الأنظمة الفاسدة المتعثرة المسؤولة عن كل ماأصابنا!
ليست الشعوب هي المتهمة دائماً بالتقصير, ولا هي
المُلامة على ارتفاع معدلات الإخفاق والتخلف، فالأنظمة المتعثرة هي المسؤولة عن كل
ما أصابنا من مصائب ونوائب ونكبات، بيد أن مؤشرات الفشل التصقت بالشعوب النائمة,
فظهرت الفوارق بين الأمم واضحة وضوح الشمس في منتصف النهار.
فالفرق بيننا وبين ألمانيا أنهم
يدعمون الفاشل حتى ينجح, ونحن نحارب الناجح حتى يفشل, ونحاصر الكفء حتى يهرب,
ونستفز الحليم حتى يصاب بالجنون, ونحارب العاقل حتى يفقد عقله.
والفرق بيننا وبين السويد أن
احتفالات التخرج لطلبة المدارس والجامعات تبدأ عندهم بعد انتهاء الامتحانات
مباشرة, فالنتائج تُعلن على الفور, ولا تكتمل الأفراح السويدية إلا بإطلاق العنان
للاحتفالات الطلابية في عموم البلاد, بينما لا تظهر النتائج عندنا إلا بعد أن
تُدمر بلدوزرات القلق آخر ما تبقى من أعصاب طلابنا وطالباتنا, حتى يصلوا إلى درجة
الانهيار, فيقطعون الظن باليأس. ولا وجود للاحتفالات في مسيرتنا التعليمية إلا في
مناسبات نادرة, وخارج منابع الأحزان المتجذرة في بلادنا.
والفرق بيننا وبين فنلندا هو
انتصارها على الجهل والتخلف, وتفعيلها لبرامج (محو الأمية), بينما نجحنا نحن في
تطبيق برامج (نحو الأمية), حتى تفشى الجهل في الأرياف والبوادي.
والفرق بيننا وبين النرويج أن
صندوقهم الاحتياطي من مواردهم النفطية بلغ (520) مليار يورو, وفتحوا حسابات في
البنوك بأسماء مواليدهم الجديدة, وضعوا فيها حصصهم المُستَحقة من عوائد النفط, أما
نحن ففقدنا حصتنا التموينية, وتبخرت معظم موادها الرديئة, ولا علم لنا بما تبقى من
نقود في صندوقنا الاحتياطي, على الرغم من تفوقنا عليها بتجربتنا النفطية, وحقولنا
الغنية, والعجيب بالأمر أن الذي يدير الأنشطة البترولية في النرويج هو عراقي أبن
عراقي من سابع ظهر, وبصراوي أبن بصراوي من سابع ظهر, وهو الخبير النفطي (فاروق عبد
العزيز القاسم), الذي صار من أشهر خبراء النرويج وأرفعهم رتبة في بلاطها الملكي,
أرجو أن تبحثوا في الانترنت عن مقالتي, التي كتبتها عنه بعنوان: (العراقي الذي صار
أميراً في النرويج).
والفرق بيننا وبين اليابان أن
الفوائد السنوية المترتبة على الودائع المالية في البنوك اليابانية هي (0.1)%,
بينما تصل عندنا في العراق إلى (8)%, فاليابان تحفز شعبها على الاستثمار في
المشاريع الصناعية, ولا تشجعهم على الاستثمار في البنوك, حتى لا يدفنوا أموالهم
فيها, ويعتمدوا على هباتها وعطاياها السنوية, وهذا ما جعلها في مقدمة البلدان
الصناعية العملاقة, وجعلنا من أشهر رواد المقاهي والملاهي ومجالس الثرثرة.
والفرق بيننا وبين الهند, أنها
وعلى الرغم من علاقتها الوطيدة مع الفقر, إلا أنها أنتجت أرخص كومبيوتر محمول في العالم, بسعر (35) دولاراً فقط,
وأنتجت أرخص سيارة بسعر (2000) دولاراً, ذلك لأنها آمنت بفكرة الارتقاء بمواردها
الوطنية البشرية, ولم يزعجها تبوئها للمركز الثاني في التعداد السكاني الهائل بعد
الصين, أما نحن فقد أصبح نمونا السكاني الطفيف هو الكابوس الذي أزعج قادتنا,
زاعمين أن تلك الزيادة السكانية التهمت ثمار التنمية, فمزقونا بالحروب الطويلة,
والإعدامات الجماعية, والعبوات الناسفة, والعجلات المفخخة, حتى اصطبغت شوارعنا
باللون الأحمر, واتشحت جدراننا بالسواد, ثم سمحوا للأمطار والمجاري الثقيلة
بإغراقنا, وحققوا لنا أعلى معدلات الإصابة بأمراض السرطان, وأمراض الكلى والكبد
وضغط الدم.
ولا فرق بيننا وبين الصومال من
حيث الأوضاع العامة, فنقاط التشابه بين البلدين, والتقائهما في الكثير من الحالات,
تثير العجب وتبعث على الدهشة, حتى أن الشمس تشرق في مدينة السماوة العراقية وفي
مدينة مقديشو الصومالية في آن واحد, فكليهما تقعان على خط طول (45) درجة و(20)
دقيقة شرقاً, أما الفرق الوحيد بيننا وبينهم هو أننا نمتلك ثاني أكبر احتياطي نفطي
في كوكب الأرض, وهم لا يمتلكون شيئاً.