قفـزَ المجرمون إلـى الحكم
عندمـا قفـزَ المجرمون إلـى الحكم غصبا
!و سياسـة استبلاد الشعوب!
كـانوا بذلك يُدشنون لبدايات انفصـال الدولـة عن
كِيـان الجمـاعـة باعتبار الوَلاء.....!
ما اتاح لهم الركوب علـى خٍيارات الشعوب لتوطيد جبروت
المُلك القهـري و تثبيت تقاليده السياسية النِّفـاقية!
و لم يكن يجرِ هـذا التسلط إلا باسم الشعـارات و
العنـاوين الكُبرى التـي تخدع عموم الشعب و تُخدِّره !
إن هـذا التسلط أوجدَ عبر الزمـن ثغرات
عديدة في المجتمع اليمني و حوَّل الطبقـة الشعبية إلى غثائية منخورة العزيمـة!
فاقدة للمعنـى... و لا يهمهـا إلا اللحظـة الآنية
!
أنتجَ *عبودية طوعيـة*! بتعبير الفيلسوف الفرنسي
إتيان لابويسي تنخـرُ جسم الجمـاعـة رُوَيدا رُوَيدا فتُرديهِ مُنهَكـاً لا يقوى علـى
الصمود و التحدي لحظـة المواجهـة!
هي عبودية جعلـت طبقة كبيرة من النـاس تنصرفُ عن
هـمّ إعـادة العقل الجمـاعي الذي دمـره التسلط اللائكي الفكري فانحـصرت وظيفتهـا في
الاستغـراق في المشكلات الفردية التــي تعصف بهـا عصفـًا!!!!!
همنــا أن نحـاولَ وضع أيدينـا علـى بواكير
التفتت الداخلـي و أن نرصـدَ البدايات التـي أثمرت تصدعـات كبيرة في كِيـان الجمـاعـة
و أن لا نلتفت إلـى الجُزئيـات السببية إلا بمقدار ربطهـا بالعـامـل الأم المسؤول عن
التحولات الحـاصلة في بنية الذات و الموضـوع .
إنَّ وضع المجتم اليمني لا يمكن فهم تموجـاته
بعيدا عـن جذور الأزمـة السياسية التـي ولّدت شرودا في الفكر و الواقع نظرا لمركزية
الدولـة المعـاصرة في التحكم بمستقبل الشعب.....!
و لأنَّ السياسات التـي تنهجهـا العصابات السياسية
في دولنـا اللائكية تقوم علـى الانفراد بالثروة و محـاربة الثورة و توسيع العُدَّة
*الأمنية*!.
و الرهـان علـى قِطـاعـات مُدجَّنـة في توطيد سلطـة
الدولة و تجويع الشعوب و تجهيلهـا فإنّ تحليل طبيعـة البؤر المتفاقمة في كِيـان الجمـاعـة
تُلزِمُ ربطهـا بالمشكـل اللائكي السياسي الاستبدادي!!!!
من جهـة أخرى تزيد بعض القراءات *العُلمـائية*!
من مـآسي الانبطـاح للمستبد اللائكي و تُقدِّمُ للعموم
مسلكـا تبسيطيا ساذجـا يقوم علـى مداخـل الإصلاح العقدي الذاتي كشرط للنهوض و فهم أسباب
التردي الفظيع في واقعنا المعـاصر!
و قد غـابَ عن هـؤلاء أن الديكتـاتوريات الحـاكمـة
صـارت أفقهَ منهم بكثير إذ يُدركُ هـؤلاء أن ترك الوعـاظ من هـذا النمط علـى حـالهم
يمثل شرطا لبقـائهم علـى رأس السلطـة !
لذلك يسمح لهم بتكوين فضائيـات إعـلامية كتعبير عـن
رضـاهم بخطـابهم الانبطـاحـي !
لا يود هـؤلاء أن يفهموا أن الديكتـاتوريات المعـاصرة
تطورت أدواتهـا بشكل رهيب و أنهـا مشروع يُـفكِّــكُ كل القيم التي يتم بنـائهـا عن
طريق الوعظ و الإرشـاد!
و أنهـا تعتمد في مخططاتهـا علــى سلب الفاعلية عن
طريق برامجهـا الأخطبوطية المتنوعـة في المجتمع و أنها صـارت لهـا أدوارا اختلفت جذريـا
عـن كـل مـا كـان سائدا في أزمنـة العصور القديمـة و التي فرضت علـى بعض السلف فيمـا
مضى-بحكم الضرورة- طـاعة السلطـة الجـائرة .
إنّ من يراهـن علـى أي إصلاح باجتناب الحديث عن موبقات
الدولـة لا شك أنـه في حـاجـة لفهـم طبيعـة السلطـة المعـاصرة و نفوذهـا المطلق!
لقد تغيرت عـلاقة الدولة بالمجتمع تغيرا مفصليا فصـارَ
الآن المجتمعُ رهينـةً بيد الدولـة يتصرف فيهـا كمـا يريد
و لم يعد للكيان الجمـاعي المنخور أية سلطـة قادرة علـى إحداث تحول
داخلي نظرا لتحلل المنظومـة الوجودية و تكَوثُــرِ الكِيـانـات الهجينـة النـاجمـة
عن رِعـايـة التسلط اللائكي السياسي لهـا!