العقل الوهابي......!؟
_______________________
العقل الوهابي عصي على الفهم بوسائل الإستدلال أو الإستقراء العقليين. لذا لابد من مقاربته ذرائعيا لفهم أسبابه وظيفيا ومبرّراته ومراميه عمليا, وأولى وظائف ذلك العقل الأيديولوجية تتركز في الإنغلاق على مخزونه الثقافي. وإعتبار المخالف له خارجا من كل ذمّة. فإن تمكّن السلفي من تعميم رأيه بالقهر والغلبة, بطش وأمعن بطشاً وإلاّ لجأ الى الإنكار والتبرير.. ثم الى التجريح والتأويل أي أنك أيها المخالف منحرف مدّلس وأنا قصدت كذا" أو الى التأويل والتجريح أي " كان قصدي كذا ولكنك ضال مفسد حملت كلامي على غير ما أردت!!!!!!!!
هذا العقل الممجد لذاته المنكر لما عداه يقوم على إرثه الخاص مبيحا لحراسه المقدّسين كل وسيلة ممكنة لأجل الديمومة والبقاء بدء بتكذيب الآخر وتكفيره.. وانتهاء بشتمه وتسفيهه. وأبلغ مثل لما تقدم هو تبرير ابن باز لفتواه القائلة بكفر المعتقد بدوران الأرض. فلما قامت قيامة الصحافة الخليجية عليه وعلى ما قال, أنكر فتواه مع أنها مثبتة في كتابه المطبوع بعنوان > الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض. الطبعة الثانية صفحة 23
ثم زعم أن كلامه قد أوّل فهو لم يقل بكفر من إعتقد بكروية الأرض وإنما قال بكفر من إعتقد بسكون الشمس. يقول في ردّه بالحرف الواحد: (كما أني قد أثبت في المقال فيما نقلته عن العلامة ابن القيم رحمه الله ما يدل على إثبات كروية الأرض، أما دورانها فقد أنكرته وبينت الأدلة على بطلانه ولكني لم أكفر من قال به, وإنما كفرت من قال إن الشمس ثابتة غير جارية ). هنا يصاب المرء بالدهشة بصرف النظر عن فساد رأي بن باز ونظرياته الغريبة في حركات النجوم والكواكب. فكيف أباح سماحة المفتي لنفسه بأن يهرف بما لا يعرف ثم زاد على ذلك بأن ظاهر واحتج بابن القيم؟ وكأن ابن القيم كان عالما فضائيا وفلكيا منجما؟؟
نترك الشيخ بن باز يستريح من عناء الفتاوي التي عجزت وكالة الفضاء الأمريكية- ناسا على أن تأتي بمثلها ونعود الى البحث في محاولة جديدة لمقاربة اللغة الدينية للعقل الوهابي والتي ستكون طريقنا الى مزيد من الفهم فيما لو قمنا بأخذ عيّنات وراقبنا تفاعلاتها الإصطلاحية وانماطها ومآلاتها "الكيميائية
من خلال الملاحظة العميقة لبعض المفاهيم الدينية الفقهية والمصطلحات السياسية للعقل الوهابي يتبين لنا أن كثيرا من المفاهيم والمصطلحات قد تقاربت وتباعدت في مرور السنين. وقد مرت تلك الكوكبة من العبارات الإصطلاحية المفاهيمية بأطوار متعددة أدت في الختام الى أن تأخذ هويتها الراهنة. ويمكن أن نعدد بعض أنماط: تلك العمليات التفاعلية وثمراتها الإصطلاحية
1. عملية الإستحواذ حد الإندماج:
من ثمرات تلك العملية ظهرت كلمة سلطان بمعناها المستجد. فكلمة سلطان تعني في الأصل سلطة, إلا أنها لاحقا وفي فترات متأخرة أي ما بعد زوال الدولة العباسية أصبحت تعني صاحب السلطة . وبعملية رياضية بسيطة تكونت المعادلة على الشكل التالي: الحاكم + السلطة = سلطان!
من الواضح أن دمجا قد جرى بين مصطلحي السلطة وصاحبها بفعل الإستحواذ والجنوح الشديد من الحاكم نحو سلطة مطلقة فصار هناك تماثل وتطابق ومن ثم إندماج بين كلمة حاكم من جهة وكلمة سلطة من جهة أخرى فبرزت كلمة سلطان لا بمعناها الأصلي أي السلطة وانما بمعناها المستجد أي الملك وصار السلطان هو نفسه الدولة ( لاحظوا لقب دولة الرئيس) وفي ذلك تفوق سلاطين العرب على لويس الرابع عشر وسبقوه بقرون عديدة.
2. عملية التسلسل التصاعدي:
هذا النمط التصاعدي في العملية التفاعلية المركّبة بين التاريخ واللغة وسط جنوح كبير من الحاكم سوف يصل الى مستويات غير مسبوقة. فأبو بكر كان ينظر لنفسه كأمير للمؤمنين خليفة لرسول الله.
لاحقا صارت كلمة خليفة تستخدم بشكل مجرد دون مضاف إليه.
3. الحذف والإضافة والإختيار الرغبي:
من أفضل ما يمكن تقدّيمه في هذا الصدد مفهوم ومصطلح الجهاد الذي يحمل في جذوره الأولى وشكله الأول معاني الجهاد الأكبر أي جهاد النفس بما يعنيه من مقاومة لرغبات النفس وأهوائها. إذن لقد حذف جزء أساسي من مضامين المصطلح لإسباب سياسية أيدولوجية وتحول الجهاد الى مجهود عضلي مجرد من خلفيتة الأخلاقية التربوية.
وبذلك جرت توأمة سياسية نفسية لغوية واعية وحتى لا واعية بين الجهاد والسيف فلا يذكر الأول إلا ويحضر الثاني في تلازم غريب أحكموه في تركيزهم على الجانب العنفي دون سواه انغرست على أثره في وعي العامة بعض مضامين وأبعاد المصطلح مبتسرا ومنتقصا بل ومتلازما مع تجاهل تام للمضامين والأبعاد الجوهرية الأخرى المتمّمة له.
ختام : الوهابية وآلة الزمن
إذن >العقل الوهابي الخاص < ذو الطبيعة العنفية والذي لا يحتاج الى اي تخريجات عقلية أو مسوّغات عقلانية ما هو في المحصلة سوى ثمرة مبررات دينية-إجتماعية سلطوية أخذت تبني لنفسها عبر الدهور أدواتها المعرفية العصبية الخاصة مشفوعة بمبررات ودوافع حزبية سياسية عسكرية أيديولوجية ,دوافع راحت تتراكم وتتلازم ثم صارت تتابع تراكمها لكي تشكّل أخيرا العقل الأصولي المعاصر للوهابية بأشكالها المختلفة العلمية منها والجهادية.
بل لعل تلك النزعة العنفية الأصولية المتوترة لدى الوهابية قد أصّلت وركّزت ميلا إلغائيا لدى دعاتها المعاصرين تمثل في محاولاتهم راهنا التعبير عن أنفسهم بطريقة جذرية قهرية عبر السعي الى طمس و إلغاء أكثر من عشرة قرون من عمر التاريخ والرجوع سريعا بالحياة – على الأقل عبر شكلهم وملبسهم- من القرن الخامس عشر للهبوط فورا في القرن الهجري الأول طلبا للعيش مع الصحابة والتماهي معهم وإعتبار القرون الواقعة على امتداد أربعة عشر قرنا ملغاة بناسها وتراثها وعلمائها واسهامات أهل زمانها.
ومع التسليم بعبثية المحاولة إلا أن هذه النوستالجيا الدوغمائية تكشف إذ تتستر في زيها الرومانسي عن نزعة إلغائية كامنة لا تستند إلا الى ذاتها المؤدلجة فقط.....!.
من المؤكد أنه لو قيض للوهابيين بتياراتهم المختلفة أن يبتكروا آلة للسفر عبر الزمن والعودة الى عصر الرسول , فلن يتمكّنوا – كما يتخيلون- من قضاء ساعات ولقاءات سعيدة هانئة بصحبة النبي وأصحابه والسبب ببساطة هو اختلاف العصور وما يستتبع ذلك من اختلاف المعايير وتباعد المفاهيم الدينية واللغوية بشكل أساسي. و لو قدّر لهم فعلا أن يحطّوا في القرن الأول للهجرة, فسيفاجأون بأنهم غرباء ومختلفون عن مجتمع يثرب >البدائي<. وسيكتشفون أن قراءاتهم وفهمهم للإسلام ما هو إلا نتاج مفاهيم وليدة وجديدة لقراءات وآراء عديدة تراكمت عبر عصورمتأخرة جدا عن زمن الدعوة بحيث أن نصوصهم تلك قد تجاوزت >بحداثتها< المصطلحات والمواد >الخام< للقرآن كما عرفها النبي والمسلمون الأوائل!
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
_______________________
العقل الوهابي عصي على الفهم بوسائل الإستدلال أو الإستقراء العقليين. لذا لابد من مقاربته ذرائعيا لفهم أسبابه وظيفيا ومبرّراته ومراميه عمليا, وأولى وظائف ذلك العقل الأيديولوجية تتركز في الإنغلاق على مخزونه الثقافي. وإعتبار المخالف له خارجا من كل ذمّة. فإن تمكّن السلفي من تعميم رأيه بالقهر والغلبة, بطش وأمعن بطشاً وإلاّ لجأ الى الإنكار والتبرير.. ثم الى التجريح والتأويل أي أنك أيها المخالف منحرف مدّلس وأنا قصدت كذا" أو الى التأويل والتجريح أي " كان قصدي كذا ولكنك ضال مفسد حملت كلامي على غير ما أردت!!!!!!!!
هذا العقل الممجد لذاته المنكر لما عداه يقوم على إرثه الخاص مبيحا لحراسه المقدّسين كل وسيلة ممكنة لأجل الديمومة والبقاء بدء بتكذيب الآخر وتكفيره.. وانتهاء بشتمه وتسفيهه. وأبلغ مثل لما تقدم هو تبرير ابن باز لفتواه القائلة بكفر المعتقد بدوران الأرض. فلما قامت قيامة الصحافة الخليجية عليه وعلى ما قال, أنكر فتواه مع أنها مثبتة في كتابه المطبوع بعنوان > الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض. الطبعة الثانية صفحة 23
ثم زعم أن كلامه قد أوّل فهو لم يقل بكفر من إعتقد بكروية الأرض وإنما قال بكفر من إعتقد بسكون الشمس. يقول في ردّه بالحرف الواحد: (كما أني قد أثبت في المقال فيما نقلته عن العلامة ابن القيم رحمه الله ما يدل على إثبات كروية الأرض، أما دورانها فقد أنكرته وبينت الأدلة على بطلانه ولكني لم أكفر من قال به, وإنما كفرت من قال إن الشمس ثابتة غير جارية ). هنا يصاب المرء بالدهشة بصرف النظر عن فساد رأي بن باز ونظرياته الغريبة في حركات النجوم والكواكب. فكيف أباح سماحة المفتي لنفسه بأن يهرف بما لا يعرف ثم زاد على ذلك بأن ظاهر واحتج بابن القيم؟ وكأن ابن القيم كان عالما فضائيا وفلكيا منجما؟؟
نترك الشيخ بن باز يستريح من عناء الفتاوي التي عجزت وكالة الفضاء الأمريكية- ناسا على أن تأتي بمثلها ونعود الى البحث في محاولة جديدة لمقاربة اللغة الدينية للعقل الوهابي والتي ستكون طريقنا الى مزيد من الفهم فيما لو قمنا بأخذ عيّنات وراقبنا تفاعلاتها الإصطلاحية وانماطها ومآلاتها "الكيميائية
من خلال الملاحظة العميقة لبعض المفاهيم الدينية الفقهية والمصطلحات السياسية للعقل الوهابي يتبين لنا أن كثيرا من المفاهيم والمصطلحات قد تقاربت وتباعدت في مرور السنين. وقد مرت تلك الكوكبة من العبارات الإصطلاحية المفاهيمية بأطوار متعددة أدت في الختام الى أن تأخذ هويتها الراهنة. ويمكن أن نعدد بعض أنماط: تلك العمليات التفاعلية وثمراتها الإصطلاحية
1. عملية الإستحواذ حد الإندماج:
من ثمرات تلك العملية ظهرت كلمة سلطان بمعناها المستجد. فكلمة سلطان تعني في الأصل سلطة, إلا أنها لاحقا وفي فترات متأخرة أي ما بعد زوال الدولة العباسية أصبحت تعني صاحب السلطة . وبعملية رياضية بسيطة تكونت المعادلة على الشكل التالي: الحاكم + السلطة = سلطان!
من الواضح أن دمجا قد جرى بين مصطلحي السلطة وصاحبها بفعل الإستحواذ والجنوح الشديد من الحاكم نحو سلطة مطلقة فصار هناك تماثل وتطابق ومن ثم إندماج بين كلمة حاكم من جهة وكلمة سلطة من جهة أخرى فبرزت كلمة سلطان لا بمعناها الأصلي أي السلطة وانما بمعناها المستجد أي الملك وصار السلطان هو نفسه الدولة ( لاحظوا لقب دولة الرئيس) وفي ذلك تفوق سلاطين العرب على لويس الرابع عشر وسبقوه بقرون عديدة.
2. عملية التسلسل التصاعدي:
هذا النمط التصاعدي في العملية التفاعلية المركّبة بين التاريخ واللغة وسط جنوح كبير من الحاكم سوف يصل الى مستويات غير مسبوقة. فأبو بكر كان ينظر لنفسه كأمير للمؤمنين خليفة لرسول الله.
لاحقا صارت كلمة خليفة تستخدم بشكل مجرد دون مضاف إليه.
3. الحذف والإضافة والإختيار الرغبي:
من أفضل ما يمكن تقدّيمه في هذا الصدد مفهوم ومصطلح الجهاد الذي يحمل في جذوره الأولى وشكله الأول معاني الجهاد الأكبر أي جهاد النفس بما يعنيه من مقاومة لرغبات النفس وأهوائها. إذن لقد حذف جزء أساسي من مضامين المصطلح لإسباب سياسية أيدولوجية وتحول الجهاد الى مجهود عضلي مجرد من خلفيتة الأخلاقية التربوية.
وبذلك جرت توأمة سياسية نفسية لغوية واعية وحتى لا واعية بين الجهاد والسيف فلا يذكر الأول إلا ويحضر الثاني في تلازم غريب أحكموه في تركيزهم على الجانب العنفي دون سواه انغرست على أثره في وعي العامة بعض مضامين وأبعاد المصطلح مبتسرا ومنتقصا بل ومتلازما مع تجاهل تام للمضامين والأبعاد الجوهرية الأخرى المتمّمة له.
ختام : الوهابية وآلة الزمن
إذن >العقل الوهابي الخاص < ذو الطبيعة العنفية والذي لا يحتاج الى اي تخريجات عقلية أو مسوّغات عقلانية ما هو في المحصلة سوى ثمرة مبررات دينية-إجتماعية سلطوية أخذت تبني لنفسها عبر الدهور أدواتها المعرفية العصبية الخاصة مشفوعة بمبررات ودوافع حزبية سياسية عسكرية أيديولوجية ,دوافع راحت تتراكم وتتلازم ثم صارت تتابع تراكمها لكي تشكّل أخيرا العقل الأصولي المعاصر للوهابية بأشكالها المختلفة العلمية منها والجهادية.
بل لعل تلك النزعة العنفية الأصولية المتوترة لدى الوهابية قد أصّلت وركّزت ميلا إلغائيا لدى دعاتها المعاصرين تمثل في محاولاتهم راهنا التعبير عن أنفسهم بطريقة جذرية قهرية عبر السعي الى طمس و إلغاء أكثر من عشرة قرون من عمر التاريخ والرجوع سريعا بالحياة – على الأقل عبر شكلهم وملبسهم- من القرن الخامس عشر للهبوط فورا في القرن الهجري الأول طلبا للعيش مع الصحابة والتماهي معهم وإعتبار القرون الواقعة على امتداد أربعة عشر قرنا ملغاة بناسها وتراثها وعلمائها واسهامات أهل زمانها.
ومع التسليم بعبثية المحاولة إلا أن هذه النوستالجيا الدوغمائية تكشف إذ تتستر في زيها الرومانسي عن نزعة إلغائية كامنة لا تستند إلا الى ذاتها المؤدلجة فقط.....!.
من المؤكد أنه لو قيض للوهابيين بتياراتهم المختلفة أن يبتكروا آلة للسفر عبر الزمن والعودة الى عصر الرسول , فلن يتمكّنوا – كما يتخيلون- من قضاء ساعات ولقاءات سعيدة هانئة بصحبة النبي وأصحابه والسبب ببساطة هو اختلاف العصور وما يستتبع ذلك من اختلاف المعايير وتباعد المفاهيم الدينية واللغوية بشكل أساسي. و لو قدّر لهم فعلا أن يحطّوا في القرن الأول للهجرة, فسيفاجأون بأنهم غرباء ومختلفون عن مجتمع يثرب >البدائي<. وسيكتشفون أن قراءاتهم وفهمهم للإسلام ما هو إلا نتاج مفاهيم وليدة وجديدة لقراءات وآراء عديدة تراكمت عبر عصورمتأخرة جدا عن زمن الدعوة بحيث أن نصوصهم تلك قد تجاوزت >بحداثتها< المصطلحات والمواد >الخام< للقرآن كما عرفها النبي والمسلمون الأوائل!
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.