الوهابية والتلاعب بالإسلام؟
المتلاعبون بالدين ، هم التكفيريون ، وهم لا يصلون إلى ما هم عليه إلا من خلال التلاعب بالعقول ، والدس على الرسول .
منذ البدايات النبوية الأولى ، وفي عهد الرسول بدأ ناس من الناس – ممن يفترض أنّهم صحابة – يكذبون على الرسول ، فقال بحقهم : ” من كذب عليّ متعمداً فليتبوّء مقعده من النار ” . ويبدو أن الرسول كان يعاني من مشكلة الكذب في مجتمع مازلنا نعطيه غطاء من القداسة ونحن في القرن الحادي والعشرين ! ..
وهؤلاء الكذابون ، وصفهم الله في القرآن بالظلمة ، فقال : “فمن أظلم ممّن كذب على الله وكذّب بالصدق إذا جاءه” الزمر/32. وبيّن مصيرهم يوم القيامة ، بقوله : “ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين” الزمر/60 . ويبدو كذلك أن ظاهرة التكذيب ، وانتشار الكذب واكبت انتشار الإسلام في مرحلتيه المكية والمدنية . فقال : “ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته” الأعراف 37 وتكررت الآية ذاتها في سورة يونس /17 . وفي العنكبوت “ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بالحق لما جاءه”آية 68.
وقد تكررت كلمة الكذب ومشتقاتها وصفاً لمجتمع مكة والمدينة وحديثاً عن الماضين الذين كذبوا الرسل مئتين وسبع وثمانين مرّة في القرآن الكريم . وهذا رقم لا يستهان به ، وهو يؤكد زعمنا بأن مجتمع الرسول كان يعاني من ظاهرة الكذب ، فحاربها القرآن وحاربها الرسول ص . بل حاربها حتى في الأحلام ، الترمذي باب من تحلم كاذباً وانظر :
البخاري : في باب التفسير ، والمغازي ، وفي باب إثم من كذب على النبي R جنائز أنبياء ، زهد ، فتن ، مناقب ، ومناقب الأنصار – وباب التعبير .
ومسند ابن حنبل : ج4/373-ج6 /147 –ج5/89-91-93-95-100 .
النسائي : في البيوع – المناسك – الطلاق .
ابن ماجة : في الزهد – فتن .
مسلم : باب الجهاد – لعان – إيمان .
الترمذي : باب الإيمان – التفسير – الفتن – المناقب .
أبو داوود : الأقضية – المناسك – اللباس .
وعلم R أنهم كانوا يكذبون على القرآن ، نعم حتى القرآن ، فقال الرسول : “ومن كذب على القرآن بغير علم فليتبوء مقعده من النار” كما في مسند ابن حنبل . بل أشار الرسول إلى تفشي الكذب في أمته حين قال : “ثم يفشو الكذب ..” الترمذي في الفتن ، وابن حنبل ج1/18 وابن ماجة في الأحكام . وقوله : “لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب “ابن حنبل .
ومن شدة خطر الكذب جعله الرسول أخطر من الزنى ، والقتل والسرقة ، فالمؤمن قد يقتل .. قد يسرق .. قد يزني ولكنه لا يكذب !
هذا الحشد من الشواهد عن الكذب سقناه لنؤكد وجود ظاهرة الكذب عند العرب آنذاك ، وخوف النبي من تفشّيها بل ، إنه تحدّث عن تفشّيها بينهم لاحقاً كما مرّ بنا، لهذا كان الخلفاء الراشدون ضد تدوين الحديث لأنهم كانوا يعلمون حصانة القرآن ، ويعلمون ما قد يفعله المنافقون والكذابون على لسان الرسول ، وقد كذبوا عليه وهو حي ، أفلا يكذبون عليه ، وهو ميت ؟!..
من أجل هذا رفض أبو بكر الخليفة الراشدي الأول كتابة الحديث ، وكان يقول عندنا في كتاب الله ما يكفينا ، وتبعه على ذلك عمر وعثمان ، ولما جاء علي قال عبارة كبيرة في هذا الموضوع حين طرح عليه الأمر ، قال : ” أقرآنان في بيوت المسلمين !..” فرفض جمع الحديث ، مكتفياً بالقرآن الكريم .
ومرّت السنون وحدث ما كان الرسول R يخشاه من الكذب عليه ، وحدث ما توقّعه من تفشّي الكذب ، وحدث ما خشي منه الخلفاء الراشدون من أبي بكر إلى علي .
كل الأمة مجمعة على القرآن كتاب الله المنزل بالتواتر المحفوظ دون زيادة أو نقصان من لدن رسول الله R إلى العصر الحديث .
وإنما كان وما يزال الخلاف في تفسير معاني بعض الآيات أو الكلمات ، وأخطر ما في هذا الخلاف الدخول في بحث التشبيه والتجسيم ، وخلاصة رأينا في هذا الموضوع قول الطحاوي ، أحمد بن سلامة ت329هـ ، يقول : “من وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر ” .
أما الحديث ، فهو المشكل وقد وقع فيه الدس والكذب على رسول الله R ونشأ فيه الوضع متلازماً مع كل فرقة من فرق المسلمين و حين بدأ تدوين الحديث أخذوا عمن بقي من الصحابة ، ثمّ من التابعين ، ثم من تابعي التابعين … ولما كان جلّ همّهم يقع في تتبع السند صحة وعدلاً واستقامةً ، أكلوا من هنا ! .. نعم أكلوا من السند الذي كان بعضهم مختصّاً في إخراجه بدقة ، ولو كان متن هذا السند يناقض القرآن الكريم !.. ومن هذا السند دخل التدليس .
والملاحظ المتتبّع في تاريخ جمع الحديث في القرن الثالث الهجري ، يرى قمّة العمل في جمع الحديث أيام المتوكّل العباسي ت231هـ ، قبله بقليل وبعده كذلك في عصر اختلط فيه الحابل بالنابل ، وعلا فيه الهرج والمرج ، وكان للشعوبية فيه صوت وأي صوت لاسيما للأتراك الحاقدين الذين سيطروا على مقدرات الخلافة منذ أيام المعتصم الخليفة الغبي الأرعن الأمّي .
فظهرت أحاديث غريبة عجيبة ، ستثبت لاحقاً أنها نقلت عن التوراة والتلمود في باب ما سمي بالإسرائيليات . وأخطر وأهم ما فيه منذ البداية الزعم بأن الرسول R قال : “ستفترق أمّتي إلى ثلاث وسبعين فرقة..” فهذا القول يزعم علم الرسول بالمستقبل والرسول لا يعلم ، والله وحده العالم ” وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو”الأنعام /59 . ويقول على لسان الرسول R : “ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ” الأعراف /188 .
وقد يوحي الله تعالى لنبيه من أنباء الغيب من القصص والأمور التي فيها العظاة، وما يشد به فؤاد النبي R فيقول له : “ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك”يوسف/102 .
ولا يندرج الحديث المذكور تحت هذا النمط الذي كان القرآن يسعى فيه ليثبّت فؤاد النبي R أمام ما يعانيه من كفار قريش ، وكفّار العرب .
وإذا عدنا إلى الحديث فإننا نجده يحدد الفرقة الناجية بما كان عليه الرسول R وأصحابه ، وفي رواية هي الجماعة ، وفي رواية ابن حبان : “وهي السواد الأعظم”، وهذا ينسجم مع كل ما قاله العلماء في تعريف المسلم بأنه كل من آمن بما جاء به رسول الله R وبدأ إيمانه بشهادتين وهؤلاء هم السواد الأعظم .
وقد شهد القرنان الهجريان الثالث والرابع أصعب مرحلة مرّ بها المسلمون في تاريخهم ، بل بدأت الأمور من أيام قتل الأتراك المتوكل ، وسيطرتهم على البلاد والعباد ، ثم قتلوا بعده ابنه المنتصر وكان قد ساعدهم على قتل أبيه ، ثمّ قتلوا المستعين والمعتز ، وفي هذا كان ابن المعتز ، يقول :
وكل يوم ملك مقتول أو خائفٌ مُروَّعٌ ذليل
ثم قتلوا المهتدي إلى أن جاء المعتمد ثمّ المعتضد ، ولما جاء ابنه المكتفي كانت أمور الخلافة كاملة بيد الأتراك ، فسيطر الفساد على المجتمع ، فساد الخلاف بين الطوائف الإسلامية ، وسيطر الجهل على القصر الخلافي ، ويذكر التاريخ أنّ الصولي عُهد إليه بتربية الراضي بالله وأخيه هارون ، فحبب إليهما العلم ، فقال له أهل القصر : “ما نريد أن يكون أولادنا أدباء ولا علماء ، وهذا أبوهما قد رأينا كل ما نحب فيه ، وليس بعالم ” فلمّا سمع الصولي أتى نصراً الحاجب بما قيل له ، فبكى ، وقال : “كيف نفلح مع قومٍ هذه نياتهم ” وفي عهد المقتدر غلب الفساد عليه ، فعكف على لذائذه ، وتوفّر على المغنين والغناء .. وكانت في أيامه أمور لم يكن مثلها في الإسلام ، وجاء بعده القاهر فسمل الأتراك عينيه ، ثمّ سملوا عيني المتّقي الذي جاء بعده ؛ وسيطروا على الدين والدنيا .
ومنذ أيّام المتوكل ألغى الأتراك سلطان المعتزلة ، وأعلو شأن المحدثين ، وهو الذي جاء بالمحدثين إلى سامراء وأجزل لهم العطايا ، وأكرمهم ، وأمرهم بأن يحدثوا بأحاديث الصفاة والرؤية ” تاريخ الخلفاء /138 .
نجا الجاحظ من الأتراك لأنه كتب فيهم رسالة يعلي من شأنهم ، وأعلى المتوكّل من شأن المحدثين ومنهم أحمد بن حنبل الذي يعد من المحدثين ، وإرضاء للسلطان صار بعض المحدّثين يُدخل في الحديث ما هبّ ودب ، كما ضيّق الرجال الحديث على العقل ، وتقديس النقل ، والتقليد دون الاجتهاد ، وصار للمحدثين سلطة كبرى بحيث من خرج على منهجهم قيد شعرة شغّب عليه ، ورمي بالزندقة !..
وكل طلاب العلم يعلمون اضطهاد المحدثين للمفسّر والمؤرخ محمد بن جرير الطبري ، وأثاروا العداء بين العلماء ، مستعينين بالعامة في هذا الموضوع ليستعان بهم في التنكيل بخصومهم ، كما يستعان بالفيس بوك وغيره من وسائل الإعلام في العصر الحديث لإثبات فكرة باطلة !.. وما عرف بالتضليل الإعلامي .
بل ذهب بعضهم إلى القول بأن المحدّثين جعلوا العلم الإسلامي كلّه (رواية) فهو علم يقوم على حدث فلان عن فلان . فقل الابتكار والإبداع ، وأصيب غالب علماء المسلمين بالعقم .
وعنوا بالسند أكثر من إعانتهم بالمتن ، يقول أحمد أمين عنهم : “وقد يكون السند مدلّساً تدليساً متقناً فيقبلونه مع أنّ العقل والواقع يأبيانه . مثل “من أكل سبع بلحات عجوة ، لم يصبه في ذلك اليوم سمّ ” ومثل “لا يفلح قوم ولو أمرهم امرأة ” بل قد يعدّه بعض المحدّثين صحيحاً ، لأنهم لم يجدوا فيه جرحاً ، ولم يسلم البخاري ولا مسلم من ذلك . وربما لو امتحن الحديث بمحك أصول الإسلام لم يتفق معه ، وإن صحّ سنده .
وضيّقوا أكثر فاعتبروا كل من يستخدم فكره ، ويجتهد في الدين دون تقليد ملحداً وزنديقاً ، وهذا ما جعل المفكر المصري أحمد أمين يقول عن التضييق : “كل هذا وأكثر منه كان نتيجةً لهذه الحركة ، واعتقد أنّ الأتراك في ذلك العصر مسؤولون لدرجة كبيرة عن هذا ؛ فطبيعة عامّتهم لا تقبل الجدل الكلامي ، ولا كثرة المذاهب الدينيّة ، فالأتراك في جميع عصورهم قلّ أن نرى منهم من اعتنق مذهباً في الأصول غير مذهب أهل السنة ، وفي الفروع غير مذهب أبي حنيفة .. ” ظهر الإسلام ج1/41 دار الكتاب العربي بيروت .
فإذا أضفنا تشجيع الدولة للحديث ، ضد الفكر والعقل إلى ما فعله الأتراك ، فهمنا سر انتشار حديث الفرقة الناجية ، فقد صاروا مكروهين من قبل سواد الناس الخاص فيهم والعام ، فلجأوا إلى رفض كل المذاهب الإسلامية غير أهل السنة ، وأهل السنة في نظرهم هم وحدهم مفضلين على مقاسهم ولا مذهب عندهم سوى مذهب أبي حنيفة ، وقد حاول المنتصر ابن المتوكّل الذي جاء بعد أبيه ، أن يعيد الاعتزال ، والفكر ، وتعدد المذاهب ، ولكن الأتراك منعوه وكانت فكرته هذه من الأسباب التي دعت إلى قتله .
وكانت ثقافة الأتراك ضيقة جداً ، ولا تقبل تعدد الفكر ، ولا تعدد المذاهب ، ولا صولات المعتزلة الفكرية ، فأغرقوا شوارع بغداد وسامراء بالدماء وحصروا جل أعمالهم بالجندية والخشونة والإرهاب ، مع غياب الفكر والثقافة والعقل ، ولشدة طول ما فعله الأتراك خلال أكثر من مئتي سنة صار مع الزمن وكأنّه الموروث الديني الصحيح !..
في هذا العصر وكرد فعل على الاعتزال ، ونتيجة لتشجيع المتوكّل للحديث ورجاله تضخم الحديث كثيراً ، ففيه دونت كتب الحديث كالبخاري ومسلم والنسائي وأبي داؤود ، ومسند أحمد بن حنبل وهناك أكثر من سبب لانتشار الحديث ، في مقدمتها تلبية رغبة الخلفاء بدءاً من المتوكّل ، مما دفع إلى كثر الوضع للرد على أصحاب الفكر والمذاهب العقلية ، فدخل في الحديث كثير من حكم الأمم المختلفة، واندس فيه بعض عقائد الأمم المختلفة ، وانتشار رجال الحديث إلى الجهات المختلفة لجمع الحديث . وأظهروا الأتراك وكأنهم أهل السنة والجماعة ، وهذا غير صحيح إذ لم يكونوا على هذا وإلا فلماذا قاتلوا الشافعية والأحناف والمالكية (الأشاعرة) الذين فرزهم تاريخ الفقه الإسلامي على أنّهم أهل السنة والجماعة . واستمر التدليس والكذب بانتقاء على الرسول R فيما عرف بحركة تدوين الحديث . وارتفعت مكانة رجال الحديث لجهة الطلب والعرض ، وصاروا يرفعون من شأن ناس إذا أحبوهم ، والإساءة إلى آخرين إذا طلب منهم ذلك ، أو ما أحبوهم . والويل كل الويل لكل مذهب أو عالم ما دخل في مزاج المحدث ، فإنّهم يهوون به أسفل سافلين . وصار بعضهم إلى حفظ آلاف الأحاديث بسندها مع صعوبة السند وتشابهه .
وفي باب سلبيات المحدّثين كتب أحمد أمين ، كما في المصدر السابق : ” كان لهم والحقّ يقال بعض الأثر السيئ في المبالغة في الاعتماد على المنقول دون المعقول ، خصوصاً بعدما مات المعتزلة ، فقد كان المعتزلة حاملي لواء العقل ، والمحدّثون حاملي لواء النقل .
وكان عقل المعتزلة يلطف من نقل المحدّثين . فلما نكل بالمعتزلة على يد المتوكّل علا منهج المحدثين ، وكاد العلم كله يصبح رواية .
وكان نتيجة هذا ، ما نرى من قلّة الابتكار وتقليص عبارات المؤلّفين ، وإصابة المسلمين غالباً بالعقم ، حتى لا تجد كتاباً جديداً أو رأياً جديداً أو رأياً جديداً بمعنى الكلمة . بل تكاد العقول كلّها تصب في قالب واحد جامد . هذا رأي أحمد أمين ، والحق من وجهة نظري أن أحمد أمين قال القول الصحيح فيهم ، ونسي أن يحمّلهم كل خلافات المسلمين في العصر الحديث لجهة كذبهم الذي حمل لنا تقسيماتهم للمسلمين .. ومن تلك التقسيمات حديث الفرقة الناجية الذي لم يقبله أبو الوليد الباجي الأندلسي ت 474هـ ولا يقبله أي عاقل يريد الخير لأمة الإسلام .
فالمسلم – والمسلمون – والفرق الإسلامية هو وهم الذين صدّقوا جميع ما جاء به النبي R ، وعلينا في العصر الحديث أن نؤمن بهذا الكلام لننهي عهوداً صار فيها لفظ وتكفير للمسلمين على لسان أناس من غير العرب ، وما كان شأن الإسلام ليهمهم ، ويجب أن نألم مما حملته الكتب القديمة تحت ظروف سياسية ، وبأقوال الأتراك الذين تحكموا بمقدرات الخلافة الإسلامية في القرنين الثالث والرابع ، فكفروا من كفروا ، وقبلوا إسلام من أرادوا مزاجياً ليكونوا أصحاب الدين وحده ، ومن أجل هذا ابتدعوا حديث الفرقة الناجية . وإنه ليؤلم أن يكفّر من قيل عنهم الفرقة الناجية بعضهم بعضاً ” الحنبلي يكفر الأشعري ، زاعماً أنّه كذّب على الرسول R في إثبات الفوق لله تعالى والاستواء على العرش ، والأشعري يكذبه زاعماً أنه مشبّه ، والأشعري يكذب المعتزلي زاعماً أنّه كذّب الرسول R في جواز رؤية الله تعالى ، وفي إثبات العلم والقدرة والصفات ، والمعتزل يكفّر الأشعري ، زاعماً أن إثبات الصفات تكفير للقدماء وتكذيب الرسول في التوحيد ” انظر : فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة ، في مجموعة (الجواهر للغزالي) ص/80 .
وفي المرجع ذاته يساعدنا الغزالي لجهة نفي ما كتبه البغدادي في الفرق بين الفرق ، والشهرستاني في الملل والنحل ، فيقول: “إن شرح ما يكفّر به وما لا يكفّر ، يستدعي تفصيلاً طويلاً فيكتفي بوصية وقانون ؛ “أمّا الوصية ، فأن تكف لسانك عن أهل القبلة ما أمكنك ، ماداموا قائلين لا إله إلا الله محمد رسول الله ، غير مناقضين لها .. وأما القانون ، فهو أن تعلم أن النظريات قسمان : قسم يتعلّق بأصول القواعد، وقسم يتعلّق بالفروع . واعلم أنه لا تكفير في الفروع أصلاً إلا في مسألة واحدة ، وهي أن ينكر أصلاً دينياً علم من الرسول R بالتواتر ” المصدر السابق ص/92-93 .
ولأن الغزالي كشف عن حقيقة الدين فقد خاصمه في حياته شيوخ الحنابلة ، وفي مماته خاصمه ابن تيمية الذي خاصم الغزالي ، ووافق الكرامية في كفرها ! .. فمن هم الكرامية ؟ ما عقيدتهم ؟ وكيف وهم متصوّفة أخذ عنهم ابن تيمية عدو التصوّف والصوفيين ؟
والصحيح هل أنّ الإيزيديين الموجودين حالياً كطائفة قليلة ، هم أهل السنة والجماعة كما وصفهم ابن تيمية ؟ وإذا كان يعتبر نفسه من أهل السنة والجماعة –وهو ليس كذلك – فهل هو وجماعته السلفيون أزيديون ؟! هذه الأسئلة وغيرها جوابها في المقالة القادمة إن شاء الله .