الإسلام
لم يتحوّل دين من الأديّان إلى موضوع للإثارة و الأخذ والردّ والجدل مثلما أصبحت عليه اليوم حال الإسلام في الجغرافيا التي تدين بالإسلام وفي الجغرافيا الغربيّة بل في جغرافيّا المذاهب الدينيّة و المذاهب الإنسانيّة على حدّ سواء , و إذا كان الإسلام في مراحل نموّه و إمتداده إرتبط بالتحضّر و الفكر و الثقافة , فإنّه في الثلث الأخير من القرن الفارط و بدايات القرن الحالي إرتبط أو أريد ربطه بالإرهاب والقتل والإعتداء والإختطاف و تمّ تجريده من كل القيّم الحضارية التي كرسّها هو في الفكر الإنساني , وقدمّ الإسلام على أنّه دراكولا الجديد الذي لا يؤمن إلاّ بالقتل و التجني على الآخرين والسطو على أموالهم وخيراتهم وساهمت ممارسات المحسوبين على هذا الدين السلبيّة و المشوهّة في تكريس مفهوم الإسلام دراكولا الذي تعمل مؤسسات ذكيّة على أن نشر هذه الصفّة وتعميمها .
وإذا كانت إستراتيجيات الآخر الذي يهمّه وأد الإسلام و تجريده من أبعاده الإنسانية والفكرية والحضارية واضحة ولها ما يبررها بحكم أنّ الصراع الفكري والمذهبي والديني صفة ملازمة لحركة الإنسان والتاريخ منذ بدايتها , فإنّ ما يدعو إلى التأمّل هو قيام مجموعات من المحسوبين على الإسلام على التساهل في موضوع القتل وأخذهم من الإسلام ما يبررّ هذه المسلكيّة العدوانية و التي لا يقرّها لا الإسلام ولا نصوصه القرآنية و لا نصوصه النبويّة ولا إجماعات العلماء المتقدمين والمتأخرين .
مبدئيّا تجدر الإشارة إلى أنّ الأصل في وجود الإسلام وقيامه هو البناء لا الهدم , التكامل لا التناقص , الإحياء لا القتل , تقديس الروح البشريّة لا إمتهانها , حرمة الدماء والأموال والأعراض لا إنتهاكها , إقامة العدل و تحقير الظلم , ولم يحتط الإسلام في شيئ مثلما أحتاط في الدماء وجعل إزهاق الروح الواحدة كإزهاق أرواح البشر جميعا , ولم يشرّع الإسلام التعدّي على الآخرين اللهمّ إلاّ بمقدار الدفاع عن الأرض والعرض وحتى في حالات الدفاع عن الأرض والعرض هناك مجموعة شروط يجب الإلتزام بها منها حرمة التعدي على النساء والأطفال وحرمة قطع الأشجار و إلحاق الرعب بالآخرين .
والذي حدث بعد وفاة رسول الإسلام – ص- أنّه تمّ التجاوز عن النص إلى التأويل , وتمّ التجاوز عن سيرة المصطفى – ص- إلى سيّر بعض أدعياء العلم والفقاهة , و بهذا الشكل كثرت المذاهب و الطوائف والملل والنحل والتفسيرات والتأويلات حتى أصبح الإسلام إسلامات و الدين ديانات و الرأي آراء والوحي الواحد الذي يمثلّه جبرائيل مجموعات من الوحي , وأصبحت كل طائفة وكل ملة وكل نحلة تقتبس من مصادر التشريع القرآن والسنة على وجه التحديد ما يقوّي موقف هذه الطائفة وتلك الملّة وذينك النحلة , و أصبح القرآن الذي وجد ليكون أساسا للرؤية الكونية مطيّة لتبرير التصرفات الطائشة للكثير من المسلمين , و يؤكّد التاريخ العربي والإسلامي أنّ ما أقترفه المحسوبون على الإسلام في حق إسلامهم أكثر ممّا أقترفه الفرنجة والمغول في حق الإسلام , و من يقرأ كتب الملل والنحل للشهرستاني و الفرق بين الفرق للإسفراييني البغدادي والملل والنحل لإبن حزم الأندلسي يدرك كم كان المحسوبون على الإسلام يتقاتلون بسبب تأويل خاطئ هنا , وفتوى باطلة هناك , و تفسير غير ناضج لهذا النص وهكذا دواليك .
ومع مرور القرون تشكلّت رؤى إسلامية ونظريات إسلامية ومفاهيم إسلامية مردّها ومرجعها قرون التفتتّ و الإفتراق و التقاتل والتباغض , وبدل أن نعود إلى إسلام الوحي الذي أوجد المنطلقات التي جئنا على ذكرها في بداية الحديث العدل وتقديس الروح الإنسانية و عدم جواز الإعتداء على الآخر , تغيرّت المنطلقات , وأصبح قتل المسلم جائزا لأنّه لا يؤدي الصلاة وإحراق وجه المرأة مباحا لأنها لا ترتدي الحجاب , و قتل الفرنسي أو الأمريكي مستساغا لأنّهما مسيحيان , و ما إلى ذلك , ولو كان المولى عزّ وجلّ يعامل خلقه بهذا المنطق لأبادهم من أول وهلة أوجدهم فيها , بينما إختار خطّ الإقناع والمحاججة و التبليغ الحكيم وأرسل لهذه المهمّة عشرات الآلاف من الأنبياء والرسل وكلفهم بفتح حوار طويل مع البشرية حول قضايا الوجود و ما بعد الوجود , وماهيّة الإنسان و الهدف السامي من إيجاده و ما إلى ذلك من التفاصيل .
وهذا ما يفسّر رفقة رسول الإسلام محمد بن عبد الله – ص - بمشركي قريش و العفو عنهم لدى فتح مكة و إحسانه للنصارى و مبادرته لمساعدتهم ماديّا وحياتيا , وحتى اليهود عاشوا في كنف دولته في المدينة المنورّة حياة كريمة قبل أن يبادروا إلى حركة سرية لتدمير المجتمع الإسلامي في الداخل الإسلامي فعوقبوا لتصرفاتهم لا ليهوديتهم .
إنّ إنحراف قطاع كبير من المسلمين عن مقاصد الشريعة الحقة و لجوئهم إلى التأويلات الناشئة في عصر الفتنة وإسقاطهم تلك التأويلات على واقعنا المعيش هو الذي ألحق الأذى الكبير بالإسلام وحولّه من دين حضاري إلى دين يصادر الحضارة .
والعجيب أنّ الذي يتيح لنفسه قتل المسلم أو غير المسلم لم يرق ولن يرقى إلى درجة الإجتهاد التي تتيح له صناعة الفتوى أو إستنباط الحكم الشرعي اللازم لمثل هذا الفعل أو ذاك , فمعظم الذين يقومون بأعمال عنف هم مثيقفو أشرطة لبعض الغلاة الذين يقدمون الإسلام على أنّه دين سيف وليس دين قلم , دين إمتهان الروح وليس دين تقديس الروح, دين صدام وليس دين حوار .
إنّ في القرآن الكريم أروع صور الحوار بين الله والشيطان , بين الله وآدم و بين الله وجميع أنبيائه , و إذا كان الحوار بين الله والإنسان جائزا بمنطق القرآن , فإنّ الحوار بين الإنسان والإنسان واجب بل أشدّ وجوبا . وما جئنا على ذكره لا يلغي مسؤولية العديد من السلطات العربية و الأجهزة الأمنية العربية في الترويج لإسلام القتل والذبح والتجاوزات حتى تبررّ إستمرار حالات الطوارئ , و تؤكّد أن إيديولوجيتها الإشتراكية أو البعثية أو الليبيرالية هيّ أولى بالإتبّاع من الإسلام الحضاري الذي ظلمه بنوه الذين حولوه إلى دكّان
للإرتزاق , ومصيبة الإسلام في واقعنا الراهن أنّه أبتلي بقلة الرجال الذين يرتقون إلى مستوى حضاريته , ولا يمكن للإسلام أن ينزل إلى مستوانا المنحّط , فإمّا أن نرتفع إلى مستواه فنعزّ ونرتفع , أو نبقى في الحضيض مع إسلام من صناعة أوهامنا وساعتها ماذا سنقول لرسول الإسلام – ص- عندما يسأل يوم القيامة قائلا : أمتي , أمتي
!!!!!
لم يتحوّل دين من الأديّان إلى موضوع للإثارة و الأخذ والردّ والجدل مثلما أصبحت عليه اليوم حال الإسلام في الجغرافيا التي تدين بالإسلام وفي الجغرافيا الغربيّة بل في جغرافيّا المذاهب الدينيّة و المذاهب الإنسانيّة على حدّ سواء , و إذا كان الإسلام في مراحل نموّه و إمتداده إرتبط بالتحضّر و الفكر و الثقافة , فإنّه في الثلث الأخير من القرن الفارط و بدايات القرن الحالي إرتبط أو أريد ربطه بالإرهاب والقتل والإعتداء والإختطاف و تمّ تجريده من كل القيّم الحضارية التي كرسّها هو في الفكر الإنساني , وقدمّ الإسلام على أنّه دراكولا الجديد الذي لا يؤمن إلاّ بالقتل و التجني على الآخرين والسطو على أموالهم وخيراتهم وساهمت ممارسات المحسوبين على هذا الدين السلبيّة و المشوهّة في تكريس مفهوم الإسلام دراكولا الذي تعمل مؤسسات ذكيّة على أن نشر هذه الصفّة وتعميمها .
وإذا كانت إستراتيجيات الآخر الذي يهمّه وأد الإسلام و تجريده من أبعاده الإنسانية والفكرية والحضارية واضحة ولها ما يبررها بحكم أنّ الصراع الفكري والمذهبي والديني صفة ملازمة لحركة الإنسان والتاريخ منذ بدايتها , فإنّ ما يدعو إلى التأمّل هو قيام مجموعات من المحسوبين على الإسلام على التساهل في موضوع القتل وأخذهم من الإسلام ما يبررّ هذه المسلكيّة العدوانية و التي لا يقرّها لا الإسلام ولا نصوصه القرآنية و لا نصوصه النبويّة ولا إجماعات العلماء المتقدمين والمتأخرين .
مبدئيّا تجدر الإشارة إلى أنّ الأصل في وجود الإسلام وقيامه هو البناء لا الهدم , التكامل لا التناقص , الإحياء لا القتل , تقديس الروح البشريّة لا إمتهانها , حرمة الدماء والأموال والأعراض لا إنتهاكها , إقامة العدل و تحقير الظلم , ولم يحتط الإسلام في شيئ مثلما أحتاط في الدماء وجعل إزهاق الروح الواحدة كإزهاق أرواح البشر جميعا , ولم يشرّع الإسلام التعدّي على الآخرين اللهمّ إلاّ بمقدار الدفاع عن الأرض والعرض وحتى في حالات الدفاع عن الأرض والعرض هناك مجموعة شروط يجب الإلتزام بها منها حرمة التعدي على النساء والأطفال وحرمة قطع الأشجار و إلحاق الرعب بالآخرين .
والذي حدث بعد وفاة رسول الإسلام – ص- أنّه تمّ التجاوز عن النص إلى التأويل , وتمّ التجاوز عن سيرة المصطفى – ص- إلى سيّر بعض أدعياء العلم والفقاهة , و بهذا الشكل كثرت المذاهب و الطوائف والملل والنحل والتفسيرات والتأويلات حتى أصبح الإسلام إسلامات و الدين ديانات و الرأي آراء والوحي الواحد الذي يمثلّه جبرائيل مجموعات من الوحي , وأصبحت كل طائفة وكل ملة وكل نحلة تقتبس من مصادر التشريع القرآن والسنة على وجه التحديد ما يقوّي موقف هذه الطائفة وتلك الملّة وذينك النحلة , و أصبح القرآن الذي وجد ليكون أساسا للرؤية الكونية مطيّة لتبرير التصرفات الطائشة للكثير من المسلمين , و يؤكّد التاريخ العربي والإسلامي أنّ ما أقترفه المحسوبون على الإسلام في حق إسلامهم أكثر ممّا أقترفه الفرنجة والمغول في حق الإسلام , و من يقرأ كتب الملل والنحل للشهرستاني و الفرق بين الفرق للإسفراييني البغدادي والملل والنحل لإبن حزم الأندلسي يدرك كم كان المحسوبون على الإسلام يتقاتلون بسبب تأويل خاطئ هنا , وفتوى باطلة هناك , و تفسير غير ناضج لهذا النص وهكذا دواليك .
ومع مرور القرون تشكلّت رؤى إسلامية ونظريات إسلامية ومفاهيم إسلامية مردّها ومرجعها قرون التفتتّ و الإفتراق و التقاتل والتباغض , وبدل أن نعود إلى إسلام الوحي الذي أوجد المنطلقات التي جئنا على ذكرها في بداية الحديث العدل وتقديس الروح الإنسانية و عدم جواز الإعتداء على الآخر , تغيرّت المنطلقات , وأصبح قتل المسلم جائزا لأنّه لا يؤدي الصلاة وإحراق وجه المرأة مباحا لأنها لا ترتدي الحجاب , و قتل الفرنسي أو الأمريكي مستساغا لأنّهما مسيحيان , و ما إلى ذلك , ولو كان المولى عزّ وجلّ يعامل خلقه بهذا المنطق لأبادهم من أول وهلة أوجدهم فيها , بينما إختار خطّ الإقناع والمحاججة و التبليغ الحكيم وأرسل لهذه المهمّة عشرات الآلاف من الأنبياء والرسل وكلفهم بفتح حوار طويل مع البشرية حول قضايا الوجود و ما بعد الوجود , وماهيّة الإنسان و الهدف السامي من إيجاده و ما إلى ذلك من التفاصيل .
وهذا ما يفسّر رفقة رسول الإسلام محمد بن عبد الله – ص - بمشركي قريش و العفو عنهم لدى فتح مكة و إحسانه للنصارى و مبادرته لمساعدتهم ماديّا وحياتيا , وحتى اليهود عاشوا في كنف دولته في المدينة المنورّة حياة كريمة قبل أن يبادروا إلى حركة سرية لتدمير المجتمع الإسلامي في الداخل الإسلامي فعوقبوا لتصرفاتهم لا ليهوديتهم .
إنّ إنحراف قطاع كبير من المسلمين عن مقاصد الشريعة الحقة و لجوئهم إلى التأويلات الناشئة في عصر الفتنة وإسقاطهم تلك التأويلات على واقعنا المعيش هو الذي ألحق الأذى الكبير بالإسلام وحولّه من دين حضاري إلى دين يصادر الحضارة .
والعجيب أنّ الذي يتيح لنفسه قتل المسلم أو غير المسلم لم يرق ولن يرقى إلى درجة الإجتهاد التي تتيح له صناعة الفتوى أو إستنباط الحكم الشرعي اللازم لمثل هذا الفعل أو ذاك , فمعظم الذين يقومون بأعمال عنف هم مثيقفو أشرطة لبعض الغلاة الذين يقدمون الإسلام على أنّه دين سيف وليس دين قلم , دين إمتهان الروح وليس دين تقديس الروح, دين صدام وليس دين حوار .
إنّ في القرآن الكريم أروع صور الحوار بين الله والشيطان , بين الله وآدم و بين الله وجميع أنبيائه , و إذا كان الحوار بين الله والإنسان جائزا بمنطق القرآن , فإنّ الحوار بين الإنسان والإنسان واجب بل أشدّ وجوبا . وما جئنا على ذكره لا يلغي مسؤولية العديد من السلطات العربية و الأجهزة الأمنية العربية في الترويج لإسلام القتل والذبح والتجاوزات حتى تبررّ إستمرار حالات الطوارئ , و تؤكّد أن إيديولوجيتها الإشتراكية أو البعثية أو الليبيرالية هيّ أولى بالإتبّاع من الإسلام الحضاري الذي ظلمه بنوه الذين حولوه إلى دكّان
للإرتزاق , ومصيبة الإسلام في واقعنا الراهن أنّه أبتلي بقلة الرجال الذين يرتقون إلى مستوى حضاريته , ولا يمكن للإسلام أن ينزل إلى مستوانا المنحّط , فإمّا أن نرتفع إلى مستواه فنعزّ ونرتفع , أو نبقى في الحضيض مع إسلام من صناعة أوهامنا وساعتها ماذا سنقول لرسول الإسلام – ص- عندما يسأل يوم القيامة قائلا : أمتي , أمتي
!!!!!