الوثائق البانامية تكشف التجارة المحرمة لرؤساء دول ومشاهير؟
فضائح العصر؟
"أوراق بنما".. زلزال ستشغل ارتداداته الصحافة والرأي العام. تحقيق صحافي مبني على 11 مليون ملف مسرب يكشف فضائح وأسرار مالية تطال شخصيات سياسية ورؤساء دول وممالك، من بينها الملك السعودي والرئيس الروسي وأمير قطر السابق، إضافة إلى نجوم في عالم الرياضة بينهم ليونيل ميسي؟.
الاستثمار والعمل في الجنات الضريبية أو ما يطلق عليه "أوف شور" ليس جديداً بل هو معروف وشائع في عالم المال، لكن الجديد الذي تكشف عنه مجموعة التحقيقات "أوراق بنما"، هو فضح مجموعة من الشخصيات المرموقة والمعروفة. رؤساء دول وممالك وسياسيون نافذون، إضافة إلى نجوم في عالم الرياضة، يستخدمون شركات خارج حدود دولهم لتسهيل الرشوة وصفقات السلاح والتهرب الضريبي والاحتيال المالي وتهريب المخدرات.
يكشف التحقيق الذي يقف خلفه "الاتحاد العالمي للصحافيين الاستقصائيين" icij خفايا صناعة سرية مترامية الأطراف تعمل في مناطق الـ offshore.
هذه المناطق تلجأ إليها الكثير من الشركات المتخصصة في غسل الأموال والنصب والاحتيال، حيث توفر لها شرطين أساسين. أولاً أنه لا يوجد رقابة ولا حتى مطالبة بالقوائم المالية لهذه الشركات إذ يكفي اجتماع الجمعية العمومية عبر الهاتف على سبيل المثال. إضافة إلى أن جميع المعلومات حول هذه الشركات لا يمكن إظهارها للعامة مطلقاً، الأمر الذي يتيح لأصحاب هذه الشركات العمل في الخفاء .
مع الإشارة إلى أنه يوجد الكثير من البنوك العربية منشأة أصولاً في هذه المناطق بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح عبر توفير دفع الضرائب.
جُمعت "أوراق بنما" وتم نشرها بناء على كنز من المعلومات يضم أكثر من 11 مليون ملف مسرب.
يكشف هذا التسريب الضخم أملاك وأصول 12 من قادة العالم الحاليين والسابقين. يوضح عبر الوثائق كيف تمكن مقربون من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من التلاعب بنحو ملياري دولار عبر بنوك وشركات الظل.
ملفات تحتوي على تفاصيل جديدة حول فضائح كبيرة في إنجلترا، وغسل أموال سياسية في البرازيل، ورشاوى هزت الفيفا.
كما أنها توفر تفاصيل التعاملات المالية الخفية لـ 128 من السياسيين والموظفين في إدارات حكومية وعامة في جميع أنحاء العالم، وتظهر كيف استطاعت هذه الصناعة العالمية، التي تضم شركات وبنوك عالمية، أن تبيع السرية المصرفية لمحتالين وتجار مخدرات، وكذلك لأصحاب المليارات، من مشاهير ونجوم رياضية.
تستعرض "أوراق بنما" الشركات المجهولة التي يديرها رؤساء وزراء أيسلندا وباكستان، إضافة إلى ملك المملكة العربية السعودية وأبناء رئيس أذربيجان. وتشمل على الأقل أسماء 33 شخصاً وشركة موضوعة على "القائمة السوداء" من قبل حكومة الولايات المتحدة على خلفية ارتباطها بعصابات تجار المخدرات المكسيكية.
تغطي البيانات المسربة فترة زمينة تمتد من أواخر عام 1970 حتى نهاية عام 2015. وهي تتيح للمرة الأولى وبشكل غير مسبوق النظر إلى داخل عوالم شركات "الأوف شور"، وتوفير رؤية دقيقة وواضحة عن كيفية تدفق المال الأسود في أروقة النظام المالي العالمي، يوماً بعد يوم وعقداً تلو عقد، كما تستعرض البيئة الخصبة التي تتيح رعاية الجرائم الكبرى وتكفل استمرارها، إضافة إلى طرق حرمان الصناديق السيادية للدول والخزائن الوطنية من عائدات الضرائب.
عمل على هذا التحقيق الواسع أكثر من 370 صحافياً استقصائياً من نحو 80 بلداً.
خلف سلسلة الفواتير والوثائق التي جمعوها يقبع ضحايا مجهولون لهذه الصناعة النافذة والقوية التي تقبع في الظلال بعيداً من الأعين.
من حيث الحجم، تمثل "أوراق بنما" على الأرجح أكبر تسريب للمعلومات في التاريخ. كنز من المعلومات يضم أكثر من 11 مليون ملف مسرب. ومن المرجح بنفس القدر أن يكون واحداً من أكثر المعلومات التي تمثل زلزالاً سيكون له ارتدادات في الإعلام وعواصم القرار وبطبيعة الحال لدى الرأي العام.
السجلات المسربة مصدرها شركة محاماة معروفة على نطاق ضيق، لكنها بالتأكيد تتمتع بنفوذ وقوة كبيرين، اسمها Mossack Fonseca، مقرها بنما وتمتلك فروعاً في لندن وبكين وميامي وزوريخ وأكثر من 35 مدينة أخرى حول العالم.
تعتبر هذه الشركة أحد كبار المبدعين في العالم للشركات الوهمية والهياكل المؤسسية التي يمكن استخدامها لإخفاء أصحاب الرساميل والأموال.
بواسطة هذه الشركة أمكن الوصول إلى معلومات قيمة عن 214 ألفاً من شركات "الأوف شور" التي لها علاقات تجارية ومالية مع أشخاص في 200 بلد ومنطقة.
وتشمل البيانات المسربة رسائل بريد إلكتروني وجداول للبيانات المالية، وجوازات سفر، وسجلات مالية تكشف وجوه وأسماء أصحاب الحسابات المصرفية السرية في 21 شركة "أوف شور" بدءاً من ولاية نيفادا الأميركية مروراً بهونغ كونغ ووصولاً حتى جزر فيرجن البريطانية.
يعد هذا التسريب حصيلة أكبر تعاون إعلامي عابر للحدود حدث يوماً. إذ جمع صحافيين يعملون في أكثر من 25 لغة لينقبوا في أعمال وملفات شركة Mossack Fonseca الداخلية ويتتبعوا المعاملات السرية لعملائها المنتشرين في جميع أنحاء العالم. تبادلوا المعلومات وملاحقة الخيوط وأرشيف الشركات، وسجلات الملكية، كما أجروا مقابلات مع خبراء في قطاع المال والقانون.
يذكر أن معظم الخدمات التي تقدمها شركات "الأوف شور" يمكن استخدامها لأغراض قانونية ويمكن أن يستفيد منها عملاء يلتزمون بالقانون. لكن الوثائق تظهر أن البنوك ومكاتب المحاماة إضافة إلى شركات "الأوف شور" غالباً ما تفشل في استخدام أدوات قانونية للتأكد من أن زبائنها غير متورطين في مشاريع مشبوهة أو في تهرب ضريبي وفساد سياسي. وتظهر الملفات أن هذه الشركات تقوم بحماية نفسها وحماية عملائها عبر التخلص من الملفات المشبوهة؟.