Pages

الى متى يبقى الغباء يا آغبيا؟

ما دخلتْ السياسة أمرا إلا وأفسدتهُ !
 فالسياسة لغة المصالح !

 وحينما تضيع الحدود بين السياسة وبين الدين تَفسَدُ السياسة ويفسَدُ الدين !!!

 السياسة هي عالمُ المادِّيات وهذا يتعارضُ مع الدين جوهر الروحانيات!

  ولذا فعلى الإنسان المُهتَم بالشأن العام أن يختار إما الحقل السياسي وإما الحقل الديني!

  أمّا أن يجمع الأمرين بيديه ليحتكر المجدَ من كل أطرافهِ فهذا مرفوض بل عبثي!


* في مهلكة ال سلول هناك نظامٌ *إسلامي؟* متحالفُ مع المؤسسة الدينيةٍ ؟
أجل خدمة السلطة والحُكم ... وفي إيران هناك نظامٌ *إسلامي؟* يهيمنُ عليه رجال الدين سياسيا وروحانيا!

   ولا أستطيع أن أستوعب موقف رجل دين يضع العمامة فوق رأسه ويطلق التهديدات ... من أيِّ دينٍ أو مذهبٍ كان كما فعل كهنة الوهابية في تهببج الجمهور ضد اليمن واهله قبل العدوان!!!

 فهذه ليست مهمة رجل الدين ولا تنسجم مع روح رسالتهِ كرجل دين؟

   رسالتهم نشر ثقافة التسامح والمحبّة وإطفاء الحرائق وليس إشعالها أو المشاركة بنيرانها؟



*في السعودية وإيران تداخلت السياسة مع الدين - وحينما بدأت بوادر الحساسيات والشكّ  بينهما إثر قيام الثورة الإسلامية عام 1979 - تطورتْ إلى  خلافات ثم إلى استقطابات وتحالفات ثم إلى صراعات وتجاذبات - ثم إلى حروب بالوكالة تكوينا بنارها اليوم من لبنان إلى سورية إلى العراق فاليمن اليوم؟


 الكل  كما أشرتُ   يرفع يافطة > * واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا* ؟


 والكل يدّعي أنه يعتصم بحبل الله ولكن يتفرّق ويحارب الآخر !!!
  فالمصالح الدنيوية والسياسية باتت فوق الإسلام وفوق فلسطين وفوق القدس وفوق الأقصى وفوق القرآن وفوق كل مقدّسات المسلمين !!!

 وها هي الوقائع أمامنا في القدس وكل فلسطين* *



 فمنذُ رحيل رسولنا *ص* والمسلمون متفرقون والفجوة تتّسع بينهم وآخذةً في معظم مفاصل التاريخ حروبا شرسة ودموية وقتلا وتكفيرا وتفظيعا وملاحقةً وهروبا ...

 لم تخفتْ نيرانها حتى يومنا هذا ......!

 بل بتنا نشعر أن صِفِّين والجَمَل وكربلاء قد وقعت ليلة أمس وليس منذ ما يقارب ألفٍ وأربعمائة عام !!!

 ففي كل مفصل من تاريخ المسلمين يختلفون به على المصالح السياسية والهيمنة والنفوذ يزجُّون فورا بالدين والمذاهب الدينية ويُقحمونها في المعركة - ويخلطون الدين بالسياسة لسهولة دغدغة المشاعر العامّة والمتخلفة وتوظيفها والاستثمار بها لصالح أهل السلطة والحُكمِ والنفوذ؟


 اليوم يتّضح لكل العرب والمسلمين أننا لم نستفِد بمثقال ذرّة من كل تجارب التاريخ وحروبه ومآسيه الدموية!!!

 وذلك بخلاف الأوروبيين الذين استفادوا من كل تجارب الماضي وتمكّنوا من تجاوزها رغم قساوتها ووحشيتها أيضا!!!

اهلي سامحوني > فالحمار حينما يسيرُ على دربٍ ماْ وتتعثّر قدماهُ في حفرةٍ  فإنه في المرّة الثانية يحيدُ عنها  وحتى لو حاول صاحبهُ أن يُغصِبهُ على المرورِ بها فسوف يعاند ويحيد عنها !!!
 هذا الحمار ... فهل نحن كعربٍ ومسلمون أقلُّ فهما وإدراكا من الحمار؟

 البعض يسعى لإيجاد تبرير لكل أشكال العنف والقتل والاستبداد والفساد والإفساد والحروب في مجتمعاتنا بالقول أن كل ذلك كان في أوروبا أيضا - وأننا لسنا حالة شاذة هذا غير صحيح!



 نعم نحنُ حالة شاذّة وشاذّة جدا -لأن أوروبا تعلّمت من تاريخها وانتهى بين شعوبها كل ذلك - وأصبحتْ إتحادا له هيكلياته ومؤسساته وبرلمانهِ ومجالسهِ ومحاكِمه... بينما نحن لم نتعلّم شيئا وما زلنا كما كنا ... بل تراجعنا كثيرا أيضا!


 أوروبا خاضتْ حروبا عنيفة بين بعضها في سبيل الثروة أو التوسُّع أو النفوذ أو السلطة  أو المال أو الأمن ...الخ!

  وحتى بسبب المذاهب المتعددة والمتنوعِّة .... وكان بها قادة مجرمون ومستبدون وطُغاة ....والتاريخ يحدِّثنا عن حروب أهلية - وعن حروب الأمراء الأوروبيين بين بعض - وحروب العصور الوسطى - كما حرب الثمانين عاما* حرب الاستقلال الهولندية من 1568—1648 م* > ضد أسبانيا ... وحربُ الثلاثين عاما  بين 1618-1648 ... في أوروبا الوسطى لاسيّما أراضي الإمبراطورية الرومانية المقدّسة *جزءا كبيرا من ألمانيا اليوم*> وبدأت حربا دينية بين البروتستانت والكاثوليك ثم توسّعت وتحوّلت إلى حربٍ سياسية على النفوذ والتوسُّع والهيمنة؟



- وايضا لا ننسى حروب نابليون بونابرت التي كان آخرها هزيمته في واترلو عام 1815 وهناك من اعتبر حروبه امتدادا لحروب الثورة الفرنسية ... ولكن كل تلك الحروب تمكّنوا من وضع حدٍّ لها في إتفاق ويستفاليا عام 1648 >الذي أسّس للعَلمانية في أوروبا - وإبعاد سلطة الكنيسة عن سلطة الدولة؟


 عادوا في القرن العشرين وخاضوا حربين عالميتين فيما بعض !

 ولكن هذا ما زادهم عبرةً من دروس التاريخ فأنشئوا بعد الحرب العالمية الثانية نظاما أوروبيا مختلفا وطوّروه إلى أن بلغوا هذه المرحلة التي نراها اليوم وهي *الإتحاد الأوروبي.*




 لقد درسوا التاريخ جيدا ... وتعلّموا منهُ جيدا
واستفادوا من فلسفتهِ ودروسهِ وكيف يتجنّبون آلامِهِ ومآسيه ...> ولا عزاء لِمَن لا يتعلّم من التاريخ وتجاربهِ!

  أما نحنُ كعربٍ ومسلمون - فإننا ندرس التاريخ
 ولكن هل تعلّمنا منهُ كيف نؤسِّس لأنظمةٍ وعلاقاتٍ  داخل الدول وفيما بينها، تُجنِّبنا الوقوع بذات الحفرة منذ ألف وأربعمائة عام ؟

 كلّا !!!
 لماذا ؟؟؟
 لأننا ندرسُ التاريخ كحالة سردية فقط - أي كأسماء أشخاص وحروب وقتلى ولا نأخذ منه العِبَرَ أبدا كي نعرف كيف نتلافى الوقوع بذات المصائب مُجدّدا !!!
. فما فائدة دراسة التاريخ إن لم نعتبِر مِن عِبَرهِ !!..


مصيبتنا كل طرفٍ يعتبر ذاتهُ على حق ومسئوليته تأديب الطرف الآخر وإعادته إلى طريق الصواب !!!
 مصيبتنا كل طرف يحتكر الحقيقة والمعرفة والإيمان والجنة لوحده - وسِواه إلى جهنّم والجحيم !!!
 مصيبتنا خلط الدين الروحاني بالسياسات الدنيوية المادية فأفسَدنا الدين وأفسَدنا السياسة !!!



مصيبتنا لا أحدا مستعدا لحوار الآخر لأن كلٍّ يعتبر نفسه الحقيقة وغيره الضلال ولا مجال للحوار ولا لحلٍّ وسط  أيْ لم نستفد شيئا من التاريخ بينما الغرب استفاد من كل دروس التاريخ واعتمد أخيرا النهج العَلماني والديمقراطية والتعددية والتداوُل والحرية واحترام حقوق الإنسان!



 نعم - علينا أن ننظر خلفَنا بغضبٍ على التاريخ ونستفيد من عِبَرهِ - وإلا علينا أن نسمحَ لدموعنا بالانهمار جيلا بعد جيل - مع معذرتي من الكاتب البريطاني جون أوسبورن إن كنتُ قد لطشتُ الفكرة من عنوان إحدى مسرحياته > * أنظُر خلفكَ بغضبِ أو اسمحْ لدموعك أن تنهمر! *




 نعم في تاريخنا جراحٌ عميقةٌ ومتقيحةٌ وإن لم نبادر إلى معالجتها جذريا وبالشكل العلمي الصحيح فإنها سوف تُسمِّم كل دمائنا وتقتلنا جميعا ، وها نحن نرى أعراض تسمُّم دماؤنا كل يوم ماذا تفعلُ بنا !

 فالتحريض الطائفي والمذهبي على مدار الساعة وعبر بعض الفضائيات المُقزِّزة (سنية وشيعية) تجعلك تشعر بالقرف والغثيان !

 شتائم ومسبّات على رموز كبيرة بالإسلام لا تنمُّ إلا عن مستوى الانحطاط والسفالة والشوارعية من مُطلقيها  لا تخدشُ الحياء فقط وإنما تطعن في الصميم كل ذي عقلٍ ووعيٍ وتهذيبٍ وحُشمةٍ حتى لو لم يكن منتميا للإسلام  فكيف يستطيع مُسلِما أن يتفوّه بها !

 إنها مصيبة كبرى حينما يُصبِح قادة الشعوب جهلائها وسفهائها وحمقاها - ويتراجع دور عقلائها ومثقفيها ومفكريها ونُخبها !

والمصيبة الأكبر حينما ترى وتسمع من يعتبرون أنفسهم مثقفون أو نُخباً يتحدثون ويكتبون بلغة الجهلة والانحطاط الثقافي ويُحرِّضون على المذهبية ويصبُّون النار على جمر الطائفية - ويسيرون خلف الحمقى والجهلة ويبدون أكثر منهم جهلا وحماقة - بدل أن يدْعُون لقيام مجتمعات ديمقراطية تعددية ويقفوا بوجه الجهل والتخلف والتعصب والاستبداد والظلم والقهر ، فكلها مترابطة مع بعضها!


ولا يمكن للاستبداد في أية دولة بالعالم إلا أن ينتج التعصب والتطرف ، فهذه لا تنبت من تحت الأرض ولا تنزل من السماء إنها تنشأ من قلب المجتمعات نتيجة عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية تتحمل الأنظمة الحاكمة مسؤوليتها الأولى !


ألَمْ يتِّعظ المسلمون بعدْ من كل تاريخهم المأساوي بحق بعض ؟

 ألَم يدركون حتى اليوم أن طريق خلاصهم ليس في تسييس الدين ولا في فرض الدين نهجا للحكم في المجتمعات ؟
 ولا في استحضار الصراعات الدموية التي مضى عليها 1400 عام والبناء عليها حتى يومنا هذا ؟
 متى سيدركون أن  خلاص مجتمعاتهم هو في السير على ذات  الطريق الذي سارتْ عليه أوروبا بعد حروب دينية طاحنة > طريق العَلمانية والديمقراطية والتداول على السلطة والحريات العامة واحترام حقوق الإنسان وفصل السلطات!