قطعان الطائفية!
يقال ان المرء قد يقضي معظم حياته وهو يعتقد إنما هو
يدافع عن أفكاره وقناعاته الخاصة. ثم يكتشف ذات يوم انه، إنما يدافع عن أفكار
ومعتقدات زرعها في عقله أناس اخرون.. لاشك ان نضوج الفكر الإنساني بما هو كائن
مفكر، قد لا يتحقق الا بمقدار تحرره من ثقافة الجماعة ،وبناء ذات مستقلة وحرة في
التفكير وتمتاز بالمناعة الذاتية التي تقيها من فيروسات الوسط الاجتماعي الذي يعيش
فيه. وخلاف ذلك سيكون انتماؤه للوسط كأنتماء باقي المخلوقات التي تنتمي انتماء
خَلقياً وليس أخلاقياً ولا فكرياً لابناء جنسها. قد يجد الكثير من البشر ان ثمة
شعور خفي او لنقل صراع خفي يتجلى حين يُخلّى بين الانسان وذاته العميقة،أوبينه
وبين وجدانه الفطري.
و من طبيعة هذا الشعور انه تواق
لأن يصبح (صاحب الشعور) مختلفا ومتميزاً عن القطيع. ولكنه لسبب او لآخر يجد نفسه
لايقوى على الهروب من سجن القطيع نظراً لطغيان القطيع وجبروته وقدرته على البطش
بكل من يحاول الخروج على الاعراف المستقرة والقوالب الجاهزة التي يسير بين
أفلاكها. فحقيقة الانسان إذن تكون بمقدار مقاومته لطغيان القطيع وخلوده الى طاقة
الله المتمثّلة في الروح،ثم طاقة الانسانية النقية المتمثّلة بالضمير الذي جعله تعالى
مقياس لمن يلجأ اليه لمعرفة صالح الأمور من طالحها.
وبما ان هذا المقياس قد علاه
غبار القطيع،فقد اضحى المجتمع العربي الاسلامي للأسف أشبه بالقطيع الذي يسير وفقاً
لرغبات راعي القطيع .. على ان الراعي هنا تارة يكون متمثلاً بالمشايخ من وعاظ
السلاطين، وتارة بالسلاطين أنفسهم، او بالقنوات الفضائية تارة ثالثة. وهكذا انتشر
فيروس الطائفية في جميع مفاصل الجسد العربي المسلم !! وهكذا..
اضحى حالنا في عالمنا
العربي،أينما تولي وجهك الا وتجد نفسك عرضة للسؤال الجاهز: هل انت سني ام شيعي؟!!!
هذا في الوقت الذي يعلم فيه السائل قول الحق تبارك وتعالى ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون