@نحن إمة ضيعها > جهل آبناءها....وخيانة حكامها .... وفشل رموزها....وفتاوي مشايخها...! @آطماعكم >تطرفكم>آحقادكم>>>آلسبب...! @وزد فوق ذلك عيوبكم >تغريبة للإ سلام و آلعروبة.....!!!! @إلى متى هذا آلنوم؟ آين همم آلآجداد ...يا آبناء يعرب... ؟




حرية الفكر...وحرية الرآي...!!!


هل هناك حدود لحرية الفكر والرأي ؟  ما هو الفكر ؟ ما هو الرأي ؟

أسئلة بديهية ، ولكنها تبدو أشبه بالمسائل الفلسفية الكبرى في الثقافة العربية. هل تطورت في مجتمعاتنا العربية ثقافة الحوار أم تسيطر ثقافة اللاحوار ؟

هل نحن مجتمع مدني ، ام ان المدنية أضحت من البدع اتي يجب قمعها؟

هل هناك من فكرة مقدسة لا يمكن نقدها او التطرق البحثي لمضامينها ؟

ما هو الفرق ما بين الحرية في التفكير  وبين التحرر من التفكير ؟  وهل يمكن القول ان رفض الحوار هو حالة من حالات الحرية أيضا ؟

وما الفرق بين الرأي والقدح والذم ؟

هل تحتاج الحرية الى فكر ونظام .. أم هي فوضى عارمة - تحررية  ؟

اذن لماذا نكتب ؟ ولمن نكتب .. اذا كان كل موقف يعبر عنه أصحاب الرأي ولا يكون متوقعا من القارئ يجر على كاتبه الويلات والشتائم السوقية والتهديد بالذبح أحيانا ؟

كثيرا ما يدور الهجوم حول مواضيع لم يُضمنها الكاتب قي مقاله ، وتطرح بشكل لا يتفق مع فكر الكاتب .. ومع ذلك تُلصق به عنوة . ترى هل المشكلة في فهم المقروء ، ام هي وجهة نظر مسبقة معادية بغض النظر عما جاء في النص ، خاصة وأن أبرز العدائيين حدة ، يختبؤون وراء صفات ثقافية وأكاديمية  ؟

كيف نتجاوز مشكلة فهم المقروء .. التي يبدو انها الآفة المستعصية التي تقف حائلا بين أصحاب الرأي وامتداد تأثيرهم على مجتمعاتهم؟

اليس تضائل دور المثقفين في المجتمعات العربية ، هو من ضمن تهافت شرعية الحوار وفهم المقروء .. وتعوق ظهور المجتمعات المدنية العربية ؟

ما هو تأثير الجمود اللغوي للغتنا العربية والنظرة الدينية الشمولية على مستوى ثقافة الحوار؟ وما تأثير مستوى التطور الإقتصادي ومستوى تطور أنظمة الحكم والمساحة الدمقراطية وحالة الحريات العامة وتطور التعليم والعلوم والابحاث العلمية على الثقافة عامة ، وعلى أخلاقيات الحوار خاصة ؟

أسئلة كثيرة ومشروعة يواجهها المثقفون والمبدعون العرب ، في مجتمعاتهم شبه المنغلقة عن حركة الفكر الانساني ، وعن التنوير والرقي الحضاري ، الذي صار مقياسا ليس لمستوى العقل فقط ، انما لمستوى حياة الانسان الاجتماعية  بكل التفاصيل المتعارف عليها في المجتمعات البشرية .

بالطبع المواضيع المطروحة أكثر اتساعا من أن يشملها مقال واحد ... وساتناول بعض الجوانب التي أراها اساسية في أزمة ثقافة الحوار في مجتمعاتنا .

وهي أشبه بحالة فلسفية تعبر عنها هذه الحكاية  .

مراقب في قارب حربي شاهد في أحدى الليالي ضوءا قويا أمامة مباشرة. أخبر القبطان الذي قال : أشر له باننا  ننصحه  ان ينحرف عن مسار قاربنا فورا بعشرين درجة.

نفذ المراقب الأمر. ولكن جاء الجواب باشارة تقول أنصحكم أنتم ان تنحرفوا بعشرين درجة.

غضب القبطان ، وقال للمراقب ارسل له اشارة باني قبطان قارب حربي وانا  في مسار تصادم معك ، وليغير اتجاهه فورا بعشرين درجة. ووصل الجواب: انا بحري بسيط وانا اناشدك ان تغير مسارك بعشرين درجة فورا. غلى الدم في عروق القبطان : ارسل لهذا الصعلوك اني قارب حربي وسوف أصدمه وأقضي علية او لينحرف فورا بعشرين درجة. وجاء الجواب : انا يا سيدي المنارة .. اذا واصلت ستتحطم انت وقاربك على صخور الشاطئ أمامي.

لو تأنى الغاضبين والزاعقين بدون تفكير .. لعرفوا نسبية الحقيقة.. ولفهموا الواقع ولقرأوا المضمون بشكل صحيح!

المجتمع لخدمة الانسان ام الانسان لخدمة المجتمع ؟

الفيلسوف كارل بوبر  ( Karl Popper ) عرف المجتمع المنفتح ( كتابه "المجتمع المنفتح واعداؤه ")  بمدى وضع الفرد في مركز النشاط الاجتماعي . وقال : " ان المجتمعات المنفتحة ترعى الفرد وتضمن له الشروط الملائمة لتطوره، اما المجتمعات المنغلقة ، فهي تضع المجتمع في المقدمة على حساب تكون هوية الفرد المستقلة وتطورها" . وقال : " هذه المجتمعات المنغلقة تميل الى الانعزال الحضاري ، وحتى الموسيقى التي تخلقها هي انعكاس لهذا الانعزال" . ومن المؤسف ان كل مجتمعاتنا منغلقة بقسوة ( مثل قبطان القارب الحربي لا يرون الا ما لصق بدماغهم ) ، ولا يحظى المواطن العربي بالشروط الملائمة لتطوره .. اسوة بما يجري في المجتمعات الغربية.

نجد مثلا ، ان المجتمع الاوروبي منذ عصر النهضة  ، رفع من مكانة الانسان على حساب الفكرة المطلقة – المقدسة .. خاصة في مجالات الآداب والفنون وفيما بعد الموسيقى ، مما أحدث تحولا ثوريا حطم كل المسلمات القديمة التي باتت تتناقض مع النهضة الاجتماعية والاقتصادية والعلمية ورقي الانسان، وجعل من العقلانية مقياسا أعلى للفكر ، بينما المجتمعات المنغلقة لم تعتبر الانسان أكثر من كونه أداة لخدمة الفكرة المطلقة الغيبية .  وهذه الفكرة تتجلى بأشكال متعددة في المجتمعات البشرية ، والتاريخ سجل العديد من هذه الأشكال ، بدءا من عبادة الفرد في الأنظمة الديكتاتوية والفاشية، وصولا الى الطاعة العمياء في الأنظمة الدينية.

وكانت ثورة العلوم وتطور الفلسفة قد أرسيا جذورا هامة للفكر العلمي والبحثي  ... وكما يقول أبو حيان التوحيدي: "من الإضطرار يكون الاختيار ، وليس من الاختيار يكون الاضطرار ، لأن الاضطرار من سنخ  العالم وسوسه ".

*ويقول هيغل : " ان الحرية هي وعي الضرورة ". اما الماركسية فرؤيتها ان: "وعي الضرورة هو شرط هام للوصول الى الحرية  ". انا شخصيا لا أرى تناقضا جذريا بين هيغل وماركس في هذا الطرح . اذ ان الطرح هنا يشبه السؤال الفلسفي البسيط من كان في البداية الدجاجة أم البيضة؟ وفي التالي ، التواصل يصبح فعالا ومؤثرا ومترابطا بكلا الاتجاهين.  وهذا هو الأساسي!!!

ما علاقة ذلك بالحوار ؟

وهل يحتاج الانسان الفقير المحروم من الحرية والخدمات الاجتماعية والتعليم والرقي الحضاري الى حوار؟

الحرية هي نشاط ينبع من وعي الانسان وايمانه بهدف. النشاط يثمر ، والخمول والاستكانة تجفف الارادة ، وتضيق الرؤية . عندما يتوهم الانسان انه يعرف الأجوبة الكاملة وغير القابلة للنقاش ،عن القضايا الصميمية للنشوء والإرتقاء  ، يفقد القدرة والارادة عن احداث تغيير في مجتمعه ، وتصبح كل معلوماته تدور في حلقة مغلقة من الطروحات التي لا تحتاج الى تفكير ونقد وأسئلة شك ، وكل ما تبقى ان نتخذها مسارا لحياتنا . وهذه الظاهرة تكاد تكون السائدة في المجتمعات الفقيرة وغير المتطورة . وللأسف نجد ان الدين يستغل من عناصر منتفعة للإبقاء على خضوع واسع لجماهير المؤمنين ، ولا أعني دينا معينا ، انما هي ظاهرة عامة تشمل كل الديانات. هناك مجتمعات فصلت بين السياسة والدين ، وبين العلم والدين .. فانطلقت .. وهناك مجتمعات لم تزل تبحث عن الاعجازات العلمية التي تجاوزها العلم الى مرحلة ما بعد العلم.....!؟

*السؤال: هل يعي المتحاور نسبية الوعي ( وعيه أيضا ) ؟ وهل يعي الانسان انه لا يملك لوحده كل المعرفة ؟ وان الوصول لمزيد من المعرفة يحتاج الى منهج علمي وقدرة على التحليل والمقارنة والاستنباط ؟  وأن الآخرين ليسوا أقل شأنا منه ؟  وأن ادعاء المعرفة الكاملة ، هي حالة مرضية أو تعبير عن البدائية ، وليست ذكاء ؟؟؟

*تقول حكمة لا أذكر قائلها: " لو ان الناس لم يتحدثوا الا فيما يفهمونه ، لبلغ السكوت حدا لا يطاق". لذلك يجب الفرز بانتباه بين ما يستحق الإهتمام وما لا يستحق حتى القاء نظرة!

الأفكار المقدسة ؟

*يقول الغزالي : " المطيع القاهر لشهواته المتجرد الفكر في حقيقة من الحقائق ، قد لا تنكشف له الحقائق لكونه محجوبا بالتعصب والجمود على العقيدة!

اذن الجمود على العقيدة هي حالة من الشلل الدماغي حتى باقرار الغزالي ، ليت المتمسكين بتعاليمه يستوعبون ذلك . وكما قال علي بن أبي طالب: " من جهل شيئا عاداه".

التناقض الأساسي هنا هو مع نسبية الحقيقة .  والفكر الفلسفي  الهيجلي  يؤكد ان "اللقاء بين علمين ، يولد علما جديدا". وبالتالي ازدياد المعرفة ، او " كثرة الأعمال" ، كما يقول الرازي: " سبب لحصول الملكات " . أي  لا شيئ ينشأ من العدم. لا شيء ينشأ من الخمول والاستكانة . لا شيء ينشأ من التصورات الموروثة والأفكار النهائية. والجهل اذا التقى بالجهل لا يولد الا التعصب والانغلاق .

اقرأوا هذه الحكاية ، للدلالة على ان لا شيء ينشأ من العدم .. أو من العجز .. أو من الوهم؟

رجل في التسعين من عمره دخل عيادة الطبيب سعيدا فرحا وتهالك على الكرسي الأول لاهثا متهدجا: أيها الطبيب ، زوجتي ابنة العشرين تنتظر مولودا .

قال الطبيب بعد ان تأمل العجوز ولهاثه  : اسمع هذه القصة ، خرج صياد الى الصيد ، أخذ بالخطأ شمسيته بدل بندقيته. . وفي الغابة هاجمه فجأة دب ضخم ، صوب الشمسية نحو الدب وأطلق النار عليه وقتله!

قال العجوز : هذا مستحيل ،  لا بد ان شخصا آخر أطلق النار وقتل الدب ؟

رد الطبيب : بالضبط شخص آخر فعلها .. هذا ما احاول ان أشرحه لك!

لو كانت الحقيقة مطلقة لقبل الطبيب رواية العجوز انه الذي  "أطلق النار " فحملت زوجته العشرينية . لماذا فهم العجوز بسهولة  أن شخصا آخر أطلق النار على الدب وقتله ،  ويستعصي عليه الفهم ان شخصا آخر " أطلق النار" على زوجته العشرينية؟

هل نستطيع ان نقول انه توجد حقيقة مطلقة خارج وعي الانسان ؟ او يوجد موقف فكري مطلق صحيح في كل الظروف ؟ وانه يوجد انسان مطلق الفهم والرأي ، من طينة خاصة - كما وصف ستالين الشيوعيين في زمنه ، وظلت هذه الفكرة الستالينية الغبية والمدمرة سائدة حتى أيامنا الراهنة ، في أوساط غير شيوعية أيضا ؟.. وأضحت عقيدة  للكثير من الحركات القومية والدينية خاصة ، بحيث لا يمكن حوارهم . لأنهم يعيشون في وهم انهم يملكون الحقيقة المطلقة.. وانهم من طينة خاصة ولدت كاملة دينا وفكرا ومعرفة وكل ما يقومون به هو تجهيز أنفسهم لما بعد "الحياة الفانية " . .؟

واذا وجدت حقيقة مطلقة فهي مقدسة اذن  ... ولا اعني حقائق الدين فقط .. حتى المجانين يؤمنون ان حقائقهم مقدسة ولا تناقش......!

كان مصابا بلطف الله يدور في شوارع مدينتي ، الناصرة... ويدعو الله ان يميت كل الأطباء ويهدم كل المستشفيات حتى لا يظل ولا مريض... بالنسبه له هذه هي الحقيقة . فهل كان يستطيع أحدأ ان يقنعه عكس ذلك ، بأن المستشفيات والاطباء هم ضرورة لعلاج المرضى وليس لجعل الناس مرضى؟!

العقلانية... هل من ضرورة لها ؟

التقى ثلاثة أصدقاء ، متفائل ومتشائم وعقلاني  في مقهى.........

طلبوا أن يشربوا الماء أولا...............

قدمت لهم ثلاتة كؤوس نصف ممتلئة.......

نظر المتفائل لكأسه وقال : الكأس نصف ممتلئة. حرك  المتشائم رأسه شمالا ويمينا برفض وقال : الكأس نصف فارغة. ابتسم العقلاني لزميلية وقال : صديقي العزيزين ، الكأس أكبر مرتين من الحجم الذي يجب ان تكون فيه..

أين تقع الحقيقة اذن ؟

هل توجد حقيقة بلا منهج علمي ؟

"ان الأمم التي لا تعنى بالعلم ، ولا تنجز فيه شيئا ، حالها كحال البهائم تأكل وتشرب وتنكح لا غير " كما يقول القفطي  (هوالوزير جمال الدين بن يوسف القفطي المتوفى سنة 624 هـ ) .

الذي أعنية ان المتفائل يظن دائما ان هذا أفضل ما هو ممكن ، بينما المتشائم يخاف ان يكون ذلك صحيحا. فقط العقلاني يرى الأمور بوضعها ، بحقيقتها .

اذن ما هي الحقيقة ؟  هل العقلانية تقربنا من الحقيقة ..؟

لنأخذ العلوم نموذجا للعقلانية ، لأن قوانين العلوم شرحها أسهل . قانون الجاذبية مثلا  هو حقيقة علمية مطلقة لا يمكن للأنسان ان يتجاوزها الا بمعرفة عقلانية علمية لطريقة عمل القانون في الطبيعة ، وايجاد الأداة المبنية بناء على صيغة علمية ، قادرة على خلق قوة دفع " تجعل التفاحة تسقط الى أعلى " وليس على رأس نيوتن.. بينما النظريات العلمية يمكن ان تتغير وفيها جوانب ما تزال خاضعة للبحث والفحص والتطوير ، وهي ليست قانونا  نهائيا . .. هي حقائق نسبية وليست مطلقة . وهناك فرضيات ، وهي ما دون النظرية العلمية .. وهي مجرد طرح فكري يعتمد على الظواهر ، وتحتاج الى براهين علمية قبل ان ترقى لمستوى النظرية العلمية ، وقد لا يثبت منها شيء بعد اخضاعها للحقائق العلمية.   حتى فلاسفة المسلمين أكدوا ان : " الانسان بقوته العاقلة يشارك الله في ادراك الحقائق".

في الأوساط التي تعيش بطمأنينية غريبة انها تملك الأجوبة الكاملة والواضحة ولا تحتاج حتى للتفكير  بما يقع خارج  قناعاتهم الموروثة  والتي لا تحتمل مجرد تساؤل يثير احتمالات تأويل جديد ..  نجد هدوءا عقليا وخمودا فكريا ، ينعكس سلبا على الواقع الاجتماعي برمته. . هل يمكن تغيير الحقيقة ؟؟

ربما تعبر الحكاية التالية عن كيفية "التحايل" على الحقائق العلمية ، ولكن الحقيقة العلمية لا تتغير.

قال الطبيب للسيدة انها لن تعيش أكثر من نصف سنة . السرطان انتشر ، ولم يعد يفيد العلاج. . هذه حقيقة علمية!

سألت السيدة : هل يوجد ما أستطيع ان أفعله  لأطيل عمري ؟ شيء خارق مثلا ؟

بعد تفكير قال الطبيب : تزوجي من متثاقف ، شاعر فاشل مثلا .. كثير الثرثرة وقليل الطحن.

سألت : وكيف سيساعدني ذلك للتغلب على مرضي؟

أجاب الطبيب: آه .. بالنسبة لمرضك لن يساعد .. ولكن ستة أشهر مع شاعر مدعي معرفة وثقافة ستشعرين أن نصف السنة أطول من قرن كامل !!

العقائد والحقيقة المطلقة

جميع  العقائد الموروثة تؤمن بحقائق مختلفة مطلقة ، والإيمان لا ينبع من معرفة علمية ... او من تحصيل دراسي . انما من ثوابت اجتماعية وعقلية متوارثة.  وكل محاولة لإثبات الحقيقة المطلقة لعقيدة ما تبقى تأويلات تدور في اطار القناعة الشخصية والجماعية غير المبررة علميا مثل النظريات العلمية

ومن هنا نرى ان قيمة الفلسفة انها أعطت للإنسان آليات فكرية وبحثية تساعده في الخوض في أعقد المسائل المطروحة بدون طرح اجابات قاطعة امام الانسان. . حتى في المسائل الميتافيزيائية ( الغيبية – ما وراء الطبيعة ) نجد ان النشاط الفكري هو السائد ، رغم عبثيته أحيانا ، وظاهرة الحوار البيزنطي حول المواضيع. 

يبدو لأوساط واسعة جدا من البشرية ، ان ما يسميه بعض المثقفين عقلانية ومنطق ، هو مجرد هرطقة. وهذا ينبع من ذوي النظرة المغلقة على فكرة واحدة ثابته نهائية . هذا لا يعني انها فكرة خاطئة ، ولكن الخطأ ان نكتفي بحقيقة واحدة ونهمل بقية الحقائق!.

من الصحيح اذن ، ومن على خطأ ؟ هل الفكر الشعبي المتوارث ، ام الفكر العلمي والفلسفي ؟ تخيلوا لو ان قرار محكمة التفتيش ، نجحت .. كمعيار للفكر الشعبي المتوارث ..  عندما بحثت في نظام الفلكي  كوبرنيكوس الذي صاغ نظرية مركزية الشمس وكون الأرض جرماً يدور في فلكها ، في بداية القرن السابع عشر ، وأيضا لو نجحت في قمع جاليليه الذي  نشر نظرية كوبرنيكوس ودافع عنها بقوة على أسس فيزيائية ، وطور علم الفلك والميكانيكيات ، تصوروا لو أنها  أنهت البحث العلمي وأوقفته في حدود القرن السابع عشر ،  وأضحى فكرها قانونا سائدا في اوروبا لمئة سنة أخرى أو لعدة قرون ...؟ في أي عالم بدائي كنا نعيش اليوم ؟

الذي اريد ان أشير اليه هو ان المتحاور الذي يؤمن أن الحقيقة كلها الى جانبه ، حواره سيكون ليس حوارا مع أطرش ، انما حوار مع جسم بشري معاصر بينما يستمد عقله تفكيره من زمن يبعد عنه عشرة قرون على الأقل .. وهذه حالنا التي تجعل الاعلام الدولي يحولنا الى كوميديا .. اذ نبرز بعبثيتنا وتناقضنا مع عصرنا ، في لغة الخطابة ، في التفسيرات ، في الحقوق المدنية والمساوة بين أفراد المجتمع  وفي الغرق بنقاشات تجاوزها الفكر البشري منذ القرون الوسطى.

هل الرأي الآخر مشروع ؟

سمير يتصل بزوجته : انا على الطريق السريع .. والسائقين جنوا هنا .. وورائي قافلة سيارات شرطة تطلق زماميرها لأوسع لهم الطريق ، ولكني لا أجد مكانا فارغا على الرصيف لأعطيهم حق المرور .

زوجته : احذر اذن يا سمير ، قبل قليل قالوا في الأخبار ان سائقا مجنونا يسير على الشارع السريع عكس خط السير.

سمير : مجنون واحد .. ليحمني الله .. مئات المجانين هنا يسيرون عكس خط السير!

مئات المجانين ؟ .. أم مجنون واحد ؟! اذن هل رأي صاحبنا سمير صحيح ؟ وكيف يثبت مشروعية حالته على الشارع ؟

لا يوجد منهج اجتماعي أو فكري يحدد شرعية الآراء وبالتالي ضرورة التصادم بينها بالمفهوم الايجابي للتصادم وليس بما هو سائد في ثقافتنا اليوم ، العداء والرفض التلقائي .. وتحويل النقاش من الموضوع الى الشخص.

المفترض بالمحاور ، الجاد .. الانتباه للرأي الآخر باحترام نسبي على الأقل ، وليس الرد التلقائي بدون تفكير تمسكا ب "العبقرية " الذاتية التي تغذي أوهام تملك الحقائق المطلقة .. وبالتالي هي ظاهرة للإنسداد العقلي والتحجر الفكري وعدم القدرة على الاندماج بحركة الثقافة واندفاعها الذي لا ينتظر المقعدين المقتنعين انهم وصلوا قمة المعرفة ، بجهل عظيم لواقعهم  ،ومهما اتسعت واتسع ادراكنا لحقائقها الجديدة، نجد ان أوساطا واسعة جدا ما تزال تعيش على أوهام امتلاكها للحقيقة.

لا يوجد في الفكر والعلوم بمختلف مجالاتها ، مقدسات لا يمكن نقدها او اخضاعها للبحث.

الفرق بين الحرية في التفكير والحرية بنفي التفكير  ، هو الفرق بين الوعي والجهل . الواعي يعرف المساحة التي يستطيع ان يتعامل معها باحترام لوعي الآخرين ووجهات نظرهم وعقائدهم ، بينما الحرية في رفض التفكير هي الفوضى العارمة وغياب الرأي الواضح أو الطرح العقلاني.. أو الاحترام للإختلاف الطبيعي والضروري للمعرفة والتطور.

قرأت طروحات في الفترة الأخيرة حول حرية الراي والحوار ، أثرتني جدا .. رغم ان بعضها ترديد أجوف لمقولات آلية.. . وتتعلق أيضا بحق الرأي وحق الاختلاف ومساحة حرية الرأي.. وحالة الفكر العربي بشكل خاص . ويبدو لي ان الكثير من المثقفين العرب هم شبه أميين لا يقرأون الا أنفسهم .. لا يطورون معارفهم ، لا يوسعون آفاقهم . في الأشهر الأخيرة ، وبعد اطلاعي على حوارات واسعة في الإنترنت ، إنكشف لي واقعا مستهجنا ومؤلما على المستوى العربي العام  ..  القراءة لم تعد صفة للمثقفين . . الا لقلة منهم . معارفهم توقفت حول زمن معرف لا يتحركون الا داخله.هذا لا يحتاج الى عباقرة لكشفة ، جهلهم  يصرخ من جملتهم الأولى ، وبغض النظر ان كانت جملة شعرية أو قصصية أو موقف أو فكر.........

كما قلت ، كل شيء في عالمنا نسبي.. وما يحكم الحرية والأخلاق في حقبة تاريخية معينة ، ليس نفسه في حقبة تاريخية أخرى.

ما يحكم المواقف والتعبير عنها في ظروف سياسية ، قومية ، دينية أو اجتماعية ، ليس نفسه اذا اختلفت الظروف.

المثقف هو انسان مسؤول أولا.. وليس مجرد صاحب رأي أو مجتر لآراء القيمين عليه  .. قد يكون رأيه صحيحا ولكن اسلوب طرحه خاطئ أو توقيته خاطئ. ..  او بعيد عن مشاكل مجتمعه ، خاصة في حالة الاجترار والتقليد بلا وعي وبلا معرفة.......

الذي لا يعرف متى يجاهر برأيه في الوقت الصحيح ، لديه اشكالية في قدرته على فهم الحدث باطاره التاريخي.. .والانتباه لتوقيت الطرح ولا أقول محدوديته ، لأن القانون لا يقيد الفكر ، الفكر هو الذي يصنع حدوده ومساحة طرحه واسلوبه وشرعيته. . ونحن ندرس التاريخ ليس لنعرف متى ولد نابليون ومتى مات .. او سيرة غيره من الزعماء وتاريخ صعود وسقوط الدول .. انما لنعرف تجارب هذه الدول ، الأفكار التي حركتها ، واحتمالات الصواب والخطأ .. لنثري معارفنا ونرقى بها. ولنجعل من التاريخ تجربة فكرية نتعامل بها بناء على تطور معرفتنا من سياق التاريخ ، لنطبقها على حالات تتماثل في حراجتها وأهميتها ومصيريتها مع ما نواجهه في واقعنا .

الموضوع .. حرية الرأي لا يمكن تلخيصه بجملة أو قانون .. بل بحركة الحياة والرقي الفكري والتعليمي والثقافي والعلمي والبحثي للمجتمع ولأفراد المجتمع ولأصحاب الرأي بالتحديد الذين يشكلون العنصر الفعال في تكوين الرأي العام الاجتماعي. وبالطبع لا يمكن تجاهل مساحة الحرية الاجتماعية والسياسية داخل دولنا 

اذن هي مسؤولية ليست سهلة .. وألد اعداء هذه المسؤولية هو الوهم ان ما أطرحه " انا " هو الصواب نفسه.

الانفتاح على الرأي الأخر هو الحل وهو النهج الذي يضمن الاحترام المتبادل وعدم التشهير بين أصحاب الرأي.
 وأظن ان التلخيص الأنسب لكل هذا النقاش يمكن تحجيمة بمقولة واحدة : عاش العقل!







الممسوخين على الشبكة؟



دخول شبكات التواصل الاجتماعي على ساحة الإعلام غيّرت كثيرًا من المسلّمات، فلم يعُد الإعلام محتكرًا من قبل رؤوس الأموال وأصحاب الأجندات الخاصة، وتم فتح الباب للجميع للتعبير عن آرائهم وأفكارهم بالطرق التي يريدونها وبالأسلوب الذي يريدونه.

لكن شبكات التواصل الاجتماعي لم تسلم من الاختراق الممنهج لرؤوس الأموال للتأثير على الرأي العام، ولم تسلم من سطحيّة بعض مستخدميها الذين ينقلون ما يسمعون ويشاهدون عن اليمين والشمال دون أدنى تدقيق وتفكير وتحقيق، فتصبح الروايات والأخبار المفبركة والكاذبة حقيقة تُبنى عليها الآراء والمعتقدات.

بعض "الممسوخين" الذين ينقلون كلّ ما يعجبهم يفعلون ذلك من باب السطحيّة، فمن الأسهل تصديق ما تشاء والترويج له لأنه يناسبك. البعض الآخر متزمّت فكريًا، عقديًا وحزبيًا ويفعل ما يفعل وفق ما تقتضيه الخلفيّة، لأنّه "على حقّ" ولا بدّ من أن تكون كلّ الشائعات التي تطعن في خصومه الفكريّين، العقديّين والحزبيّين "صحيحة".

من جهة أخرى فإنّ للإعلام أبواقًا كثيرة على شبكات التواصل الاجتماعيّ، تساهم في صناعة الرأي العام وفق أجندة المموّلين لهذا الإعلام وإعلاميّيه، بالتالي فإنّ خطورة التضليل التي تكمُن في الإعلام انتقلت إلى شبكات التواصل الاجتماعي بشكل مباشر.

حثّني على الكتابة حول هذا الموضوع ما شاهدته من أحداث طائفيّة مؤسفة في مصر هذا الأسبوع، ومن تزوير الحقائق الذي يجري على قدم وساق محليًا وعالميًا، فقد امتلأت الدنيا بعناوين تتهم المسلمين (كالعادة) بشكل مباشر بالأحداث، منها عدّة صحف بريطانيّة كالإندبندنت. وللتوضيح فإنّ ليس المراد هنا اتهام أتباع دين معيّن بإثارة المشاكل، فالمسألة معقدة أكثر بكثير، إنّما لا بدّ من وضع النقاط على الحروف بكلّ ما يخصّ المتطرّفين والإرهابيّين ومثيري الفتن، وكشف حجم ومدى تطرّفهم وخطورته، قبل التعاطف مع أيّ جهة على حساب جهة أخرى.

لقد بدأت الأحداث في مدينة الخصوص عندما رسم صبية صليبًا معكوفًا على جدار مسجد، وبعدما طلب منهم شيخ إزالة الرسم، تطوّر الحدث إلى نزول بعض الشبان من الكنيسة المجاورة بالأسلحة حيث أطلقوا الرصاص الحيّ على فتى مسلم وقتلوه، كما أطلقوا النار بشكل عشوائي من داخل الكنيسة على المارّة. تطوّرت الأحداث وتمّ قتل متبادل وبلغ عدد الإصابات أكثر من 80 إصابة. اتهم بعض أهالي القرية عائلة "اسكندر" المسيحيّة، المرتبطة بأمريكا وإسرائيل (تمت صفقات أسلحة بين إسرائيل والكنيسة المصريّة في السابق، وغلاة الأقباط ينشطون من أمريكا) وفق قولهم والتي جاءت من الخارج بإثارة الفتن، حيث ركز الجانبان المسلم والمسيحي على السلم الأهلي التاريخي بين المواطنين وعلى أنّه لن تتغيّر العلاقة بين الجانبين إثر هذه الأحداث. حتى أنّ صديق أحد المصابين المسلمين كان مسيحيًا جاء ليساعده عند إطلاق النار عليه، فتمّ إطلاق النار عليه كذلك، وكان معه عند علاجه معتبرًا إيّاه أخًا وجارًا.

تطوّر المشهد عند تشييع قتلى المسيحيّين في الكاتدرائيّة المرقسيّة بالعبّاسية، وبدأ جموع المشيّعين بترديد هتافات ضدّ المرشد والإخوان، وقام بعض القساوسة بتحميسهم أكثر (بعض وسائل الإعلام قالت إنّهم "يهدّؤون الجمهور"!!). حدثت بعد ذلك مناوشات بينهم وبين الأمن، وتم استخدام الأسلحة الناريّة من داخل الكاتدرائيّة هذه المرّة ومن أعلى أسطحها، شملت الرصاص الحي والمولوتوف والخرطوش بشهادة الرائد محمد طارق وهو أحد المسؤولين الأمنيّين في منطقة الكاتدرائيّة، وهو اعتراف خطير كونه يشكّل دليلاً فاضحًا مع أشرطة الفيديو على وجود أسلحة داخل الكنائس المصريّة. كما اعترف ذات المسؤول بوجود "أمن خاص" للكاتدرائيّة وليس للأمن العام "دخل" بما يجري بداخلها وأن ذلك يجري بالتنسيق مع وزير الداخليّة!

هذه ليست المرّة الأولى التي تظهر فيها فضائح وجرائم الكنيسة المصريّة. ففي عام 2010 تم اعتقال جوزيف بطرس الجبلاوي، نجل وكيل مطرانية بورسعيد، بعد ضبط سفينة يملكها وعلى متنها مئات الأطنان (!) من المتفجرات من إسرائيل، ومنذ عام 2003 وبعدها احتجزت الكنيسة المصرية وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة اللتان اعتنقتا الإسلام بعدما سلمتهما الدولة حينها للكنيسة، في انتهاك فاضح لسيادة الدولة والقانون.

قبل عدّة أشهر تمّ حصار أحد أعرق المساجد في الإسكندرية "القائد إبراهيم" بعد صلاة الجمعة لمدّة 14 ساعة وفيه الشيخ المعروف المحلاوي و150 من المصلّين، حينها رفض الشيخ مجيء أنصار التيّارات الإسلاميّة لفك الحصار بعد تواطؤ أجهزة الأمن، لعدم سفك الدماء، وقال حينها إن الحادث كان مدبرًا والتحقيقات أشارت إلى أنّ بعض المتهمين كانوا على صلة بجهات سياسيّة معارضة.

في الحالة الأولى اتهمت وسائل الإعلام الجميع عدا المتطرّفين المسلّحين داخل الكنائس، وفي الحالة الثانية اتهمت المحاصَرين الذين رفضوا الانجرار وراء مخططات الفتن، والتضليل انتقل بالطبع إلى شبكات التواصل الاجتماعي حيث استمرّ المضَلّلون بالتعاطف مع المخرّبين واتهام من لا صلة لهم بالحادث.

أي أنّه حين يتعلّق الأمر بالإسلام والمسلمين ولا يوجد أيّ نوع من العنف والإرهاب من قبلهم، يتمّ خلق الإرهاب من العدم واتهامهم به، وتسمع عن "ميليشيات إخوانيّة" وما شابه. أمّا حينما تكون هناك مجموعات مسلّحة داخل أكثر من كنيسة بتواطؤ من رجال دين مسيحيّين متطرّفين وقوى محليّة وعالميّة بشهادات ووثائق، تتجاهلها معظم وسائل الإعلام وتقوم بالدفاع عنها وعن أعمالها التخريبيّة الإرهابيّة، وتتهم المسلمين بالأحداث. فلم نسمع عن "ملثّمي الكنيسة" أو عن "ميليشيات البابا" (الحقيقيّة في هذا الحال)، إنّما نسمع صوت العلمانيّين الذين يدعمونهم ويدافعون عنهم.

إنّه قلب الحقائق والتضليل الذي عبر كلّ الحدود، والمصيبة أنّه يمرّ بدون ردّ فعل مناسب من قبل المسؤولين في مصر وعلى رأسهم الرئيس محمّد مرسي وحكومته إزاء هذا الانفلات والتخريب الذي يجب لجمه ولجم أهله، ومع الانسياق الأعمى من قبل الجمهور لوسائل الإعلام الحاقدة على الإسلام.

إنّ من واجبنا صناعة عقليّة ونمط تفكير جديدَين مبنيّين على اتباع الحجّة والبرهان وعدم الانسياق كالخرفان، خاصّة إزاء التحدّيات التي نواجهها اليوم. فمجرّد تصديق الكذب هو مشاركة فعّالة في التضليل الذي يتمّ بشكل أكبر ممّا يتصوّره معظمنا هذه الأيّام. {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} (الأنفال: 36).








الآحزاب الإنتهازية؟

نخشى على حال العراق أن يكون كحال ابن عباس عندما رثى صاحبه, فقال فيه
:
جبل تدكدك ثم مال بجمعه في البحر فاجتمعت عليه الأبحر

فقد تشتت أفكار عامة الناس بين من يدعو لنصرة الطائفة (سين), وبين من يدعو لنصرة الطائفة (شين), وبين من يدعو لانفصال القومية (كاف) عن (عين), وبين من يطالب بالتأقلم والانعزال في الأقاليم الهشة, فتسلل الانتهازيون والوصوليون إلى المناصب العليا, والتف حولهم وعاظ السلاطين, في الوقت الذي كرست فيه الفضائيات الخبيثة أجهزتها المسمومة لتضليل الناس والإسهام في تحريضهم, وراحت فئة قليلة من الخطباء تنفخ بأبواق التنافر لتضيف الرياح القوية لمهزلة التقسيم والتجزئة, وبين حانة ومانة ضاعت لحانا

لابد لنا قبل التطرق إلى حملات التبرير السياسي, التي تسوقها اليوم فئة قليلة من المحسوبين على الخطباء لحث الناس على اختيار الفاسدين والمفسدين, ومن كان على شاكلتهم من الوصوليين والانتهازيين, ودعمهم في الانتخابات القادمة بذرائع وحجج ومبررات طائفية ضيقة, لا ترقى إلى ابسط مستويات التحرر العقلي, ولا تنتمي إلى أضيق التوجهات المذهبية, ولا إلى النعرات العرقية

قبل التطرق إلى هذه الحملات الهجينة, التي لا تمت للدين بصلة, لابد لنا من مراجعة كتاب الشيخ محمد صادق الكرباسي (1) للاستئناس بتوجيهاته الخطابية الرائعة, وهو كتاب توعوي ومنهجي, يحمل عنوان: (الخطابة في دراسة نوعية شاملة), يقع في (256) صفحة من القطع المتوسط, من إصدارات بيت العلم للنابهين في بيروت, صدّره بمقدمة انتقد فيها حال المنبر الحسيني, كانت بعنوان: (المنبر الحسيني إلى أين ؟), قال فيها: (أن عطاء المنبر الحسيني في الوقت الحاضر لا يتقارب مع مقدار ما يُسخّر له من طاقات, فالبون شاسع, والمسافة كبيرة), ويرى إن بعض المجالس لا تلامس الأذهان, ولا تثير دفائن العقول.
يستعرض الكرباسي تاريخ الخطابة منذ العام الهجري الأول حتى يصل بها إلى بدايات القرن العشرين الميلادي, إلى الفترة التي اتجه فيها خطباء المنبر الحسيني نحو العمق الفكري, والممارسة السياسية المثمرة, وكان من روادها السيد صالح الحلي خطيب ثورة العشرين, والشيخ محسن أبو الحبّ. .

ثم يتحدث عن دور الخطيب وموقعه, وما ينبغي له قوله للناس, يتطرق بعدها عن المادة الخطابية بوصفها من أركان الخطابة, فيعد القرآن الكريم المادة الأولى للخطيب, تليها السنة النبوية المطهرة, ثم الحوادث الواقعة, وسيرة الأنبياء والأئمة, وأخيراُ الأدب. .

ويتحدث عن مواصفات الخطيب, ويذكر من جملتها: الإيمان والعمل, والتقوى والإخلاص, والأسلوب, والأخلاق, والصفاء, والتواضع, والأمانة, والشجاعة, ويرى ان مهمة الخطيب تنحصر في توجيه شرائح المجتمع بمختلف توجهاتهم نحو جادة الصواب, والتعامل معهم بقدسية العقل والمعرفة, من دون التعرض إلى الفكر الآخر. .

من هنا يتضح لنا أن من أهم واجبات الخطيب المؤمن بقضايا وطنه ودينه الإسهام في تعميق معنى اعتدال الدين باعتباره السبب الرئيس في نشر الفضيلة وانتشارها في مشارق الأرض ومغاربها. .

ففي الوقت الذي يشدد فيه الخطباء على نقل الأحداث إلى الناس بواقعية, والابتعاد عن العواطف, والتحلي بمكارم الأخلاق, والتوجه للانتخابات بنفوس متجردة من عقد الماضي, متحررة من التبعات الطائفية والعرقية والعشائرية لاختيار الأفضل والأكفأ والأقوى والأجدر, واختيار المعروف بعفته ونزاهته, يخرج علينا من يتظاهر بحرصه على (الشريعة), وهي في الحقيقة ليست إلا أكمة يتستر خلفها لتنفيذ مشاريع التفريق والتجزئة, فيدعو الناس إلى الاختيار بعشوائية مقيتة تشترط انتماء المرشح إلى فئة معينة. . . .

قبل بضعة أيام استمعت لخطبة ألقاها الشيخ (صاد) في مدينة الوردية ببابل (2), قال فيها: ((انتخبوا أيٍ كان, حتى لو كان يكذب عليكم)), ويقول: ((انتخبوهم حتى لو كانوا يقولون ما لا يفعلون)), في مخالفة صريحة لقوله تعالي في محكم كتابه المجيد: ((كَبُرَ مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون))(3), وحسبك أن الله جل شأنه جعل المقت عنواناً للانفصام بين القول والعمل, بل جعله أكبر المقت, وأشد البغض, بينما يبرر الشيخ كلامه بلغة متشنجة, يُفهم منها: ان المفسد الذي ينتمي إليك أفضل من النزيهة الذي ينتمي إلى الطرف الآخر, وبكلام يراد منه: ان الأمي والجاهل الذي ينتمي إليك أعلى كعبا وأرفع درجة من العبقري والعاقل الذي لا ينتمي إليك, ونستنتج منه: ان الظالم الذي تعرفه خير لك من العادل الذي لا تعرفه. .



نظرية عجيبة, ومعادلة سياسية غريبة, لا يقرها عقل, ولا يقبلها منطق, وليس في المجلس من يستطيع الوقوف بوجهه ويناقشه أو يرد عليه, فالرجل يتخندق في الخنادق الطائفية المغلقة, ويتحدث مع الناس (بتفويض شرعي), لا يقبل التحاور ولا التشاور. .

لا مجال للمقارنة في أي زمان أو مكان بين الدين والتظاهر بالتدين, فالدين هو المنهج المقدس, الذي يحتوي على مجموعة من العقائد والمفاهيم والأحكام والأخلاق والممارسات المرتبطة بذلك المنهج, اما التظاهر بالتدين, أو (التدين النفعي) فهو صفة وصولية وخصلة انتهازية يتصف بها المرائي الذي يسعى للوصول إلى مكانة اجتماعية أو لتحقيق أهداف شخصية, أو مكاسب سياسية, من خلال استغلال الناس والتقرب منهم لكسب مودتهم, وتسخير الدين لخدمته, ومثل هؤلاء تجدهم دائما حيث توجد المكاسب والمصالح الدنيوية, لكنك تفتقدهم في الشدائد والمحن. .

فالدين حقيقة, والتظاهر بالتدين خدعة, وليس الدين أو المذهب أو الطائفة نقابة من النقابات, أو جمعية من الجمعيات حتى يتعصب المرء في مواقفه إلى حد التقاطع والتنافر مع الآخر, ولا هو نزعة عشائرية متعصبة تؤمن بشعار (أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً), ولا هو مجرد كلمات يرددها المرشح على لسانه, ومظاهر خداعة يتظاهر بها أمام الناس, وعبارات منمقة يتشدق بها في المناسبات من دون أن يكون لها أثرها الملموس في سلوكه, ومن دون أن يترجمها إلى واقع حي يراه الناس, فيكون هذا الواقع العملي الظاهر والالتزام به مؤشراً على الإيمان الصحيح وعمقه في نفس صاحبه. .

فهو لا يتحدث هنا عن المفهوم الشعبي المؤمن بمقولة: (الشين الذي تعرفه أفضل من الزين الذي لا تعرفه)), بل يسعى لتأسيس فكرة طائفية قائمة على نبذ الآخر والتشكيك بنواياه, وقائمة على تأجيج الخلافات القديمة, وقائمة على التقوقع في خنادق الصراع الطائفي, ويسعى لتسويقها في المجالس والمساجد باعتبارها تمثل التوجه العام للدين, تمهيدا لخدمة المرشح المخادع, الذي يقول ما لا يفعل, ضاربا بمصالح البلاد عرض الحائط. .

من المفارقات المرصودة على الساحة العراقية ان توجهات الشيخ (صاد) تتناقض تماما مع توجهات بعض الأحزاب الدينية, التي خاضت تجاربها المتعثرة في حلبات العملية السياسية, وغادرتها من دون أن تحقق أي مكاسب, فوجدت نفسها مطالبة برفع لواء الوطنية, والتلويح به في توجهاتها الجديدة وشعاراتها الرافضة لفكرة المحاصصة الطائفية, والمعارضة لفكرة التبعية لدولة الاحتلال, في محاولة للانطلاق من الصفر نحو بناء العراق على أسس العدل والإنصاف والمبادئ الصحيحة القائمة على التفاهم والتلاحم والتواد, وتعالت في الوقت نفسه الأصوات الأخرى الداعية إلى مقاطعة العمل السياسي لأسباب تأثيمية وتحريمية ذات نزعات وطنية رافضة للطائفية, بينما يتوقع المحللون ظهور أكثر من تيار وطني في المحافظات العراقية, التي أرهقتها المحاصصة الطائفية. .

ختاما نقول: ليس في نية الناس بعد الآن خسارة أصواتهم للمرة الثالثة أو الرابعة في سيناريوهات الخراب والانشقاق من أجل انتخاب الوصوليين والانتهازيين والمخادعين بغض النظر عن انتماءاتهم الشكلية إلى هذه الطائفة أو تلك. .

وخير ما نختتم به ردنا على الشيخ (صاد) هذه الآية الكريمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ))(4)

صدق الله العظيم

(1) عالم جليل ينتمي إلى القبائل العربية النخعية, ولد بكربلاء في العراق عام 1947, مارس التدريس والتأليف والتحقيق والإمامة, تجاوزت مؤلفاته المائة, توّجها بدائرة المعارف الحسينية, التي تتكون من (600) مجلد.

(2) اسمه يبدأ بحرف الصاد, والخطبة موجودة على اليوتيوب, لكننا نفضل عدم الإشارة إليها الآن حتى لا تكون نافذة من نوافذ تحريك الفتنة الطائفية.

(3) سورة الصف, الآية الثالثة.

(4) سورة النحل, الآية (125).




آين بعران الخليج من جوكر-عربستان؟


هل يوجد استراتيجات لدى كنتونات الخليج؟


الجواب بالطبع>لا؟

فهم اي الخليجيين لا يجيدوا الا التذمر من ايران وافعالها دون عمل يذكر من قبلهم......؟
ولوكان لديهم لدعموا الآهوازيين العرب وبذلك يحجموا نفوذ وتوسع ايران في الخليج والمنطقة فهي ورقة رابحة بإمتياز لهم؟
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
*اهمية عربستان-الآهواز؟*
>تنتج (87 % ) من النفط الإيراني؟
 و>* 90 % * من الغاز ؟
 و>(74 % ) من الكهرباء؟
 كما أن أراضيها خصبة جداً !
>وفيها خمسة أنهارمنها:
 * الكارون – الكخة – الجراحي * !
وتنتج نصف القمح الإيراني؟
 > و(90 % * من التمور في إيران ؟
 وفيها الحمضيات وقصب السكر والأرز وغيره؟
----------------------------
@هذا الموضوع دليل عندي على أن الصفوية ضد العرب  العرب المسلمين السنة  والعرب المسلمين الشيعة  وبالتالي الصفوية حركة شعوبية ضد العروبة أينما كانت  وتريد إعادة مجد المجوسية الساسانية  وهو دليل أيضاً على براءة الشيعة من الصفوية ، فاقرؤوا ماذا فعل الصفويون في عربستان>

@تسمى الأهواز أو عربستان ... وتقع على الساحل الشرقي للخليج العربي .... والشاطئ الشرقي لشط العرب .. بطول *850* كلم  وعرض *150* كلم لتصل مساحتها إلى *348* ألف كلم مربع !
 أي أكثر من مساحة بلاد الشام مجتمعة * سوريا ولبنان وفلسطين والأردن *.
 ويصل عدد سكانها إلى > 12 ) مليون نسمة !
يشكل السنة منهم >15 % !
 والباقي من الشيعة الإثني عشرية ...ومن الملاحظ أن التشيع عند الأهوازيين عبارة عن مدرسة فقهية !
 وهو المذهب الجعفري  كالمذاهب الأربعة عند أهل السنة !
 ولاتجد التقية منتشرة بين الشيعة ألأهوازيين كما هي عند غيرهم!

وسكانها من العرب ويسجّل التاريخ أنّ الوجود العربيّ في *الأحواز* بدأ مع ظهور هذه البقعة من الأرض على خريطة العالَم؟
 منذ الألف الثالثة قبل الميلاد.... على شكل مجموعاتٍ بشريةٍ قادمةٍ من >اليمن والجزيرة العربية........!
وأنّ هذا الوجود العربيّ هناك سبق أيَّ وجودٍ إنسانيّ... ولم ينقطع منذ ذلك الوقت... إلى أن أقامت في هذه المنطقة القبائلُ العربيةُ القادمةُ من العراق والجزيرة العربية... أهمها:
 *بني طرف*
 و*بني كعب*
 و*بني تميم*
وغيرها.............................!
 كما يسجّل التاريخ أنّ الخليج العربيّ بساحليه الشرقيّ والغربيّ، كان مجالاً حيوياً للقبائل العربية قبل الإسلام وبقي الطابع الاجتماعيّ هناك عربياً عبر العصور والقرون؟

· عاصمتها مدينة الأحواز .... وعبادان ثاني مدينة فيها .... وفيها : إمارات : المحمرة ..... القواسم ..... المنصور .... العبادلة .... آل علي  المرازيق.... .!
 وفيها *24* مدينة > و*3000* قرية !.
ومن مدنها : ميناء كناوة .. أبو شهر ... كنكان ... كنكون .... دير  لنجة  بندر عباس.....!

· @احتلتها إيران بالتواطــؤ مع البــريطانيين بتـاريخ 20/4/1925م!
 @* لاحظوا تواطؤ الصليبية مع الصفوية *@؟
عندما وقع آخر أمرائها *الشيخ خزعل الكعبيّ* ضحية مكيدةٍ بريطانيةٍ- فارسية. حين دُعِيَ إلى حفلٍ على متن يختٍ بريطانيٍّ في شط العرب! حيث تم اعتقاله مع مرافقيه من قِبَلِ مجموعةٍ من الضباط البريطانيين والفرس... واقتيد إلى سجنٍ في طهران!
 فيما بدأت قوات *رضا خان بهلوي* بالهجوم العسكريّ واحتلال *الأحواز* بمساعدةٍ بريطانيّة!

· ومنذ ذلك الحين بدأت إيران بمحاربة العروبة وصبغها بالصبغة الفارسية...وقام الفرس الصفويون بإجراءات تعسّفية ظالمة.....
 لطمس الهوية العربية لشعب الأحواز!
 ومما قاموا *ويقومون* به>

* مَنْعُ تدريس اللغة العربية....!
 *مصادرة كل ما في البلاد من كتبٍ عربية!
 *فَرْضُ التعليم باللغة الفارسية!
 * فَرْضُ اللغة الفارسية على المحاكم الأحوازية!
 *مَنْعُ التداول باللغة العربية داخل هذه المحاكم!

*الاستيلاء على الأراضي الزراعية العربية!
 وعلى مياه الشرب التي تمّ تحويلها إلى المناطق الفارسية!
 وإقامة المستوطنات الفارسية لتغيير التركيبة الديموغرافية العربية!
 والسيطرة على ثروات البلاد بِمَنْحِ امتيازات استثمارها للشركات الأجنبية!.

* القيام بحملات تفريس البلاد!
وذلك بتغيير الأسماء العربية للمعالِم والمدن والشوارع إلى الأسماء الفارسية!
 وتغيير الملامح العربية في المدن!
 واقتطاع بعض الأراضي وضمّها إلى المدن الإيرانية المجاورة.. وتهجير الأسر العربية والاستيلاء على أراضيها!
 لإحلال الأسر الفارسية محلّها!

*استخدام أبشع أساليب القمع والاضطهاد بحق السكّان العرب!
 * بفرض الضرائب الباهظة!

إيران تحارب أهل السنة: @

كان مسجد لأهل السنة في عاصمة الإقليم * الأحواز * فأغلقته الحكومة الإيرانية .... ومنعت المسلمين السنة من بناء مساجد جديدة! .

وكان في عبادان - ثاني أكبر مدينة في عربستان - كان فيها مسجدان للسنة ... أغلق أحدهما ، ودمر الآخر خلال الحرب الإيرانية العراقية ! وكان مسجد الإمام الشافعي مسجداًَ عامراً بالتعليم والعبادة قبل حكم الخميني! .

وصار المسلمون السنة . يفرغون منازل متجاورة ويحولونها إلى مساجد لهم ... لأن الحكومة الإيرانية تمنعهم من بناء المساجد !
 مع أنه في إيران * 151* معبداً لسائر الأديان ... ومنها معبد للديانة الزرادشتية!

لقد كانت مدينة -عبادان- في الماضي تعد مركزًا لأهل السنة!
 لأن عددًا كبيرًا من أهلها سنّة في الأساس..... وقد أضيف لهم عدد من السنّة الأكراد والبلوش!
 وغيرهم من الذين جاءوا من مناطقهم في إيران للعمل في مصافي النفط والدوائر الحكومية الأخرى في المدينة!
 وأصبحوا يتخذون من جامع الإمام الشافعي مركزًا لهم .
 وذلك قبل سقوط الشاه ومجيء نظام الخميني، الذي زاد في عهده التشدد على أهل السنّة في إيران عامة وفي الأحواز خاصة.