة الحرية. هاماتهم ترنو إلى السماء بكبرياء. تتوج جبين زمانك بغار التمرد. تملأ الكؤوس أنخاب انتصار. تقيم أعراسا لعيد حريتك الموعودة به الأجيال. يومها تسترجع الأعياد لونها المضمخ بالحرية, المتفيء ظلال المجد والفخار!.

>لا عيد إلا أنت يا وطن المعذبين المعدمين الكرام.. ما لامست جباهم الأرض إلا لله الجبار. لم يلقوا عصا الغربة إلا منك إليك.. لم يسأموا المشوار على جناحيك يحلقون إلى العلى. فسلام عليك في كل صباح عيد. سلام على أحضانك من رحمها يولد العيد في أعين أطفالك الحالمين بغد أخضر الرؤى. سلام على جراحاتك تزهر أعيادا تضيء ظلمات ليالي الإغتراب ليطلع نهار في قلوب عاشقيك لا تغيب عنه شمس الحرية والتحرر!.
لا عيد إلا أنت أيها الوطن.. كيف أناجيك هذا الصباح، بأية لغة أقف في محرابك, أمد يدي مصافحا, لاثما جبينك الوضاء، مقبلا يديك الطاهرتين. بأي إحساس غير الأسى واللوعة. أنت ما زلت أسيرا في الأصفاد. تهوي عليك سياط عصابات العملاء آناء الليل وأطراف النهار. تنهش ترابك المقدس. تشن حربا وتنهب الثروات . لكنك يا وطني لم يقهرك القهر. ولا نالت من عزيمتك الصعاب!.

>لا عيد إلا أنت أيها الوطن.. واحد أنت وحيد موحد حاشاك أن تكون اثنين. أنت لا تقبل القسمة. القسمة لعنة حاشاك أن تحل بك هذه اللعنة. القسمة شرك بك يأباه المنتمون إليك حقا. القسمة فتنة يطفىء نيرانها المؤمنون بك على طريق الخلاص.. الساهرون في ليالي الإغتراب انتظارا لفجر العودة إلى أحضانك الطاهرات!.
********************************************************