خلقناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا و ليس لتنابذوا
بسم الله الرحمن الرحيم (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ( 13 ) ) الحجرات صدق الله العظيم. اشتملت هذه الايه المباركه على عدة امور:
1- يتوجه الله تعالى بالخطاب لعموم الناس و هو يناديهم بياء المنادي للفت النظر الى شئ عظيم و ايضا لتكريمهم بان الخالق تعالى هو من يخاطبهم كرامة لهم و لتعظيم الموضوع.
2- يبين عظمة خلقه و توكيد هذا الخلق بانه هو تعالى الخالق لكم من ذكر و انثى هنا تأكيد ما هو معروف ان الخلق لا يمكن ان يحدث الا من ذكر و انثى و ما ذكر تعالى الانثى الا لتبيان فضلها على المولود حيث الله جعلها و الذكر من اهم اسباب الخلق و انها تستحق الاحترام و التبجيل و الاحسان كالذكر الذي كان يبجل و يحتفى به و الانثى كان مصيرها الوأد و السبي و الاهانه.
3- تكاثرتم فجعلناكم شعوبا و قبائل في اماكن متفرقه من الارض التي عمرتوها و اكتسبتم صفات و مزايا مختلفه بحكم سنن التطور الالهي من قدرات الانسان الذاتيه و تأثير البيئه عليه و اختلاف الالسن و ما الى ذلك .
4- لان الخالق هو ادرى بمخلوقه و لانه العالم بمكنون الانسان من التملك و حب السيطره و انه (كما قال الامام علي الانسان عدو ما يجهل ) قال تعالى جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا فالانسان دائما يخاف ما يجهله و يعاديه و يحاربه .
فالتعارف بين الناس يجلب الطمأنينه و السلام و هو اس الاعتراف بالاخر و العيش معه باتفاق ووفاق. ان مصائبنا تأتي من هنا من جهل الاخر انّا كان الاخر مسلما او غير مسلم. فهناك سلاطين او قل شيوخ قبائل حرضوا من لا يخافون الله و دسوا الدسائس ضد بعضهم البعض و نالوا من بعضهم الى حد انهم كفّروا بعضهم بعضا دون معرفة حقيقيه بالاخر , معتمدين على قال فلان عن فلان و قيل لي , و الانكى من ذلك انهم احاطوا أنفسهم بهالة مقدسه فاقت قداسة الرسول صلى الله عليه و سلم. كيف لا و انت تستطيع ان تمحص و تنتقد اخاديث في السيره العطره و لا تستطيع ان تمحص اقوالهم و كتبهم المملئة حقد و كراهية للاخر و لو كان من نفس الاعتقاد عند اول اختلاف بسيط تمليه سنة التطور و تغير الاحداث او تطور العلم الديني و الوضعي و ظهور مستجدات يقينيه تأكد و اقعه و تنقض اخرى . ان مصائبنا اليوم باننا لا تعرف الاخر الا من خلال ما يقال لنا , فلا تعارف و تحاور و لا انفتاح على الاخر و لا دعوة لكلمة سواء و اذا ما سمع احدنا بالاخر اسود وجهه و هو كضيم .
اي دين هذا و على اي منهج و اي سبيل يهتدي , الرب واحد و الكتاب واحد و النبي واحد و حتى احيانا المرجع الامام واحد و مع ذلك الحروب لا تنتهي و التفنن بالقتل بابشع ادواته لا يتوقف. انها وحوش ضاريه , بل الانسان عندما تعرف على الوحش روضها و اسكنها بيته و صاحبها. اين منا جميعا من قول الرسول ( { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى شيئا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى } . و{ المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه } . «وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» و «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ» . ام اننا و هو الارجح اننا لا مسلمين و لا مؤمنين لقول الرسول ( المسلم من سلم الناس من يده و لسانه).
5- هنا يبين الله تعالى ان الحكمة من التعارف و من هذا الامر الجلل ان الكرامه عنده ليس لذي جاه او منصب او مدعي علم او مفتي للفتنه و ان كثر اتباعه , انما الكرامه عند الله هو للتقي النقي من دم العباد و مالهم و اعراضهم و املاكهم, هو من يتقي الله بالناس اللذين خلقهم مهما كانوا فهو الخالق لذا المسلم بكل طوائفه و فرقه و لذاك المسيحي و لاؤلئك الهندوس او البوذيين . فان كنت على حق و بصيره و صاحب حجة و حامل دعوة حق ادعوا الى ربك بالموعظة الحسنه و لا تكن فظا غليظ القلب فيتفرق عنك حتى احباؤك و اتباعك و جادلهم بالتي هي احسن ان الله عليم بعلمك و عملك خبير بما انتم فاعلون و ما انتم اليه منتهون و لعنة الله على الظالمين.