@نحن إمة ضيعها > جهل آبناءها....وخيانة حكامها .... وفشل رموزها....وفتاوي مشايخها...! @آطماعكم >تطرفكم>آحقادكم>>>آلسبب...! @وزد فوق ذلك عيوبكم >تغريبة للإ سلام و آلعروبة.....!!!! @إلى متى هذا آلنوم؟ آين همم آلآجداد ...يا آبناء يعرب... ؟

إيقاظ الوعي الجمعي العام


أعتقد أن مصر والمنطقة العربية كلها تمر بمرحلة خطيرة وصعبة وحساسة ونحن في حاجة لإيقاظ الوعي الجمعي العام عند العرب جميعا حتى يفطنوا وينتبهوا جيدا أنهم غارقون في غيبوبة منغمسون في صراع بلا هدف وبلا قيمة يصب في مصلحة الاستبداد والفساد يساهم بشكل كبير في استمرار المنطقة تحت حكم وسيطرة مجموعة من الفاسدين والمجرمين ومصاصي الدماء والمتاجرين بالدين ، وهذه الأنظمة الفاسدة تعيش وتستمد قوتها من دماء الشعوب العربية الغافلة التي فقدت الوجهة الصحيحة للنضال ، فقدت الاتجاه السليم لتوجيه الغضب والاعتراض وستظل هذه الشعوب تعانى المرار و الفقر والجهل والمرض ونزف الدم طالما جهلوا عدوهم الحقيقي الذي صنع لهم هذا الوهم الذي جعلهم يتقاتلون وعدوهم ــ بجهلهم وحنقهم وغفلتهم عن التفكير في حقوقهم ــ سعيد ومفتون.



باختصار أقدم منهجين للمواطن العربي يختار بينهما لكي يتعلم من أخطائه ويصحو من سباته الطويل وينتفض ويتخلص من سيطرة القيود على عقله ويتحرر فيصنع مصيره بنفسه وبكامل إرداته.



المنهج الأول :ـ



ـ ليس في ثقافته وأدبياته أصلا أن من حقك أن تفكر وليس من حقك تختار ، ولذلك لا يترك لك أي فرصة لهذا التفكير أو الاختيار ، بل يفرض فكره ورأيه ووجهة نظره عليك لأنه يؤمن إيمانا قطعيا انه على الحق والجميع ــ وأنت أولهم ــ على الباطل وأنه يجب عليك أن تتبع فكره وفهمه هو ووجهة نظره هو لأنه على الحق وأنه يدعوك لاتباع هذا الحق وأنه مسئول عنك وأنه يملك الوصاية عليك بأمر من السماء ، يعطيك كتبا يعطيك خطبا يعطيك شرائط مسجلة ، يدعوك لندوات لمؤتمرات لمناظرات ، لا يعطيك أي فرصة للرد على كلامه ويغلق في وجهك كل الأبواب التي تحاول من خلالها تحرير عقلك للبحث والتفكير في كلامه ، فحين تقول له أن فلان يقول كذا وكذا ، عكس ما تقولون يقول لك فلان هذا كافر وضلالي ولا تقرأ لهم ولا تستمع لكلامهم لأنهم سيضلوك وستدخل النار بسببهم ، دعك منهم لو كنت تريد إرضاء ربك جل وعلا ، وفي المقابل يصور لك بعض الأشخاص (الدعاة والمشايخ) الذين يؤمن بهم على أنهم ملائكة فوق مستوى البشر وأنهم لا يخطئون ولا يقولون إلا صدقا وحقا ويجب عليك أن تتبع وتؤمن بما يقولون لأن هذا هو الحق وما دونه هو الباطل ، لا يعتبرون رأيهم وفكرهم واجتهادهم عملا بشريا يقبل الخطأ قبل الصواب ، ورغم ذلك يفرضونه على الناس ويقدمونه على أنه الإسلام الصحيح من اتبعه فاز ومن رفضه خسر.



إذا اقتنعت به وبكلامه وفكره ورأيه ومنهجه في فهم الدين أصبحت من المقربين والأحبة ، ولو حدث العكس ستكون من المقصرين المفرطين في دينهم والرافضين السير في طريق الصلاح والهدى ، هم أدمنوا امتلاك الناس ، تربوا على حب السيطرة على الوعي الجمعي في المجتمع ، لأن فكرتهم مبنية على تحويلك أن وغيرك إلى قطيع لا رأي ولا وجهة نظر لكم وليس من حقكم التفكير في أبسط الأمور الحياتية ، حتى صنعوا منكم أناسا لا يستطيعون التفكير بل يخافون من إعمال العقل ولهذا السبب تجد نفسك دائما مضطرا للسؤال واستفتاء أحدهم في أتفه الأمور ولا يخفى على أحد عدد الفتاوى التي تصل دار الإفتاء كل عام ، ناهيك عن الفتاوى والسؤال في الفضائيات كل يوم وكل ساعة. من مصلحة هذا المنهج أن يتحول المجتمع إلى مجموعة من المغيبين والمعطلين عقليا وفكريا حتى لا يعطيك فرصة للتفكير في حقوقك في المجتمع ليكون من السهل على أي حاكم مهما كان فاشلا وفاسدا ومتخلفا أن يسيطر عليك ولا تملك ثقافة الاعتراض عليه ، ولا تستطيع اكتشاف أو رؤية أو مناقشة فساده وفشله ، بل يعطون هذا الحاكم الفاسد الحق في قتلك وقتما شاء ، يعطون هذا الحاكم الحق في البقاء على سدة الحكم مهما كان فاسدا مجرما ويسولون له كل هذا بروايات ظنية تسول لهذا الحكام سجنك وقمعك وقتلك إن لزم الأمر فهم يؤمنون بــ ( من حق الحاكم قتل ثلث الرعية لإصلاح حال الثلثين) ، ( حاكم غشوم خير من فتنة تدوم) ، ( لا يجوز الخروج على الحاكم المسلم وإن كان ظالما فاسدا) هو يروجون لكل هذا ويؤمنون به ويحاولون إقناعك به على أنه صحيح الدين ، فهم يستغلون الدين لتحويلك لأداة لوجودهم وتقديسهم وأداة تخدم السلطان ، وتتعاقب الأجيال جيلا بعد جيل في خدمة السلطان وعدم الخروج عليه مهما كان فاسدا ، والأكثر من هذا يبيحون لهذا الفاسد قتل جزء من الشعب حين يرى في هذا القتل صلاحا للباقين.



هذا المنهج يبدأ سليما بالكلمة والموعظة الحسنة طالما لم تعترض عليه أو تناقشه ، أو تتوقف مع كل كلمة تسمعها ، لكن عند اللزوم يتحول الأمر لحرب بين طرفين أحدهما مسلم يرى نفسه مدافعا عن الدين ويرى الأخر كافر عدو الله وعدو الدين ، هذا المنهج يخاف أن تكون قارئا مثقفا متفتحا متدبرا ، يرفض ثقافتك ومعرفتك خارج الحدود التي يرسمها لك هو ، (اقرأ كذا ولا تقرأ كذا) ، ويحذرك قائلا لو قرأت كذا ستكفر وتضل وتغضب الله ، هو يخاف أن تقرأ وتفهم وتبحث عن الحقيقة وتقارن بينه وبين غيره فتكشفت جهلهم وكذبهم وخداعهم وإجرامهم في اعتقالك فكريا في خندق الجهل والتبعية العمياء.



هو منهج لا يفكر في صناعتك أصلا ولا يخطر بباله كيف تعيش ، هو يريدك دائما على قيد الحياة ليس إلا ، يستعين بك في الانتخابات يتصدق عليك بالفتات يريدك فقيرا مريضا جاهلا لكى تتلهف للصدقة وترضى بأقل القليل من متع الحياة ، يقنعك أن الفقر والمرض والجهل اختبار من الله ونعمة وأن المؤمن مصاب والمؤمن كثير الابتلاء. هذا المنهج يجعل كل شيء في الحياة حرام وفسق وفجور حتى تختزل طموحاتك وتطلعاتك داخل حدود وسور وسجن من صنعهم هم ، يحرموك من متع الحياة لأنهم يعلمون خطورة أن تكون إنسان يفكر ويتأمل ويفهم ويتدبر ، هم يريدونك شبه إنسان لخدمتهم والاعتماد عليك طوال الوقت.



صنفوك وقسموك إلى مذاهب وفرق وطوائف وشغلوك عن التفكير في حقوقك وشغلوك أكثر وأكثر عن التمتع بنعم الله فتنتهي حياتك وأنت مشغول طوال الوقت بالطائفية والتطاحن مع الآخرين والحقد عليهم حولوا وغيروا بصلة جهازك العصبي نحو إنسان مثلك مظلوم مخدوع بمنهج لا يختلف كثيرا عن منهجهم ، وكلاكما يصب جام غضبه على الأخر بدلا من التعاون والتفاهم وتحويل بوصلة جهازكم العصبي الوجهة الصحيح نحو الحاكم الفاسد نحو التفكير في حقوقكم المنهوبة وكرامتكم وإنسانيتكم المهانة نحو إصلاح بلدكم نحو إصلاح التعليم نحو بناء نظام صحي على أعلى المستويات ، فهذا ما يخيفهم ويرعبهم منكم ولذلك فيجب أن تفنى أعماركم داخل حلبة هذا الصراع الطائفي المصطنع (سني ـ شيعي ـ بهائي ـ مسيحي ـ صوفي ،، ووووو ) وهم يشاهدون هذا الصراع والتقاتل والتطاحن والتشاظي بمنتهى السعادة والفرح والانبهار بقدرتهم على تحويل ملايين من الناس إلى مغيبين مغفلين يتم توجيههم بضغطة زر ، يتم توجيههم بخطبة من أحدهم يحض على الكره والبغض ومزيد من التقاتل والتعصب ونسيان الفساد الطافح الذي نعيش وسنغرق فيه جميعا ، ونتركه لأولادنا وأحفادنا يعانون ولنا يلعنون.



المنهج الثاني :



ـــ يرفض رفضا تاما عرض أو فرض فكره ورأيه وفهمه ووجهة نظره ــ للدين ــ على الناس بالقوة ، ويترك لهم حرية الاختيار ويترك لهم الحق في البحث والاطلاع والمقارنة للوصول بفكرهم المجرد لما يريدون وما يقتنعون بدون تجميل أو خداع أو تلوين أو مكسبات طعم ورائحة أو وصاية من أحد ، لأنه منهج يؤمن أنه من صنع البشر وأن رأيه وفهمه واجتهاده عملا بشريا يحتمل الخطأ قبل الصواب ولذلك لا يفرضه على أحد.



وفوق كل هذا الجهاد السلمي بالكلمة التي يتزعمها هذا المنهج فهو لا يطمح لأي منصب سياسي ، ولا يفكر في اعتلاء الكرسي ، ولا يخطر بباله مطلقا مطلقا العمل الحزبي ، فهو يقدم ويطرح فكرته ليصنع من الوعي الجمعي العام عند الناس خبرة وثقافة ونباهة وحصافة وفطانة ورزانة وتعمق وتأمل وتدبر وتفكر في كل شيء تسمعه أنت أو تقرأه أو تشاهده ، وهذه كلها أوامر الدين الأصلي التي تحض على القراءة والتدبر وإعمال العقل والبحث بنفسك للسعي في الأرض والتأمل فيها والتبصر وأخذ العبرة والعظة والموعظة للوصول للحقيقة ، في النهاية هو منهج يريد صناعة إنسان حقيقي يعرف واجباته تجاه نفسه وتجاه الأخرين وتجاه المجتمع وتجاه الله جل وعلا قبل أن يفكر في المطالبة بحقوقه ، هو منهج متكامل يساهم في تحويل الإنسان من كمالة عدد إلى عضو فاعل ومهم في المجتمع ، هو منهج يقدر قيمة كل فرد مهما كان ويجرم ويحرم قتل النفس ، هو منهج يحميك من النصب والاحتيال باسم الدين يحميك من استغلالك وسرقة حقوقك والتصدق عليك بالفتات منها ، هو منهج يرفض تحميل الإنسان (المواطن) مسئولية فشل وظلم الحاكم ولا يبرر أبدا أبدا ظلم الحاكم ولا يعتبر المواطنين رعية مثل الأغنام ، بل يحرم ويجرم المساس بأي مواطن خارج القانون ، مهما كان مذنبا ، فالقانون هو الفيصل بين الجميع ، القانون على رقاب الجميع الحاكم قبل المحكوم ، لا يميز بين الناس لا يفضل بعضهم على بعضا الجميع سواسية كل مواطن يخدم الأخرين في مكان تخصصه.



هذا المنهج لا يسمح أبدا بفكرة اللوبي أو الكيانات السرية أو المخابراتية ، لأنه لا يُخفي فكرا أو رأيا مهما كان صريحا أو صادما لأنه لا يبتغى إلا الإصلاح مهما كانت ردود الأفعال غاضبة ورافضة.



المنهج الوحيد الذي (يجعل من الدين) وسيلة لإصلاح الإنسان وتحقيق كل أحلامه وطموحاته في الحياة بالمحافظة على كرامته وحفظ حقوقه في كل شيء ، وتحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع ثروات الدولة على المواطنين ، ويرفض رفضا تاما تجميل الفقر والجهل والمرض والبحث عن مبررات له لأن هذا المنهج هدفه الأساسي المحافظة على الإنسان والبحث عن حقوقه في كل شيء ، أن يكون حرا أن يحصل على كامل حقوقه من الدولة في العيش بكرامة وعدالة ومساواة بدون تمييز من أي نوع ، منهج يدعو للتسامح والعفو والصفح والتعاون بين الناس. وفي الأخير سواء اقتنع الناس بالمنهج أو الفكر ، أو لم يقتنعوا ورفضوه رفضا تاما فهذا حقهم وهذه حريتهم لأنهم المسئولون عنها أمام الله ..لأن فكرته الأساسية أن يصنع منهم باحثين عن الحق ، ويخلق منهم أفرادا يفكرون بعقولهم لكي ينعكس هذا التفكير على جميع مناحي حياتهم الاجتماعية السياسية الاقتصادية ، ولا يكون من السهل على أي حاكم فاسد استغلالهم وقمعهم وسرقة حقوقهم باسم الدين.



هذا المنهج يطلب من المواطنين التركيز على البناء والتعمير وعدم التفكير في عقائد الأخرين أو محاولة فرض وصاية عليهم أو محاسبتهم فقط التعاون من أجل مصالح مشتركة من أجل بناء دولة حقيقية تستوعب الجميع توفر للجميع حياة كريمة آدمية تليق بالإنسان نبذ ورفض العنف والتعصب والطائفية والمذهبية ، لنشر فكرة التقارب بين الناس ، ومبدأ كلنا أصحاب وطن واحد كلنا أصحاب مصلحة واحدة كلنا أصحاب هدف واحد كلنا شركاء فيما نصنعه في هذا الوطن ، إذا نجحنا في بناء دولة متقدمة متحضرة متطورة سننعم جميعا ونهنأ بالعيش نحن وأولادنا وأحفادنا ، ولو سملنا واستسلمنا لما يروجه الأخرون وانشغلنا وانغمسنا في الطائفية والمذهبية لنقطع أوصال هذا الوطن ونحرقه ونحترق معه ، لأننا في قلب الحدث سنذوق ما قدمته أيدينا ، وسنترك لأولادنا وأحفادنا ميراثا ثقيلا من الخراب والدمار يجهدهم ويرهقهم ويضيع اعمارهم لكي يتخلصوا منه وهم يلعنون أسلافنا كل دقيقة وهم يعانون من هذا الميراث.



إذن أنت أمام أمرين ومنهجين وفكرين وطريقتين للحياة بدون تسمية أو تصنيف ، يجب عليك أن تحقق وتدقق وتفهم وتتدبر وتتعقل وتتأمل لا تنساق ولا تنخدع ولا تنبهر بكلام س أو ص لا تنجذب لمعسول الكلام ، ثم عليك الاختيار دون وصاية من أحد وبكل حرية بعد تفكير عميق وتركيز دقيق ، وتذكر أن ما تختاره اليوم هو غدك الذي ستتقابل معه قريبا ومستقبل أولاد وأحفادك القادمون ، أنت دائما في موقف اختبار واختيار لذلك لابد أن يظل عقلك ووعيك في حالة انتباه وتفكير لا تعطى أي مخلوق الحق في التصرف نيابة عنك ، لا تعطي أي مخلوق الحق في التحدث باسمك لا تعطي أي مخلوق الحق في اقتناص حقك في الحياة مثله ، يمكنك التصدق بمالك بكل ما تملك من حطام دنيوي كل هذا يمكن تعويضه لكن أخطر شيء أن تتنازل وتفرط في حريتك في حقك في التفكير و الاختيار فهذا ما يمكن تعويضه أبدا أبدا وليس لك أي عذر حين تمنح غيرك الحق في التسلط عليك والوصاية عليك والتفكير والاختيار لك ثم تشتكي سوء الأحوال وقلة ذات اليد والظلم والاضطهاد والفساد والاستبداد فكل هذا أنت تشارك في صنعه بإرادتك حين تفرط في حقوقك واحدا تلو الأخر..



النظام الغامض، يراه البعض كالأفعى

تختلف الأنظمة الاستبدادية العربية في شكلها ومظهرها، إلا أنها تتفق وتتجانس في جوهرها، فالاستبداد واحد ومصادره مختلفة.
 قد يكون النظام ملكيا، تستولي الأسرة الحاكمة على مقاليد الحكم فلا تترك لجهة ما في نظام الحكم التصرف في شؤون الرعية إلا بإيعاز منها. وقد يكون النظام جملكيا خاضعا لسلطة الرئيس وعائلته والموالين له من العسكر والحزب فتمتد قبضته من خلالهم على كلّ دواليب الحكم، وتتم بعد ذلك السيطرة على أنفاس الشعب. كما قد يكون النظام دون وجه ظاهر، ولا مسؤول بارز، ولا شخصية كارزماتية يلتف حولها الشعب، تسيّر شؤون الرعية دون رئيس مسؤول، ولا وزير مسؤول، ولا حاكم في أيّ درجة من درجات السلطة مسؤول عن حكمه، وذلكم هو النظام الغامض والخطير.

النظام الغامض، يراه البعض كالأفعى ذات الرؤوس السبعة، كلّها خطيرة وسامة، ويراها البعض الآخر كالمستنقع الآسن الذي تصعب فيه السباحة إلا لمن أتى المناعة القوية والعضلات المفتولة. يعيش الشعب تحت أجنحته المتصارعة أحيانا والمتجانسة أحيانا أخرى الآلام والمتاعب، لا يعرف مسؤولا يخاصمه ولا حاكما يتمرد عليه ولا زعيما يهرع إليه لطلب المساعدة.

الرئيس في ظل هذا النظام شخصية توافقية، ويفسر المحللون السياسيون الشخصية التوافقية بالتي تطالها أيدي المقررين وتتحكم فيها إلى حين. رئيس أشبه بالواجهة، يخطب ويقرر، يزور ويدشن، يعيّن وينهي المهام. يُنتَخب بأكثر من ستين في المئة من أصوات الشعب، وليس تسعا وتسعين بالمئة كما كان سابقا.

من خصائص هذا النظام أنّ واجهته لا تقلّ في شيء عمّا هو موجود في النظام الديموقراطي. يُعيِّن حكومة، يُقدِّم برنامجه إلى البرلمان للمصادقة، ويبدأ العمل وفق الميزانية المخصصة لكل قطاع، ووفق البرنامج المسطر من طرف الحكومة، ويختلف عنه في تحمل المسؤولية، فالنهب والاختلاس وإهدار أموال الشعب، ليست من مسؤوليات الحاكم، ولا الرئيس ولا الوزير ولا الوالي ولا غيرهم. ملفات ضخمة ومتراكمة مكدسة في دهاليز مظلمة تنتظر يوم دخول أحدهم إلى المعارضة لتتم تصفيته بالدليل والبرهان.

قد تتصادم من حين لآخر رؤوس النظام فيما بينها، ويمكن مشاهدة نتائج الصدام جليّا من خلال مظاهرات عارمة لقطاع من الناس، أو سيارات مفخخة في مناطق معينة، أو اضطرابات يليها الحرق والنهب والهدم من طرف الشباب الغاضب، أو تقاتل بين منطقتين لأسباب مفتعلة..

في ظل هذا النظام الغامض قد تتحكم مديرية في مصير الأمة، تعيّن الرؤساء، تعزل الوزراء، تنصب الولاة، ترقّي أفراد الجيش والشرطة في مناصب عليا، لها من الصلاحية وطول اليد ما لا يمتلكه أحد. ورغم هذه القوة التي تمتلكها إلا أنها لا تجرؤ على محاسبة أحد خوفا من تمرد الآخرين عليها. لها صلاحية التعيين والعزل، ولا تملك صلاحية المحاسبة والرقابة. لذلك تجد في هذا النظام عشرات الألاف من المرتشين والمختلسين لأموال الدولة، الملايين من العمال الذين يتظاهرون بالعمل، الآلاف من السياسيين المنافقين، كلّ شيء مفبرك ومفتعل.

خطورة هذا النظام تكمن في الغموض الذي يكتنف سياسته وقضاياه، كلّ الناس مسؤول، وكلهم غير مسؤول. لا تتعجب إن شاهدت على رأس منظمة نقابية عمالية شيخا في السبعين سنة، ورئيس جمعية أولياء التلاميذ عازبا منذ ولادته. معدل سن الحكومة يتجاوز السبعين سنة ومعدل سن الأمة لا يتجاوز الثلاثين سنة. شيوخ أرادوا الخلود على كرسي الحكم.

مرّ على هذا النظام سبعة رؤساء، (كلهم خضعوا لآلة التشويه، إلا أنّه لم يمس أحدهم بسوء)، وعشرات الحكومات (لم يتم محاسبة حكومة منها)، ومئات الوزراء، (بعضهم اكتنز المال والذهب من منصبه، ولم يحاسب أحد منهم). لم يغيّر النظام طريقة عمله، ولم يتأثر بالحراك الشعبي والقلاقل التي تندلع من حين إلى آخر، هنا وهناك. مظهره من الخارج أشبه بنظام أوروبي ديموقراطي، حكومة تنصب وحكومة تغادر، رئيس تنتهي عهدته ورئيس تبدأ عهدته، إلا أنّه من الداخل عصابة تتقاسم الأدوار وتتلاعب بخيرات الأمة ولا رقيب.

متى يزول هذا النظام المتعفن الذي يعيش أنفاسه الأخيرة؟ لست أدري، وإن كانت كلّ المؤشرات توحي بنهاية قريبة، نتمنى من الله أن يكون التغيير سلسا دون عنف.

               






الخيانة والطيش سور الوطن

كما ان معتقداتنا طقوسية في الغالب نرثها معلبة بالكامل عن ابائنا وامهاتنا ومحيطنا ، فان هذا الارث انسحب على ما نتبناه من افكار لا تمت للمعتقدات بصلة . منذ ان نشأتُ ، ومعي ابناء جيلي المنكود ، كنت اقصف يوميا بمدفعية الاعلام البعثي الفاشوشي التي لم تدع منقبة نزلت على الكون الا و الصقتها ظلما وعدوانا بالجيش العراقي الذي تؤثم ان لم تصفه بانه باسل . و شئتُ أم ابيتُ كنت اردد مع الببغاوات ما قاله الجواهري في نونيته الخالدة : جيشَ العراق ولم ازل بك مؤمنا ... وبانك الامل المرجى والمنى . طبعا من حق سلطان شعراء العمود ابي فرات ان يتغنى بالجيش كما تحلو له قريحته المبدعة ، اذ لديه من التفجر اللغوي الملهم والملكة الشعرية المتدفقة ما يسهل عليه قلب الحق باطلا والباطل حقا . لكننا لسنا مجبرين على مسايرة الرجل فكرا بالقدر الذي نسايره شعرا ، ثم ان الرجل نظم نونيته العسكرية بعد انقلاب ٥٨ الذي اطاح بالملكية الدستورية الشرعية "مع الاسف"

 وانا على يقين من ان الجواهري لو اتيح له بعد ذلك ان يطمس ذكرى نتاج من نتاجاته الادبية لطمس هذه القصيدة التي اصبح مطلعها كالعلكة في افواه البعثيين وهم لا يدرون - لغبائهم المطبق - بانها غمة عليهم و ليست نعمة لهم . لا يوجد بشر على الارض لا يسره ان يفخر بانجازات جيش بلده ، لان هذا التنظيم الاستهلاكي بامتياز ، يفترض ان يدين له اي شعب في الحفاظ على الارض والعرض معا . لكنني تصفحت الايام السود التي فتحت عيوني من خلالها على الدنيا مطلع الثمانينيات فلم اجد مثلبة الا و كان رائدها هذا الجيش الذي يعقد المرحوم الجواهري كل اماله وأمانيه على بساطير جنوده

 بدءا من حرق قرى كردية على رؤوس سكانها الكادحين منتصف السبعينيات ، الى الحرب المجنونة على ايران وانتهاء بهزيمة الموصل المذلة واخواتها الاكثر اذلالا ، يمتد حبل غليظ من الاجرام والهزائم التي تحققت على يد مؤسسة انفق عليها ما يكفي لاقامة آلمانيا اخرى على ارض المريخ . سل اي جندي عن الفظائع التي ارتكبت بحق اهالي المحمرة "خرمشهر" وهي عربية بامتياز الا ما استعجم منها . يحكي لي جندي زاملته مطلع الثمانينات في الفيلق الرابع بالعمارة انه فتح نيران رشاشته الالية على محل راق لبيع معلقات الاضاءة الباذخة المصنوعة من الكريستال لانه وجد نفسه عاجزا عن سرقة اي قطعة منها و ادخالها الى العراق لضخامة حجمها ، ففاتته غنائم الفرس المجوس

 اما انتهاك الاعراض في المناطق العربية من محافظة خوزستان " ٦٥ ٪ عرب " فهو مما تندى له حتى جباه الخنازير . حلبچه ، الانفال ، حملات ابادات الشيعة والمعارضين في اهوار الجنوب ، تطهير السجون ، اغتیالات علماء و مراجع ، حملات اعدامات عشوائية كانت تشن يوميا بل وفي كل ساعة على الهاربين من قتل اخوانهم المسلمين في الجبهة الايرانية الممتدة لاكثر من الف كيلومتر ، تجريف بساتين باكملها ، تجريف بلدات باكملها ، تنظيم مقابر جماعية ما اكتشف منها على هوله لا يعادل ما لم يكتشف حتى الان ، مطاردة الهاربين من خدمة شياطين العوجة وازلامها في بيوتهم وانتهاك اعراضهم و ابادة ذويهم . ما اقترفته قواتنا من جرائم بحق اهالي الكويت التي كانت جسرا لامداد العراق بالمال والسلاح السعودي لتغذية الحرب ضد ايران . سرقات العراقيين من الكويت بما فيها احتياطي الذهب وارشيف الاخوة الاعداء

 ممارسة ابشع انواع التنكيل بكل من علقت بثيابه رائحة الانتفاضة الشعبانية التي هتكت استار النظام الحديدي . تحول وحدات الجيش العراقي وقادته من وسيلة لحفظ كرامة الشعب الى الة رعب توجهت سبطاناتها الى صدور الابرياء العزل بمن فيهم الاطفال والنساء والعزل . هل يكفي هذا ؟ ام نحتاج الى سرد المزيد من فظائع جيشنا الباسل ؟ لا اتحدث عن مسلحي بوكو حرام في نيجيريا ، انه تاريخ قواتنا البطلة في نصف قرن . فباي شيء سنفخر بعد اليوم ؟ و عن اي منجز سنتحدث لاولادنا الذين اتوا او الذين سياتون ؟ انه سلسلة كارثية مترابطة الحلقات من البطش والفتك والقتل والتدمير و الكيمياوي وغازات الاعصاب واهدار الموارد وفقدان الارض والعرض والمياه معا . كل هذا وياتي بطران يتلو عليك بحماس نشيد : الطيش سور للوطن ... يحميه ايام المحن ... ارواحنا ، اجسادنا ، تفدى له بلا ثمن ، الجيش سور للوطن ، ثم يلعن اميركا التي تتآمر علينا نحن المسلمين . ولم اسمع في حياتي ولا اريد ان اسمع عن بلد يفدي فيه المواطن روحه للجيش ، فيما تنص انظمة تاسيس الجيوش على ان العسكر هو الذي ينبغي له التضحية من اجل من ائتمنوه على ارواحهم . كل ٦ كانون وانتم في انجاز آخر باذن الله




الأنظمة الفاسدة المتعثرة المسؤولة عن كل ماأصابنا!

ليست الشعوب هي المتهمة دائماً بالتقصير, ولا هي المُلامة على ارتفاع معدلات الإخفاق والتخلف، فالأنظمة المتعثرة هي المسؤولة عن كل ما أصابنا من مصائب ونوائب ونكبات، بيد أن مؤشرات الفشل التصقت بالشعوب النائمة, فظهرت الفوارق بين الأمم واضحة وضوح الشمس في منتصف النهار.

فالفرق بيننا وبين ألمانيا أنهم يدعمون الفاشل حتى ينجح, ونحن نحارب الناجح حتى يفشل, ونحاصر الكفء حتى يهرب, ونستفز الحليم حتى يصاب بالجنون, ونحارب العاقل حتى يفقد عقله.

والفرق بيننا وبين السويد أن احتفالات التخرج لطلبة المدارس والجامعات تبدأ عندهم بعد انتهاء الامتحانات مباشرة, فالنتائج تُعلن على الفور, ولا تكتمل الأفراح السويدية إلا بإطلاق العنان للاحتفالات الطلابية في عموم البلاد, بينما لا تظهر النتائج عندنا إلا بعد أن تُدمر بلدوزرات القلق آخر ما تبقى من أعصاب طلابنا وطالباتنا, حتى يصلوا إلى درجة الانهيار, فيقطعون الظن باليأس. ولا وجود للاحتفالات في مسيرتنا التعليمية إلا في مناسبات نادرة, وخارج منابع الأحزان المتجذرة في بلادنا.

والفرق بيننا وبين فنلندا هو انتصارها على الجهل والتخلف, وتفعيلها لبرامج (محو الأمية), بينما نجحنا نحن في تطبيق برامج (نحو الأمية), حتى تفشى الجهل في الأرياف والبوادي.

والفرق بيننا وبين النرويج أن صندوقهم الاحتياطي من مواردهم النفطية بلغ (520) مليار يورو, وفتحوا حسابات في البنوك بأسماء مواليدهم الجديدة, وضعوا فيها حصصهم المُستَحقة من عوائد النفط, أما نحن ففقدنا حصتنا التموينية, وتبخرت معظم موادها الرديئة, ولا علم لنا بما تبقى من نقود في صندوقنا الاحتياطي, على الرغم من تفوقنا عليها بتجربتنا النفطية, وحقولنا الغنية, والعجيب بالأمر أن الذي يدير الأنشطة البترولية في النرويج هو عراقي أبن عراقي من سابع ظهر, وبصراوي أبن بصراوي من سابع ظهر, وهو الخبير النفطي (فاروق عبد العزيز القاسم), الذي صار من أشهر خبراء النرويج وأرفعهم رتبة في بلاطها الملكي, أرجو أن تبحثوا في الانترنت عن مقالتي, التي كتبتها عنه بعنوان: (العراقي الذي صار أميراً في النرويج).

والفرق بيننا وبين اليابان أن الفوائد السنوية المترتبة على الودائع المالية في البنوك اليابانية هي (0.1)%, بينما تصل عندنا في العراق إلى (8)%, فاليابان تحفز شعبها على الاستثمار في المشاريع الصناعية, ولا تشجعهم على الاستثمار في البنوك, حتى لا يدفنوا أموالهم فيها, ويعتمدوا على هباتها وعطاياها السنوية, وهذا ما جعلها في مقدمة البلدان الصناعية العملاقة, وجعلنا من أشهر رواد المقاهي والملاهي ومجالس الثرثرة.

والفرق بيننا وبين الهند, أنها وعلى الرغم من علاقتها الوطيدة مع الفقر, إلا أنها أنتجت أرخص كومبيوتر  محمول في العالم, بسعر (35) دولاراً فقط, وأنتجت أرخص سيارة بسعر (2000) دولاراً, ذلك لأنها آمنت بفكرة الارتقاء بمواردها الوطنية البشرية, ولم يزعجها تبوئها للمركز الثاني في التعداد السكاني الهائل بعد الصين, أما نحن فقد أصبح نمونا السكاني الطفيف هو الكابوس الذي أزعج قادتنا, زاعمين أن تلك الزيادة السكانية التهمت ثمار التنمية, فمزقونا بالحروب الطويلة, والإعدامات الجماعية, والعبوات الناسفة, والعجلات المفخخة, حتى اصطبغت شوارعنا باللون الأحمر, واتشحت جدراننا بالسواد, ثم سمحوا للأمطار والمجاري الثقيلة بإغراقنا, وحققوا لنا أعلى معدلات الإصابة بأمراض السرطان, وأمراض الكلى والكبد وضغط الدم. 

ولا فرق بيننا وبين الصومال من حيث الأوضاع العامة, فنقاط التشابه بين البلدين, والتقائهما في الكثير من الحالات, تثير العجب وتبعث على الدهشة, حتى أن الشمس تشرق في مدينة السماوة العراقية وفي مدينة مقديشو الصومالية في آن واحد, فكليهما تقعان على خط طول (45) درجة و(20) دقيقة شرقاً, أما الفرق الوحيد بيننا وبينهم هو أننا نمتلك ثاني أكبر احتياطي نفطي في كوكب الأرض, وهم لا يمتلكون شيئاً. 




آل سعود -هذي بضاعتكم


 في الوقت الذي علـّق فيه الأردن مشاركته بالطلعات الجوية لقتال ما يسمى بـ”داعش”، بانتظار جلاء ملابسات إسقاط الطائرة المقاتلة الأردنية فوق سماء الرقة السورية، ووسط خلافات حادة ضمن “التحالف”، يقع حادث أمني شديد الخطورة على الحدود الأردنية-السعودية تجلى بمقتل العميد السعودي عودة البلوي، قائد حرس الحدود الشمالية، ونائبه العقيد سالم العنزي إضافة إلى الجندي طارق حلواني، جراء اعتداء وقع في مركز “سويف” التابع لجديدة “عرعر”، على الحدود الشمالية. وإن لم تعد حوادث القتل والخطف والذبح وتدمير البنى التحتية وتهديد الأمن والسلامة العامة، وانتهاك سيادة الدول، أمراً مستغرباً ومستهجناً في حقب “الدواعش” و”الربيع العربي”، أو التعبير الأكثر شيوعاً، وتنميقاً أي “الثورات”، أو تثير الكثير من الاستهجان أو الاستنكار، بعد هذا الانفلات غير المسبوق، والتطبيق الأمثل لمبدأ الفوضى الخلاقة التي جادت به قريحة طيـّبة الذكر الآنسة، أو السندريلا كوندي، كما سـُرِّب من مذكرات العقيد القذافي، أحد أبرز ضحايا، و”قرابين” معشوقته الأمريكية الرفيعة، لكن أن يضرب “الإرهاب” مسؤولاً أمنياً سعودياً رفيعاً بهذا المستوى

 فثمة دلالات ومضامين كثيرة للحدث، أولاها عدم حصانة أحد من سرطان الإرهاب، الأمر الذي لا يحمل فألاً طيباً، للملكة الصحراوية، التي تغفو على بركان، وبرميل بارود حقيقي، زاد من مخاطر انفجاره، القرارات السعودية الانتحارية الأخيرة، باللعب العبثي في سوق النفط العالمي، الذي استدعى انتقادات عنيفة من داخل الأسرة المالكة السعودية، ناهيك عن أنه قد يلامس العصب المالي لأقوى حلفائها، أي الولايات المتحدة، ويصيبه بضرر كبير، ويجعل من مشروع الأخيرة لاستخراج النفط الصخري، هباء منثوراً، ومن دون أية جدوى اقتصادية تـُذكر، مع كل ما أنـْفـِق عليه، وما بـُنـِيَت عليه من آمال أمريكية كبرى للسيطرة على، والتحكم بقطاع النفط العالمي وتلك قصة أخرى قد يطول شرحها، والبحث فيها. غير أن الجانب الأمني في الحادث الحدودي، هو الأبرز، لاسيما أن المملكة الصحراوية، تحاول أن تقدّم نفسها، كواحة للأمان، ومُحاضـِرة بالسلام، ومـُنـَظـِّرة للديمقراطية، وبعيدة كل البعد عن كل مؤثرات، وتأثيرات المحيط المضطرب بالفوضى، و”الثورات” والغليان، والإرهاب، وقد لا يكون ذاك اليوم، بعيداً جداً، حين تضرب ذات “الفوضى الخلاقة” مجمل الأراضي السعودية، ويختلط حابل الفوضى بنابل “الثورات”، ليصبح التقسيم، وتفتت مملكة عبد العزيز بن عبد الرحمن، أمراً واقعاً، وهذا هو أسوأ كوابيس آل سعود

 بهذا المنطق، والمعطيات، قد لا يبدو البحث عمن هو المستفيد من عملية أمنية كهذه، أمراً ذا شأن، وذلك نظراً لكثرة، أو للتكاثر المضطرد لأعداء آل سعود المتربصين بهم، في الإقليم وخارجه، ولكل أجندته وحساباته، لكن أن تأتي الضربة الأمنية من الحدود الأردنية، أو العراقية (الآمنة جداً والمحمية إليكترونياً وطبيعياً)، وليس من الحدود اليمنية “الحوثية”، وحتى القطرية، أو البحرينية، فذلك أمر يستحق التوقف عنده طويلاً، فيما بدأت قطاعات واسعة من الشعب الأردني بالتذمر بسبب التورط، أو التوريط السعودي للأردنيين في حروب الإقليم من دون أن يعود ذلك بأي نفع يذكر على الأردنيين، اللهم زيادة مخاطر الإرهاب والتهديد الداخلي للملكة الأردنية الفقيرة، كما لا يـُغفل ما يثيره وقوع الطيار الأردني معاذ الكساسبة من حساسيات قبلية وعشائرية على جانبي الحدود قد تفسـّر بعضاً، أو جزءاً من حادث اغتيال البلوي، الذي يعتبر المسؤول شخصياً، وكما قيل، عن “توريد” الإرهابيين “الثوار”، إلى الداخل السوري بالتنسيق مع الهاشميين

 هذا في الوقت الذي يـُستلزم فيه الحذر، وقد يكون من المبكر جداً، توجيه أصابع الاتهام لأية جهة، في ظل تناسل الفصائل “الثورية” (الإرهابية)، وتباين مرجعياتها، وتعدد استراتيجياتها، أو رد الأمر لسعوديين يحاولون العودة بالقوة، ودخول السعودية تسللاً، وذلك لاعتبارات وغايات كثيرة. لكن ومهما يكن من أمر هذا الحادث، وما سبقه، وما قد يتلوه، وتعدد تأويلاته، فهو تفصيل صغيرة في عنوان عريض جداً اسمه الإرهاب الدولي، والذي كانت السعودية من أكبر تجاره و”المضاربين” بأسهمه، وهو من ذات “البضاعة الثورية” التي حاولت السعودية “تصديرها” لدول الإقليم والجوار “الشقيق”، تحت عناوين براقة شتى كـ”الربيع”، و”الثورات”، وما شابه ذلك من تسميات منمـّقة لم تكن، حقيقة، إلا غطاءاً للإرهاب والقتل وانتهاك سيادة الدول والفتك بالمجتمعات. تلفزيون ليفانت

كنتونات آلمفاسد

إنه الفزع الأكبر في بلاد الخليج، عمَّ الفساد في البر و البحر، و أصبح من المعيب أن لا نتطرق لهذه الآفة التي قد تمتد لا سمح الله إلى مناطق أخرى في بلاد المشرق. ينقسم الشذوذ في الخليج إلى أنواع رثَّة، كقُبحِ حتّّى، في مواضع شتّى. أنواع الشذوذ تشمل الشق الجسدي إلى الفكري، فالإجتماعي، و الديني إلى الإنساني و ما ملكت أيمان المعاني.

تعتبر العادات الإجتماعية في الخليج من أهم الأوبئة التي مني بها هذا الشعب، و زاد الترف المفاجئ الأزمة. يكفي لنأخذ عينة عشوائية من بلد خليجي لنجد أنفسنا أمام ظاهرة تستحق الدرس، و يقف عندها فلاسفة و تجعل فرويد (FREUD) يحك في رأسه. كيف يمكن لبلد يعتبر فيه الشذوذ الجنسي من محرمات الأرض و السماء أن نجد أعداد مخيفة من الشاذين؟ لا يخلو ضف ثانوية عامة من هذه الآفة. و لا نبالغ لو قلنا أن العدد يتجاوز الربع، و هذه شهادات من الداخل. لماذا في بلاد الغرب حيث يتم التبشير و التحليل و الدعاية لألوان الشذوذ نرى فقط طالب واحد شاذ في الصف؟ تفسيري لظاهرة هذا اللون من الشذوذ أرجعه لعدة أسباب:

١) الطقس الحار و الطعام الحار الذي ينسفه أهل تلك المناطق يساعد لإيقاذ الشهوة الجنسية.

٢) العادات الإجتماعية التي تساهم بالفصل بين الجنسين تساهم بتحويل الفقرة ١) إلى شذوذ، حيث في ذروة النشاط الهورموني للمراهقين، و هذه الذروة توقع الشخص في الحب، و لكن لا يوجد الجنس الآخر لإبداعات التخيلات عند المراهقين و بالتالي الضحية تكون من نفس الجنس. لذلك تكثر في هذه البلاد البويات، و الغيرلات.



المفسدة الثانية، تتجلي بالشذوذ العنصري، حيث يعتبر الخليج من أبرز البلدان التي حافظت على الطابع الجاهلي و هو العبودية. حيث يعتبر أهل هذه المناطق الغرباء عبيد، و منهم العبدء الكفوء صاحب الخبرة، و منهم عبد العبيد الأنجاس المناكيد و هؤلاء يبنون الأبراج و الأهرام في الخليج و يخدمون في القصور. و لا تخلو العنصرية من ظلم السكان الأصليين كما هي الحال في بدون الكويت، و هم بلا هوية حتى الآن.
العبودية جعلت الأجيال التي تربت على حنان غير الأهل تبحث عن الأهل الحقيقين. هناك قصة مؤثرة عن كويتي جال الهند ليبحث عن مربيته و يكرمها، فصدق أحمد شوقي:
ليس اليتيم من انتهى ابواه من هم الحياة وخلفاه ذليلا
ان اليتيم هو الذى تلقى له اما تخلت او ابا مشغولا
إذاً تلك ظاهرة الإستعباد سينقلب حمدها ذماً عليه و يندمِ، إذْ أصبحت بعض دول الخليج عبارة عن 10 بالمئة سكان أصليين و الباقي أجانب سيعلنون دولتهم في القريب أو البعيد العاجل. أتوقع ثورة الهنود في الخليج على شاكلة ثورة مالكوم إكس في أمريكا.



المفسدة الثالثة تتمثل بالشذوذ الديني، حيث تحول الإسلام هناك إلى إسمام، تَمَّ تسميم العقيدة الإسلامية بإسرائيليات الوهابية و السلفية و مشتقاتها. و ما حصل هو تخصيب هذه المَفسدة بالمَفسدة الرابعة و هي المال و الترف، مما أحدث مَفسدة مُشعة خامسة، ألا و هي إراقة الدماء. إنتشرت إشعاعات هذه المادة على مشارق الأرض و مغاربها، فتحول كل مجرم يريد فِعل ما هو ممنوع من الفعلْ إلى: أبو فعلة الفعلاني. يعني أبو طلحة الألماني، أبو محمد الجولاني، أبو حمزة الأفغاني ... تفعيلات الموت على البحر البسيط، أُقتُل بِنفَس طويل. هو فعل فواعل إشعاعات المفسدة المشعة من هذا المفاعل.



المفسدة السادسة هي إكرام المستعمر و تحقير أهل البيت، و هذا يعني أن المسلم او العربي بحاجة إلى تأشيرة دخول ليذهب الى الخليج بينما الأوروبي يدخل على جواز السفر فقط. قال لي عربي قضى عمره في بلد خليجي أنه يحسدني لإني أمتلك جواز سفر غربي يتيح لي الذهاب إلى البلد الذي أمضى فيه عشرين سنة، و ولد و ترعرع فيه، و هو لا يقدر الذهاب بجواز سفر بلده العربي. فقلت له أنا أحسدك أيضاً لإنك لا تقدر أن تذهب إلى هذا البلد، فهذا أمر جيد. و المفارقة أن الخليجي يدخل ديارنا آمناً بلا تأشيرة و لا تحصيلة، و عندما يقترف جريمة أو يخل بالأمن كحال القطري الذي كان يمول القتل في شمال لبنان و في سوريا، يتم إرساله إلى بلاده على متن طائرة خاصة معززاً مكرماً، و هذا الخليجي عندما يذهب الى الغرب فإنه بحاجة إلى تأشيرة، و الشرطي الغربي يرتدي قفازات و يفتشه "إنْ ديپ" (IN DEEP) يعني لمن لم يفهم العبارة، القفازات ستساعدكم على فك التشفير. كان عربي يخبر عن معانته في إحدى مطارات أوروبا ، فقال: "إرتدى الشرطي القفازات"، و توقف عن الكلام و الكل فهم ما معنى مدلول القفازات. فعَّم هدوء ثواني و تخيل الحضور المشهد و علت القهقهات على إيقاع موسيقي واحد. فقه القفازات يمكننا إضافته على إرث آل سعود الثقيل، حيث أول بهيمة قامت بتفخيخ باب البدن هي من التبعية السعودية. و لغير الملمين بالموضوع هناك فقه إستعمال باب البدن في الجهاد، من خلال فتح هذا الباب للرذيلة (راجع فتوى إباحة اللواط إذا كان يخدم الجهاد) أو من خلال إغلاقه بأصابع ال تي أن تي (راجع أول عملية إستشهادية طيازيية).




المفسدة السابعة هي السرقة و هذه المفسدة تتمثل بالعائلات الحاكمة التي تنهب ما تحوي هذه الأرض في بطونها، و يتم هدر الأموال على اللهو و بناء النواعير، و يجهدون منافسة مَنْ ناعورَه أطول مِنْ ناعور جاره، و هذا ما تعمد على فعله السعودية ببناء ناعور أطول من ناعور شيخ دبي.
يتم بذخ الأموال في أوروبا و امريكا، و شراء السمك في ماء البحر الغربي، و نظرية شراء السمك في البحر هي أحد شروط تنصيب الحكام في الخليج، و وقعت إيران الشاه في الفخ سابقاً، و تم مصادرة أموال إيران المستثمرة في الغرب، و للعلم إيران تملك أسهم في شركة اريڤا للطاقة النووية الفرنسية، لكن تم سرقة الأموال بعد الثورة. و يكفي لكم من عِبْرة، أموال صدام حسين التي بلعتها بنوك سويسرا، أما أموال ليبيا و تونس و مصر، فلا تسأل. هنيئاً للخليج بشراء الديون الأمريكية، و الغربية و أندية ركل الكرة المطاطية. نعم إنه شراء السمك في البحر. أموالكم ليست لكم و لشعبكم، كلوا و تمتعوا إلى حين.



هي مفاسد كسرت لوح وصايا موسى (ص) و تعاليم السيد المسيح (ص)، و دين خاتم الأنبياء النبي محمد (ص).
عندما نَصِفْ شيوخ الوهابية بالشياطين

في البدء سأحدثكم عن قصة ناسك بني إسرآئيل و الشيطان، و منها عِبَرْ و توصيف لِحَالْ من سار على خُطى الدجالْ.
هي قصة ناسك عابد، إعتزل ملذات الدنيا و تصوف في صومعة من خشب و قش، و بات يعبد الله صبح مساء، و يقضي الليل في الصلاة و العبادة حتى الإرهاق.
شاع سيط هذا الناسك في بني إسرائيل حتى أصبح مضرب مثل بين الناس. ولأن الشيطان ينشر الزنا و الفحشاء، قرر أن يفسد هذا الناسك، فما كان من الشيطان إلا أن تمثل في وجه شيخ صالح و ذهب إلى صومعة الناسك، و طلب منه أن يستضيفه بضعة أيام. ففرح الناسك بصحبة الشيخ.

كانت حيلة الشيطان مبهرة، كلما تعبد الناسك ساعة، تعبد الشيطان أكثر، حتى عندما كان يتعب الناسك و ينام كان الشيطان مستيقظ يعبد الله. ذهل الناسك لعلامات التقوى في هذا الشيخ و سأله ماذا حصل من أمرك حتى صرت في هذه الدرجات من التقى؟ قال الشيخ الشيطان إنه صعب المنال و لا يمكن لك أن تصبح مثلي. بعد طول إصرار، قال له: أنا كنت عابد مؤمن بالله، وقعت في الرذيلة، لقد زنيت، و بعدها تبت، و هذه الدرجة من الإيمان لا تأتي إلا بعد ذنب عظيم وتوبة أعظم. نجح الشيطان فأغواه.


قصد الناسك بيت زانية كنت معروفة في بني إسرائيل، و كان الناسك يحثها على التوبة. إنصدمت الإمرأة بقدوم الناسك لدارها، و أصرت أن تعرف، لماذا كان ينصحها من قبل و الأن أتى ليراودها. أخبرها بقصته مع الشيخ، فقالت له: إنه الشيطان يا عبدالله، و هو من أوقع بي أيضاً.
فلطم الناسك على رأسه و قال: يا ويلتي، أنا من أفنيت عمري في العبادة لم أفهم، و الزانية كانت أعلم مني!

عندما نَصِفْ شيوخ الوهابية بالشياطين، قد نصيب كبد الحقيقة، فما تحليلهم لزنا جهاد النكاح إلا تعليم الشيطان.
فهؤلاء المغرر بهم، يذهبون ليمارسوا الرذيلة على أنه باب من أبواب الجهاد و التقوى، بإغراء من شيوخ الوهابية.
يقطعون رؤوس الأطفال، يغتصبون النساء، طمعاً برحمة الله و الجنة.
كل من يتبع شيوخ الوهابية، فإنه إتبع الشيطان، و لم أجد أبلغ من قصة الناسك و الزانية و الشيخ الشيطان، لتوصيف شيوخ شياطين هذا العصر، اعتبروا يا أولي الألباب.
العرب أكثر شعوب الدنيا تخلفا وجهلا ؟ من المسئول ؟ وإلى متى ؟

للتخلف مظاهر كثيرة ولكنّ أخطرها هو العجز عن الحوار والنقاش وقبول الآخر ، وحل المشاكل بين أبناء الشعب الواحد ضمن الوطن الواحد بالحوار والطرق السلمية، وأحيانا غياب الحوار حتى ضمن العائلة الواحدة ، بل والبيت الواحد!! . حينما يغيب الحوار وتأخذ مكانه الأصوات الصاخبة والأيدي المرتفعة والبنادق المرتفعة فنحن بالتأكيد أمام أخطر حالة من حالات التخلف والجهل ،بل والتوحّش، ولا يفيد معها مليون برنامجٍ ومقالٍ وكِتابٍ وتصريحٍ عن الماضي الغابر والمجيد وعن حضارةٍ مغروسةٍ بعمق التاريخ سبعة آلاف أو ثمانية آلاف سنة !! فكل ذلك يبقى كلاما فارغا لا معنى له

فليس هناك من شعبٍ ظهر البارحة على سطح الكرة الأرضية ، أو هبَطَ قبل أشهر من سطح المريخ ، وكل شعوب الدنيا هي امتداد لأجيال سبقتها آلاف آلاف السنين ، والعبرة ليست هنا وإنما في أين هي اليوم على خارطة الأمم والبشر ؟ ( لا تقُل أصْلي وفصْلي أبداً – إنما أصلُ الفتى ما قد فَعَلْ ) أين هم العرب على خارطة الكون الاجتماعية والإنسانية والبشرية والعلمية والتربوية والحضارية ، وليس الخارطة الجغرافية أو التاريخية !!أمريكا تم اكتشافها قبل خمسمائة عام ونيِّفٍ ولكن أين هي اليوم وأين العرب !! هل من شعبٍ اليوم يشبهُ شعوب العرب ؟؟. حتى الشعوب الأفريقية مضرب المثل في الجهل والتخلف سبقت العرب مائة سنة على خارطة قبول بعضها والحوار ضمن مجتمعاتها بترسيخ الاحتكام لصناديق الاقتراع التي تحسم كل خلاف سلميا وتُبقِي الحوار قائما بين كل أطياف المجتمع

بل هناك بندا في ميثاق الإتحاد الأفريقي للديمقراطية لا يعترف على أية حكومة لا تأتي عبر الحوار والعملية الدستورية ويتم تعليق عضوية البلد فورا إن جاءت حكومته إثر انقلاب عسكري أو بشكل غير ديمقراطي ، وكانت بوركينا فاسو آخر مثل !!. شعوب آسيا التي يأتي أبناء شعوبها ليعملوا بالملايين في ديار العرب وفي بيوتهم ومزارعهم ،يعيشون في بلدانهم فضيلة الحوار والاحتكام لصندوق الاقتراع ونرى النساء يتبوأن رئاسات الحكومات كما في الهند وسريلانكا وبنغلادش والباكستان والفيلبين وميانمار

بينما كم سيدة عربية تبوأت رئاسة بلدها أو رئاسة حكومتها !! فهي ما تزال لدى البعض غير صالحة حتى لقيادة سيارة وناقصة عقل ودين ،وكل ما فيها عورَة بحسب بعضِ المرضى والشاذِّين الذي يحتاجون لمصحّات عقلية !! وحقيقة الأمر أن من يعتبرها كذلك هو الناقص للعقل والدين والوعي والنضج والسوية، ورأسهُ أشبه بثمرة يقطين يابسة تخشخش بداخلها البذور!!.. مع الاحترام للعقول التي ما زالت تفكِّر بشكل سوي ولم يُصِبْهَا الانفصام بعد !!..

ميثاق الجامعة العربية في موادِّهِ العشرين لا يوجدُ ذكرٌ لكلمة (ديمقراطية أو حقوق إنسان) لأنّ هذه لا تناسب تقاليد وثقافة العرب بحسبِ الأنظمة المَلَكية المطلَقة في العالم العربي !!. وأتحدّى إن كانت هذه البُلدان تسمح بورود كلمة (ديمقراطية) في كتابٍ واحدٍ من مناهجها التعليمية، فهي مُحرّمة شرعا في بلدانهم لأن الحاكمية بها للشعب ، وهذا كفرٌ في اعتقادهم، وهم لا يحتكمون لا إلى للشعب ولا إلى الله !!وإنما إلى غرائزهم البهيمية!!.فكم من السخرية أن يقوم أولئك بدعمِ ما هو مُحرّمٌ في بلدانهم ، خارج بلدانهم !! أليسَ هذا هو العهرُ السياسي والديني والأخلاقي بعينه ؟!.

الخارطة العربية اليوم وعلى امتداد مساحته من أقصى المغرب لأقصى المشرق مصبوغة بلون الدم ، أو برائحة الدم !! لماذا؟ لأن الحوار ليس من ثقافة العرب ، حتى وقد أصبح من ثقافة كل شعوب الكون ، بعد أن وضَعَت دساتير عصرية مدنية أو عَلمانية، تُساوي بين كل أبناء الشعب على أساس المواطَنَة دون أدنى تمييز بين مواطن وآخر مهما تكن خلفية انتماءاته ، بينما العرب عجزوا وما زالوا عاجزين عن ذلك ، ولهذا حينما يغيب الحوار لا بدّ من نقيضهِ وهو العنف ، والاقتتال والذبح وسفك الدماء حتى يتمكن طرف من سحق الآخر ، تماما كما تفعل وحوش الغابات ، والأجدى بعلماء الإثنيات والوراثة إطلاق تصنيفٍ خاصٍ بالعرب ووضعهم في فصيلة مختلفة تجمعُ ما بين البشر شكلاً والوحوش(عقلاً) !!. بشرٌ من حيث الشكل، ووحوش من حيث السلوك

فالحيوان يختلف عن الإنسان (بالنطق) ، والله حباهُ بالنطق وفضيلة (الكلام) كي يتحاور مع ابن جلدته الآخر من بني البشر ويحل خلافاته معه بالكلام والنقاش والحوار ، ولكن العرب فشلوا بذلك بينَ بعضِهم البعض وداخلَ مجتمعاتهم أيضا !!.. وهذا يعني ببساطة أنهم لا ينتمون لفصيلة البشر (عَقْلا) حتى لو شابهوها شكلا وجسدا

قد يقول البعض أن المشكلة بالدين ، أو تحديدا بالإسلام ، ولكن رغم عدم صلاحية الإسلام ليحكم دُولا أو يكون دولة ، ورغم كل التشويه والقتل والعنف باسم الإسلام إلا أن المشكلة ليستْ كلها هنا ، لأن هناك شعوبٌ مسلمة في باكستان وبنغلادش وإندونيسيا وماليزيا تتحاور وتحتكم للحوار عن طريق نتائج صناديق الاقتراع ولم يُشكل الإسلام عائقا بهذا المجال ، ولم يطبّقوا حكم الشريعة الإسلامية بل تحكمهم دساتير عَلمانية أو مدنية تضع فاصلا بين قوانين الدولة وأنظمتها وتشريعاتها ، وبين الدين ، على مبدأ أن الدين لله والأوطان للجميع

ولو عزَينا الأمر للتخلف فهناك شعوب كثيرة متخلفة ، كما الشعوب الأفريقية السمراء ولكنها احتكمت للحوار وصناديق الاقتراع !! فلماذا العرب هم الشواذ في هذا الكون عن هذه القاعدة؟؟ . يبدو كل ما كتبهُ المستشرقون والآلاف من المثقفين في هذه الأمة هو الصحيح : وهو أن بنية العقل العربي بنية كارثية مأساوية لا تقبل في جيناتها الحوار والنقاش والرأي الآخر وحرية الرأي والتعبير ، ومسكونة بهاجس السلطة والاستبداد وشيخ العشيرة والقبيلة!!. هناك من يجادل اليوم أن تونس قد خرقَتْ هذه القاعدة واحتكمَ الأشقّاء التوانِسة للحوار وصناديق الاقتراع ، ولكن باعتقادي ما زال الأمر مُبكِرا جدا للقول أن تونس خرجت من حالة الاختناق وعنق الزجاجة، فالعبرة بالاستمرارية والصمود ونجاح التجربة!! فليس هنيئا لمن حَمَلَتْ وولّدت ولكن هنيئا لمن سَلِمَ لها المولود

كانوا في الجاهلية عشائر وقبائل وأفخاذ متناحرة متحاربة تغزو بعضها وتسبي نساء بعض وتقتل بعضها .... جاء الإسلام وفشل في تغيير العقلية أو تجاوزها ، بل أضاف لها صراعات من نوع جديد ، دينية وطائفية ومذهبية ، لم تكن معروفة قبل الإسلام ، واستمرت منذ ظهور الإسلام وحتى التاريخ الحديث فأضفنا لها صراعات من نوع جديد : سياسية وحزبية وقومية وعُرقية ومناطقية ... فباتت أشكال الصراعات وأنواعها تتفوّق على كل تشكيلات البضائع في أسواق أوروبا وأمريكا وجنوب آسيا وشرقها !!. هذه هي البضاعة العربية : كل أشكال الصراعات التي يجد فيها الجميع ما يطيب لهم ويستهويهم : قَبَلية، عشائرية، دينية، طائفية، مذهبية، سياسية، حزبية، قومية، عرقية، مناطقية ، تكفيرية، إرهابية ... الخ.. كل شيء متوفِّر وبحسب ما يرغب الراغب !!. هذا هو ما ابتكرهُ (العقل) العربي

أمّا كيف هو الخروج من هذه الدوّامة الخطيرة التي دوَّختْ شعوب هذه الأمة فهنا تكمن المصيبة الأكبر ، لأن الطريق واضح وضوح الشمس وهو الفصل بين الدين والدولة ،فالدين للمجتمع وليس للدولة ، إلا أنّ هناك من يُصرِّون أن الدين لا يمكن أن ينفصل عن الدولة ، ولا يمكن إيجاد حل وسط ، وهذا يعني أنه لا أمل في الخروج من هذه الدوّامة وسنبقى نعيش المصائب جيلا بعد آخر إلى يوم القيامة

أوروبا عاشت هذه الحالة المأساوية أكثر من ألف وخمسمائة عام ولكن الله قيّض لها الفَرَج عام 1648 حينما اتفّقت الأمم الأوروبية على إبعاد سلطة الكنيسة عن الدولة وحصرها في المجتمع فقط ، فكان بعدها أن تفجّرت كل طاقات العقل الأوروبي والغربي حتى وصل لسطح القمر وكل يوم يتحفنا باختراع جديد واكتشاف جديد ودواء جديد ولقاح جديد وعِلم جديد وتكنولوجيا جديدة ، ولولاهم لكان العرب حتى اليوم يتبوّلون فوق (النفط) ولا يعرفون ماذا يوجد تحت الرمال التي يتغوّطون فوقها ، بحسب وصف مسرحية (باي باي لندن)!! بينما العرب يبليهم الله كل يوم بألف إرهابي جديد يتنافس مع الإرهابي الآخر بقطع الرؤوس وتفحيم المرأة وحصرها ضمن أكياسٍ أسودُ من الفحم

ولكن نعود للبداية هل أن المشكلة هي فقط بالتعصّب الديني ، أم أنّ هذا التعصُّب الديني هو نِتاج التعصُّب المُسبَق الساكن في جينات العقل العربي ؟؟. وما هو السبيل للخروج من ظلام هذا العقل وعتمتهِ التي حجبت الرؤيا عن البصر والبصيرة ، فأصبحنا نسمع خطابات من الحقد والجهل والتعصب والكراهية وإلغاء الآخر ، بما لا تفعله وحوش الغابات المفترسة !!.. كيف سيستمر العيش في هذه المجتمعات في ظل هكذا أحوال وأوضاع أكثر من مأساوية وأكثر من كارثية !! ألف وأربعمائة عام وشلال الدم لم ينقطع بسبب التعصّب ، وقبلها لا أدري كم من السنين في الجاهلية وشلال الدم لم ينقطع، ويأتي من يسعى للدواء بمن كان هو الداء ( أي المزيد من التعصّب) !!.. ثم يحدّثونك عن خير أمّةٍ أخرِجت للناس ، وعن تاريخ حضاري عريق تمتدُّ جذوره لأعماق الأرض وتخرقها من طرف لطرف كما يخرق سيخ الشوي الفرُوج وهو يتقلب ويدور حول النار

يعيشون على فضلات الصناعات الغربية التي اخترعها العقل الغربي ، ويقولون لك : كل شيء من الغرب حرام ، بحسب تنظيم (بوكو حرام)!!.. وكلمة (بوكو) تعني باللغة القَبَلية المحلية ( الغرب) ، أي كل شيء من الغرب حرام ، بينما البارودة التي يقتلون بها هي من صنع الغرب ، ولكنها ليست حراما طالما تُستخدّم للقتل والإجرام ، فهذا حلال !! . أيُّ شرعٍ في الكون هذا ؟ وأي دينٍ في العالم هذا؟؟ وأي انفصام للعقل هذا ؟؟.. العرب أمام مفترق خطير اليوم لم يحصل مثلهُ في تاريخهم رغم كل مآسيهم : فإما أن ينتصروا على هذا العقل التعصُبي التدميري الخطير ، وإما أن يقضي عليهم بالكامل ويفعل بهم كما يفعل السرطان بجسد الإنسان

المسئولية الكبيرة والتاريخية تقع على النُخب الواعية (المتبقية) في هذه الأمة وعلى مؤسساتها التربوية والدينية والتعليمية والثقافية ، فالمسألة بلغت من الخطورة حدود : أن تكون أو لا تكون ، !!.. والطامّةُ الكبرى أنّ بعض مَنْ كنّا نعتقدهم فلاسفة ومفكرين ومثقفين كبارا يصدحون بصوتٍ عالٍ ( أننا سنكون ولن نقبل العكس) ، وإذ بهم لحظة الحقيقة لا يختلفون عن الرعاع ولا عن أي تكفيري طائفي حاقد في منطِقهم وطروحاتهم وكتاباتهم !! وهذا مؤشرٌ خطيرُ جدا جدا جدا لما انحَدَرَ إليه (العقل) العربي وبعضُ النُخَب العربية !! فحينما تنهار دعائم البنيان فماذا سيكون مصير السقف والجدران ؟!!.. ولكن نحمدُ الله أن الدعائم كثيرة وإن انهارَ بعضُها فيبقى منها الكثيرُ يحفظُ البناءَ من الانهيار