العقل والعقال؟
ميزة الإنسان أنه كائن عاقل وهذه العقلانية تؤهله للسكن
في العالم وتنظيم حياته وعلاقاته مع نفسه وغيره ودرء المفاسد وجلب المنافع ولذلك
نراه يستعمل عقله في كل كبيرة وصغيرة ويبذل كل ما عنده من جهد من أجل عقلنة وجوده
والظفر بفهم معقول للواقع الذي يحيا فيه..............!
.
وقد يسيء الإنسان استخدام عقله كما هو حال اعراب الصحاري
فيوجهه ضد نفسه وضد الآخر>وضد مبادئه فينتج نوعا من المعقولية المضادة
للعقلانية وتصبح عقلانيته من الأمور اللامعقولة ويعلن عجز العقل عن الدخول إلى
دوائر عديدة مثل الغيبيات وعالم العاطفة والوجدان واللامنطوق واللامنقال مثل عالم
الصمت والسكوت وينتصر إلى التدين والتطرف والحواس والتجربة والغرائز ويكشف عن
محدودية العقل في إدراك الكل وفي الوعي بمصادراته وفي عقل نفسه ويضع شغل العقل
جنبا إلى جنب مع وسوسة الشيطان وينفر من الحجج العقلية لكونها بالغة التعقيد
ومرهقة للنفس ومذهبة للصحة والاعتدال ويصيح>
كفانا اختناقا
بالعقل فربما غيابه أفضل بكثير من حضوره والحياة ربما تكون سهلة عندما يزهد الناس
في استعماله!
في المقابل هناك إشادة بدور
العقل في حياة الإنسان نظرا لأنه أساس التكليف ومصدر القيم والمعاني والحقائق وهو
قوة تجريد وجوهر بسيط وقدرة تمييز منزه عن المادة من جهة ولكنه مقارن للجسد في
الفعل يتضمن مجموعة من المبادئ والقوانين
ويختص في إدراك المعاني وتصور حقائق الأشياء!
يعني العقل ثلاثة أشياء>
>أولا النظام والرابطة والصلة والملجأ الذي
نعتصم به!
>وثانيا الملكة التي
يستخدمها الإنسان من أجل الإدراك والتشريع والتنفيذ على الصعيد العملي!
>وثالثا هو قانون العالم
ومنطق التاريخ ومبدأ الوجود.تعني العقلانية الإقرار بأولوية العقل على التجربة
والحواس من جهة وأهميته بالمقارنة مع الدين والأسطورة من جهة ثانية ولذلك يعمل على
البحث المتجدد على الإبداع والنقد والتحرر من كل أشكال القصور والتبعية والوصاية
والإقدام على التوجه نحو مناطق اللامفكر فيه من أجل سبر عالم المعنى والاغتراف من
منابع الحقيقة التي لا تتحجب!
*ألم يقل تولستوي*>إن
الحقيقة هي أجمل شيء في العالم بأسره*؟
إن العقلانية هي أحد سمات
الحداثة وذلك عندما تحول العلم من جهة
الصياغة الرياضية والتثبت التجريبي إلى معيار صلوحية القول الفلسفي وعندما ارتبطت
المعرفة الحقيقية بالنسق الشامل والنظرة الكلية الموسوعية!
ان المشكلة عند بدو النفط>
ليس في العقل في حد ذاته بل في طرق استعماله !
إذ هناك الاستعمال اليومي للعقل من أجل مواجهة
المشاكل والتغلب على الصعوبات التي يواججها الإنسان في الحياة اليومية وهنا ينحط
العقل إلى مرتبة الوسيلة الذرائعية من أجل تحقيق الرغبات وإشباع الحاجات ويعتبر
العقال لدى البدوي اهم بكثير من العق.......!
وهناك استعمال عمومي للعقل ويتمثل في الدور
السياسي والحقوقي الذي يلعبه العقل في تنوير الحشود وتثقيف الجمهور وهناك يعجز
العقل عن الارتقاء إلى مرتبة الفكر ويظل مجرد ملكة تعنى بالتشريع للشأن العام. أما
الاستعمال الثالث فهو الاستعمال النقدي له وهو النظر إليه بوصفه مملكة للغايات
الجوهرية للإنسانية جمعاء وهنا يتحول إلى فعل تواصلي وحديقة لتحقيق نعمة الحرية!
إن القوة العاقلة هي التي تجعل
الإنسان إنسانا عن الحقيقة وتجعله يرتقي من الناحية الأخلاقية عن المرتبة
البهائمية من جهة كونه يمنح الكائن البشري درجة الشخص ويؤمن له العديد من الوظائف
الابستيمولوجية والأكسيولوجية والأنطولوجية!