Pages

ربّ ضارة نافعة
داعش!

الخير فيما وقع. ربّ ضارة نافعة.قضاء الله وقدره. وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم . عند الامتحان يكرم المرء او يهان. الظالم سيفي انتقم به وانتقم منه. اللهم اشغل الظالمين بالظالمين

هذه بعض الأمثال والحكم قالها الأوائل والحكماء لم نصدقها او مررنا منها مرور الكرام ولم نفهم منها كثيرا الا انها والله خير أقوال وحكم خاصة ما نطق بها الأعظم ذات القدسية

 عندما ظهرت وترعرعت وانتشرت الجماعات الإرهابية وصل بنا الاعتراض على عدالة الله الى حد الكفر والطغيان و تساءلنا لماذا كل هذا الظلم البشري ولا عدالة من الله للانتقام من تلك الجماعات وهل ان صبر الله الى حد يرضى به إسالة دماء الأبرياء انهارا و بحارا دون رادع ولا انتقام

اليوم توصلنا الى هذا اليقين من ان عدالة الله لا شك بها ولا ريب عليها لانه أراد ربما إثبات لنا ان جميع الظلم في العالم مصدره البشر اذا كانوا بشرا حقا

ان الجماعات الإرهابية ولاسيما داعش ومن خلال سلوكيتها أثبتت لدى الجميع مدى ظلم الإنسان بالإنسان ومدى هشاشة الأفكار والمبادئ التي كنا نتصورها انها منار للبشرية ومصدر خير الدنيا وحصاد الآخرة

وعليه نقولها بالفم المليان شكرا للجماعات الإرهابية والعصابات التكفيرية ولاسيما داعش على إنارتها لنا طريق الحق من الباطل ومعرفتنا من جديد بالأديان والشرائع ومن  هذه الأديان والمذاهب والأفكار على باطل وفساد ومن منها على حق وصواب 

شكرا لداعش انها كشفت لنا ان ليس الدين بقصّر الدشداشة او إطالة اللحى لان قصر الدشداشة للكشف عن العورة والمشاركة في الجهاد  الليلي (النكاح) و ان ألف شيطان مختبئ وراء كل شعره من هذه اللحى وان هؤلاء أخبث البشر وأكثرهم فتكا للإنسانية وترويجا للفساد والحقد والكراهية

شكرا لداعش انها فتحت عيوننا وأنارت قلوبنا والكثير منا من ان الأفعال المشينة التي كانت تطبق باسم الشريعة الدين بريء منها الله ورسله والشرائع السماوية مثل جز الرؤوس وقطع الإطراف وضرب الأعناق بالسيوف ونحر الرقاب بالخناجر واكل أفئدة وأكباد البشر لا تمت بصلة للدين ولا أي شريعة مقبولة ومعترف بها وان الكثير من الدول التي تتشدق بالإسلام وكانت تطبق مثل هذه الأفعال والإجراءات غير الانسانية وتتفاخر بها هي اليوم تدين مثل هذه الأعمال او على الاقل صارت تطبقها في الخفاء حتى الجلد بالسوط والإعدامات العلنية غابت عن ساحات تلك الدول ربما مؤقتا بسبب شهرة داعش وتطبقها لهذه الأفعال غير الإنسانية  في العلن وبتفاخر ايضا

شكرا لداعش انها غيرّت لنا وجهة نظرنا وفكرنا السابق عن أمريكا التي كنا نصفها بالمجرمة وقاتلة شعوب العالم و الشيطان الأكبر أحيانا  لانها أضحت اليوم راعية التحالف الدولي للتصدي للإرهاب المنظم! وهي التي قصفت داعش الأمريكي الصهيوني والإسرائيلي الخبيث بالطائرات والصواريخ وأجبرت اكثر من 40 دولة للتحالف معها ضد داعش وجمعت اكثر من 100 مليار دولار من تلك الدول كميزانية أولية لقتال داعش الأمريكي الصهيوني على مدى عقود قادمة

شكرا لداعش وجرائمها التي تمت وتتم باسم الإسلام لانها فاقت جرائم المغول والتتار وإسرائيل والنظام العنصري السابق في إفريقيا وأثبتت لنا تلك الجرائم ان الإسلام الداعشي أكثر فتكا واكثر دموية وقسوة من جميع افعال المجرمين والجلادين والقتلة على مدى التاريخ وان الصهاينة لو أنفقوا 500 مليار دولار على تشويه الإسلام لما استطاعوا ان يشوهوه كما شوهتها داعش والجماعات التكفيرية والإرهابية 

شكرا لداعش انها كشفت لنا الصورة الواقعية للإسلام السياسي المزعوم لبعض الشخصيات والجماعات والدول ايضا ومنها تركيا جماعة الإخوان وان هذه الجماعات والحكومات ان حكمت او اقتبست سياساتها  وأنظمتها وطبقت في دول اخرى لحلت المزيد من الكوارث والمــآسي بتلك الدول والأمم

شكرا لداعش انها كشفت لنا مدى مكانة الأكراد ودلالهم وسعد حظهم لدى الغرب الذي هب لنجدتهم عندما حاولت داعش التقرب من مدينة اربيل فقط وانهالت عليها الاف الصورايخ الغربية وفاق الأوروبيين والغربيون من سباتهم عندما جرح بعض  الأكراد فقط ولكن عندما ظلت داعش تقتل مئات الاف من العراقيين السنّة والشيعة على حد سواء في سوريا والعراق لم يحرك الغرب ساكنا وكان يطبق سياسة القول المعروف داعش سيفي انتقم به من العرب فقط ولن انتقم منه الا اذا تهدد الأكراد حلفاء الغرب او وصلت داعش حدود إيران الغربية

شكرا لداعش انها كشفت لنا مدى هشاشة وهوان أركان الأنظمة في المنطقة التي تساقطت مدنها كأوراق الخريف امام مقاتلي داعش قليلو العدد وولت قوات تلك الأنظمة هاربة امام داعش بينما ظلت قوات تلك الأنظمة تقاتل وتقتل شعوبها وبكل صلابة وشراسة دون رادع ودون رحمة

شكرا لداعش انها أسقطت أقنعة بعض الحكومات او إزاحتها وجاءت بتغييرات سياسية وحالفت الفرقاء وقربت أعداء الامس وجعلت البعض يشدون السروج على ظهر الكلاب بدلا من خيول السياسة ودفعتنا داعش للقبول بالفاشلين السياسيين وناهبي ثروات الشعوب لنصوت لهم مرة اخرى وننعتهم قسرا على أنهم حماة هذا البلد او ذلك بالرغم من انهم في الواقع هم من لاذوا بالفرار امام داعش وباعوا البلاد رخيصا للغرباء وسلموا مفاتيح مدن وأقاليم لداعش مقابل صفقات سياسية او رشاوى مالية من أنظمة نفطية او من داعش نفسها بعد نهبها للمصرف المركزي في مدينة الموصل! ولاحقا بيع نفط العراق وسوريا الى المافيا التركية

شكرا لداعش انها فرضت علينا زعماء سياسيين بالمحاصصة ايضا وانها أوجدت تحالفات بين الأكراد والسنة والشيعة في العراق لم ولن تتمكن أمريكا ولا أي قوة في العالم من إيجاد مثل هذه المصالحة والتحالف ولو بعد مرور الف عام

وشكرا لداعش انها فرضت علينا سياسيين وزعماء قبائل وعشائر مجرمين ومتحالفين مع داعش متهمين بارتكاب ابشع الجرائم في قاعدة سبايكر وصلاح الدين وغيرها من الأقاليم والمدن ضد الاف من خيرة شباب العراق وشكرا لداعش التي جعلتنا نصفق عاليا لهؤلاء المجرمين والقتلة ونعتبرهم اليوم أبطالا وطنيين نعول عليهم وننتظر منهم قتال داعش والقضاء على هذا التنظيم والفكر الإرهابي

شكرا لداعش لانها صالحت بيم إيران وامريكا وإيران ودول اخرى في المنطقة والعالم تحت يافطة محاربة الجماعات الإرهابية الى حد صرح الرئيس باراك اوباما مؤخرا ان عدو العرب ليس ايران بل الجماعات الإرهابية لاسيما داعش

شكرا لداعش انها جعلت من زعماء وقادة عرب وغير عرب متهمين أساسا بدعم الجماعات الإرهابية وتمويلها ماليا وعسكريا وبشريا يبدون اليوم كإبطال وطنيين وزعماء قوميين مدافعين عن خير البشرية جمعاء لان أمريكا طلبت منهم التحالف معها لقتال تنظيم داعش الذي صار يهدد مصالح أمريكا وأوروبا وربما يضرب تلك الدول في عقر دارها قريبا

 شكرا لداعش لانها أنستنا جرائم أنظمة في المنطقة ضد شعوبها وقصف الناس الأبرياء والعزل بالبراميل المتفجرة وصواريخ ارض ارض. وشكرا لداعش انها غطت على جرائم الكثير من الأنظمة ضد حقوق الإنسان وحقوق المعارضة حيث لم يعد لتلك الحقوق أي قيمة ليس لنا فحسب بل للغرب ايضا الذي كان يتباكي فورا على موت فيل مريض في إفريقيا ولكنه اليوم لا يحرك ساكنا لقمع الشعوب والملل ولا يقلقه سوى سياسة داعش وخطره البالوني على الغرب

شكرا لداعش التي أوقفت هبوب نسيم رياح الانتفاضات العربية وان أي اعتراضات سلمية او حتى الدفاع عن حقوق الإنسان البسيطة والدعوة لإقامة مجتمعات مدنية صارت تفسر اليوم من قبل أنظمة المنطقة انها مؤامرات خبيثة للإطاحة بالأنظمة وتحالفات سرية مع داعش والجماعات الإرهابية

شكرا لداعش لانه جعلنا نرحب ونبارك بالأنظمة والانقلابات العسكرية على غرار ما حصل في مصر لان هذه الأنظمة أفضل واهون بكثير من حكومة الجماعات الإرهابية او على الأقل أعادت بنا الذكريات الجميلة التي كانت رائجة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي أي حقبة الانقلابات العسكرية الرائعة والتاريخية

شكرا لداعش انها بررت نهب أموال الشعوب بواسطة جماعات وعصابات المقاومة  الوطنية والإسلامية التي ظلت هذه العصابات تشفط أموال الناس بذريعة محاربة الاحتلال الإسرائيلي واليوم تشفط أضعاف تلك الأموال تحت يافطة محاربة الجماعات الإرهابية والتكفيرية

شكرا لداعش انها كرست علينا دكتاتورية الحكام واستبداد اتف واصغر المسئولين ومنهم رؤساء البرلمانات الذين لا يسمحون اليوم حتى لنواب الشعب او ما يطلق عليهم نواب البرلمان الاعتراض على الحكومات ولا على أي مسئول مجرم او ناهب للمال العالم او عميل للأجانب

شكرا لداعش انها غطت اليوم على قمع إرادة الشعوب وتزوير الانتخابات وتبرير سياسة الحكام القمعيين ومحتكري السلطات وحتى اننا صرنا نرضى بهؤلاء ونرجحهم على داعش والجماعات الإرهابية بالرغم من انه لا فرق كثيرا بين سياسة هؤلاء الحكام وزعماء دولة الخلافة

شكرا لداعش انها كشفت لنا قيمة ووزن المرأة في المجتمعات الإسلامية المزعومة حيث صارت تباع في دولة الخلافة ب 10 دولارات فقط! يا بلاش!  وحقا ان سعر ال 10 دولار ربما أغلى من قيمة المرأة برأينا! وشكرا لداعش على إطلاقه جهاد النكاح واغتصاب ما تشاء ما طاب لكم ولهم من النساء والبنات باسم الدين  وحتى ان جهاد النكاح غطى على زواج المتعة وزواج الساعة الواحدة الشرعي والفقهي! وزواج المساير او الزنا الرسمي ونكح بنات إتباع الأديان الأخرى دون حدود و دون قيود

شكرا لداعش انه كشف لنا حقيقة منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى بشان خشية وقلق هذه المنظمات على الآثار التاريخية والحجر والأصنام اكثر من خشيتها وقلقها على دماء البشر التي تسال انهارا

وشكرا لداعش والجماعات الإرهابية التي كشفت لنا مدى ترسخ الفكر الإرهابي المتطرف في عقول وأذهان رجال دين وشيوخ وشخصيات ومفتين رسميين والكل يدق على طبل هواه من منطلق: دينكم ديناركم !، وانا أفتى لصالح لمن يدفع دولارات أكثر

وشكرا وألف شكر لداعش على كل ما حل بنا وما سيحل بنا من مآسي ومصائب وأزمات وإضرار وخسائر حضارية وبشرية وفكرية بمجتمعاتنا قد لا تعوض على مدى عقود من الزمن

ربنا سامحنا واغفر لنا وأعفو عنا ان نسينا او أسقطنا أي شكر وتقدير لم نتطرق له من أفعال وسلوكيات الجماعات المتطرفة والتكفيرية والإرهابية بالأخص داعش حبيب قلوب الحكام والمسئولين المستغلين لظاهرة الخلافة الإسلامية لقمعنا وإذلالنا أكثر تحت يافطة محاربة الإرهاب لاننا حقا لم نعد نميز الان بين الأسود منهم والكلاب